إسرائيل أمام المرآة

إسرائيل أمام المرآة

إسرائيل أمام المرآة

 لبنان اليوم -

إسرائيل أمام المرآة

طلال عوكل
بقلم - طلال عوكل

تبدو الدعوات التي صدرت عن نتنياهو وتكتله اليميني بشأن تشكيل حكومة وحدة وطنية وكأنها محاولة لإقفال الطريق أمام مثل هذه الحكومة ولإحراج "أزرق - أبيض" أمام الإرباك الشديد الذي يجتاح إسرائيل بسبب انتشار فيروس كورونا.

بعد أن حصل نتنياهو على موافقة المحاكم بتأجيل موعد محاكمته وقد حصل ذلك أيضاً تحت ضغط الظروف الطارئة الناتجة عن "كورونا"، يحاول أن يستثمر الوقت للعثور على وصفة لإنقاذ مستقبله السياسي. يملك رئيس الحكومة المتهم بثلاثة ملفات فساد قدرات عجيبة على المناورة والتضليل والتهرب ونصب الأفخاخ، ووضع خصومه في زوايا حرجة وفي مواجهة خيارات صعبة.
لم يكن أمام الرئيس الإسرائيلي ريفيلين إلا أن يكلف بيني غانتس تشكيل حكومة بعد أن حصل الأخير على توصية 61 عضو كنيست، لكن غانتس ضعيف التجربة لا يعرف الطريق إلى النجاح، ويبدو أن مهمته محكومة بالفشل.
كان من المفاجئ أن يرفع ليبرمان اعتراضه على مشاركة النواب العرب إن كان بصورة مباشرة أو غير مباشرة، أو حتى ان يتم الاعتماد على أصواتهم لمنح غانتس الأولوية بتشكيل الحكومة، لكن من المعلوم أن الرجلين يسعيان فقط لتحقيق هدف واحد وهو إسقاط نتنياهو وأنهما لا يؤمنان أبداً بالشراكة مع النواب العرب.
البحث عن الشراكة مع العرب لا يقوم على مبادئ واستراتيجيات وقناعات ولا يعكس حرص هؤلاء على تغيير الطابع العنصري للدولة، أو حماية ما يسمى الديمقراطية، ما يعني أن أي صيغة تؤدي إلى تشكيل حكومة بشبكة أمان عربية من غير المقدر لها أن تستقر حتى لأشهر قليلة، إذ سيعود كل شيء إلى أصوله.
في الطريق لإقفال السبل أمام نتنياهو، يسعى كل من "أزرق - أبيض" و"إسرائيل بيتنا" لتقديم مشاريع قرارات تضع حداً زمنياً لولاية رئيس الحكومة ولمنع أي مسؤول متهم بملفات جنائية من أن يحظى بتشكيل حكومة، فضلاً عن إبعاد نتنياهو عن مواصلة إدارة حكومة انتقالية.
وبموازاة ذلك، يحاول غانتس وليبرمان إقامة اتصالات مع بينيت و"شاس" و"يهدوت هاتوراة" لتفكيك التكتل اليميني وإغراء هؤلاء بالمشاركة في حكومة وحدة وطنية، لكن الردود جاءت سلبية وتدل على ضعف الخبرة، ما يعكس وحدة كتلة اليمين خلف نتنياهو.
الأوضاع باتت معقدة إلى حدود لا يبدو معها أن ثمة مخرجاً أو وصفةً لتشكيل حكومة وعدم الذهاب إلى انتخابات رابعة. في المقابل، ولإبطال مفعول مشاريع قرارات غانتس وليبرمان للكنيست، يتقدم رئيس كتلة "الليكود" ميكي زوهر بمشروعي قانون، الأول لضم غور الأردن وشمال البحر الميت، والثاني لفرض عقوبة الإعدام على منفذي العمليات الفلسطينيين.
من شأن هذه الصواريخ التي يطلقها أو يهدد بإطلاقها "الليكود" أن تفرض على غانتس وليبرمان التراجع عن تقديم مشاريع القرارات التي تستهدف نتنياهو، وهما إن فعلا ذلك فإن مشاريع قرارات "الليكود" من شأنها أن تنسف الأغلبية التي حصل عليها غانتس لتشكيل حكومة.
تتسبب مشاريع القرارات الليكودية في دفع غانتس وحلفائه إلى حافة الهاوية، فهم إن رفضوا التصويت لصالح تلك المشاريع فإنهم يكونون قد انقلبوا على السياسة التي يتبنونها عن قناعة عميقة. غانتس كما ليبرمان رحبا بصفقة القرن وأعلنا التزامهما بضم غور الأردن وهما ينتميان إلى اليمين المتطرف، ولا يمكن أن يضعا أحزابهما في موقع ميرتس، ولذلك فإن المتوقع أن يفضلا التصويت على مشاريع قرارات الضم، حتى لو أن ذلك سيؤدي إلى فرط العلاقة مع القائمة المشتركة.
الملاحظ هنا مدى أهمية الحجم الذي حصلت عليه القائمة المشتركة ومدى تأثيرها في المشهد السياسي الإسرائيلي، حتى لو أنها تساهلت في شروطها لدعم غانتس لجهة تشكيل الحكومة، فإنها بالتأكيد ستقاتل ضد مشاريع القرارات الليكودية.
هل يتراجع "الليكود" أم أنه سيواصل ممارسة الضغط الشديد على الطرف الآخر لإجباره إما على قبول تشكيل حكومة وحدة مع اليمين برئاسة نتنياهو وبالتناوب معه ووفق شروطه، أم أن الطرفين سيتوصلان إلى مساومة ينتج عنها التوقف عن تقديم مشاريع القرارات، حتى يبقى خيار وحيد وهو الذهاب إلى انتخابات رابعة؟
في الحالتين، نتنياهو هو الرابح، ذلك أن انتخابات رابعة تمنحه فرصة من الوقت لاختلاق طريقة تنقذ مستقبله السياسي وتبقيه على رأس الحكومة إلى ما بعد الانتخابات المقبلة، وهو رابح في حال ألحق الهزيمة بغانتس وتحالفه وأرغمه على الدخول في حكومة وحدة مع تكتل اليمين برئاسة نتنياهو.
غير أن إمكانية تشكيل حكومة وحدة كما يريدها نتنياهو، من شأنها أن تقوض رصيد خصومه الذين استندت دعايتهم الانتخابية على التحريض بالفساد، طالما أنهم على ذات الأرضية السياسية. في هذه الأثناء، يجند كل طرف كل إمكانياته في توجيه الاتهامات الصعبة للآخر، فـ"الليكود" يتهم "أزرق - أبيض" بالتخلي عن الدولة كدولة يهودية ديمقراطية، أما الطرف الآخر فيتهم "الليكود" بإدارة نظام ديكتاتوري يقضي على الديمقراطية.
والحال أن الطرفين يعترفان من خلال ما يصدر من اتهامات بأن إسرائيل لا يمكن أن تكون دولة ديمقراطية طالما أنها تختار الهوية اليهودية. الحراك السياسي الداخلي في إسرائيل مفتوح على مزيد من الوقت ومزيد من الصراعات والانهيارات الأخلاقية والقيمية والسياسية، والمهم أن يدرك الفلسطينيون كيف يمكن أن يفعّلوا دورهم في الحياة السياسية لمجابهة وإفشال المخططات التوسعية الصهيونية ومقاