الطريق إلى أوروبا الجديدة
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

الطريق إلى أوروبا الجديدة

الطريق إلى أوروبا الجديدة

 لبنان اليوم -

الطريق إلى أوروبا الجديدة

عبد المنعم سعيد
بقلم - عبد المنعم سعيد

ما سوف يلي مأخوذ من مقدمة الفصل الخامس من كتاب هنري كيسنجر الأخير «القادة Leaders» المحتوي على 6 دراسات في الاستراتيجية العالمية. الفصل مخصص لرئيس وزراء سنغافورة الأشهر، لي كوان يو: «استراتيجية الامتياز». وعنوان المقدمة «زيارة إلى هارفارد»؛ حيث كانت قصة القائد السنغافوري في الجامعة الشهيرة بدءاً من 13 نوفمبر (تشرين الثاني) 1968، في إجازة لمدة شهر، بالمعنى الأكاديمي الذي يعطي للأساتذة فترة خارج الجامعة لتجديد دراساتهم، والقيام ببحوث جديدة.
كان ذلك هو ما ذكره الرجل الذي كان عمره وقتها 45 عاماً، والذي كان رئيساً لوزراء سنغافورة منذ عام 1959. كانت ذلك هو ما ذكره الرجل لصحيفة الطلبة «Harvard Crimson». وكان ذلك كافياً لكي تتم دعوة رئيس الوزراء الذي صار طالباً لشهر واحد، من قبل أعضاء «مركز ليتوار» بجامعة هارفارد الذي صار فيما بعد «مدرسة كينيدي لدراسة الحكومة».
كانت سنغافورة مستقلة حديثاً، ولم يكن هناك الكثير المعروف عن الرجل، ولكنه في الاجتماع طرح السؤال عن رأي الجماعة العلمية في حرب فيتنام الضارية في هذا الوقت. الجماعة الليبرالية بحكم تقاليد الجامعة العريقة راحت تدين الرئيس جونسون، واعتبره بعضهم «مجرم حرب»، وآخرون وصفوه بأنه «مختل عقلياً». وكان رد فعل كوان يو هو: «لقد جعلتموني أشعر بالقيء»؛ مشيراً إلى أن بلده الصغير في بقائه جزءاً من العالم، يعتمد على أميركا الواثقة بنفسها، ومن رسالتها في العالم بتقديم الأمن في مواجهة حركات العصابات الشيوعية المسلحة، والتي تحصل على المساعدات من الصين. وما تتطلع إليه سنغافورة هو المساعدة في تنمية موردها الاقتصادي الأساسي وهو «نوعية الشعب الذي لديه إمكانية التنمية»، وما لم يتم تركهم للعصابات الشيوعية أو الهيمنة الصينية.
بعد هذا اللقاء راح السنغافوري يبحث فيما يفيد رسالته، وينشر بين الأميركيين محاذيره في ذلك الوقت.
مضى زمن طويل على هذه الزيارة، وتغير العالم كثيراً. وأكثر ما تغير فيه -فيما يخصنا في هذا المقام- أمران: أولهما أن النموذج السنغافوري صار الطليعة في تنمية إقليم جنوب شرقي آسيا المشبع بالفقر والحروب الأهلية، نتج عنها نمور وفهود تنموية، ممثلة في كوريا الجنوبية وماليزيا والفلبين وتايلند وإندونيسيا وتايوان؛ وثانيهما أن الصين الشيوعية وفيتنام الشيوعية بعدها استفادت كثيراً من التجربة السنغافورية، واليابانية قبلها، في تحقيق معجزات تنموية لحقت بهؤلاء السابقين، وفي مجموعهما معاً تخرج أكثر من مليار نسمة من الفقر إلى الستر والغني، وصارت الدول مرفوعة القامة رفيعة المقام.
هذه التجربة الغنية لا تقل أهميتها بالنسبة لدول الإصلاح العربي الساعية لكي تكون أوروبا الجديدة في العالم، بحيث تحتاج بشدة -بالإضافة للتجربة الأوروبية- أن تطل بالدراسة والمعرفة المباشرة على ما جرى شرقنا، بقدر اهتمامنا بما جرى في الغرب.
تلك الحالة من الفوران الكبير في دول شرق وجنوب شرقي آسيا، دارت في المدارين الصيني والياباني في عصور قديمة؛ ثم دخلت عليها نوبات الاستعمار الفرنسي والبريطاني والهولندي، والحروب العالمية، وكل حالات الفقر والوباء والمجاعة.
الأمثلة اليابانية والصينية في التقدم وبناء الإنسان كثيرة، ولكن آخر ما لفت الأنظار قادماً من المنطقة كان استعداد كوريا الجنوبية لاستعمار القمر.
وظلت التجربة الفيتنامية حاضرة ومُلِحَّة في الأذهان لفترة طويلة، وكان النضال الفيتنامي ملهماً، ولكن ما هو مناسب هو دروس انتقال فيتنام من صفوف الدول النامية إلى قلب الدول البازغة؛ وعندما وصلت صادراتها إلى أكثر من 264 مليار دولار سنوياً، فإن «التجربة النضالية» كانت في البناء والتعمير، وجنباً إلى جنب مع بناء الإنسان الفيتنامي، لكي يتناسب مع دولة متقدمة مثل تلك التي قامت في كوريا الجنوبية من قبل.
وفي العام السابق الذي غطت فيه مخاطر الحرب الأوكرانية العالم كله بالتضخم والسوءات الاقتصادية؛ فإن فيتنام حققت ما هو أكثر من 8 في المائة معدلاً للنمو.
ليس معنى ذلك أن نهمل التجربة الغربية، فلا زلت أذكر خلال دراستي في الولايات المتحدة أن جرت المناقشة مع زميل بريطاني حول أسباب التخلف في الدول النامية، والغنى والتقدم في الدول الغربية. وقتها كنت لا زلت متأثراً بكثير من التفسيرات التي جعلت التخلف العربي راجعاً للاستعمار والتقسيم الذي قام به لبلادنا؛ وعندما عددت ذلك انتفض الزميل لافتاً النظر إلى أن الجزء الأكبر من عوامل التقدم الغربي يرجع للتضحيات الكبرى من الأطفال والنساء، خلال التعامل مع الثورة الصناعية الأولى، وما تلاها من ثورات صناعية. وقتها جاء إلى العقل ما سبقت قراءته في روايات تشارلز ديكنز: «أوليفر تويست»، و«ديفيد كوبرفيلد»، وغيرهما، من بؤس وشقاء.
وإذا كان ذلك قد حدث في بريطانيا، فإن البؤس وقتها لم يستثنِ لا فرنسا ولا ألمانيا، وكانت النتيجة في حربين عالميتين قاسية.
ما يهمنا هنا أن التجربة العربية الإصلاحية الجديدة يمكنها -وهي المنتمية إلى من يُسَمَّون في علوم التنمية «القادمون الجدد»؛ حيث نأتي إلى آخر ما وصل إليه العلم والتطورات التكنولوجية في العالم- أن تستفيد من مساحة كبيرة من التجارب.
التجربة العربية ذاتها تشير إلى أن ما حققته مدينة واحدة مثل دبي، ومن ورائها دولة الإمارات العربية المتحدة، يُعد إلهاماً ونموذجاً لدول الخليج؛ ومن قبلها كانت التجربة المصرية في التحديث، خلال القرن التاسع عشر والنصف الأول من القرن العشرين، مهمة للدول العربية الأخرى في لحظة الاستقلال وبعدها مباشرة.
الآن تقوم السعودية برفع شعار «أوروبا الجديدة» في المنطقة، مصاحباً بأكثر التجارب الإصلاحية توسعاً وشمولاً، ومعها دول الإصلاح العربي الأخرى في مصر والأردن والمغرب.
هذه الدول جميعها بعد أن قامت بالمهمة «التأسيسية» للدولة الوطنية، وتحديث البنية الأساسية، والسعي نحو تجديد الخطاب الديني، والشروع في مشروعات عملاقة للتغيير الاقتصادي والاجتماعي؛ فإنها الآن في حاجة ماسة؛ ليس فقط للاستعانة بالتجربة الآسيوية في التنمية، وإنما أكثر من ذلك التعلم منها. فالحقيقة هي أن جل معاهدنا العلمية وجامعاتنا نبت من رحم التجربة الأوروبية، وما تركه لنا الآباء المؤسسون للدولة العربية الحديثة، قام على أكتاف البعثات العلمية التي ذهبت إلى أوروبا أولاً، ومؤخراً في النصف الثاني من القرن العشرين إلى الولايات المتحدة وكندا. كل ذلك لا بأس به، وكان مفيداً خلال المراحل الماضية للتنمية منذ الاستقلال وإقامة الدولة.
الآن فإن مشروع «أوروبا الجديدة» عليه أن يبدأ طريقه؛ ليس فقط ببعثة مؤقتة إلى «هارفارد» وإنما ببعثات إلى العواصم الآسيوية المختلفة. أكثر من ذلك فإن شبكة من مركز البحوث العربية الاستراتيجية بات عليها؛ ليس فقط الاهتمام بالعالم غرباً وشرقاً، وإنما أكثر من ذلك متابعة مسار المشروعات الوطنية الحالية، والتي من خلالها يمكن أن تقوم «إقليمية» عربية جديدة، تأخذ العرب إلى الصفوف الأولى للعالم. فإذا كان العالم فعلاً يتغير، والموسيقى تعزف للعبة الكراسي، فإنه عندما يتوقف النفير سوف نجد المقاعد المريحة التي نجلس عليها.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الطريق إلى أوروبا الجديدة الطريق إلى أوروبا الجديدة



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon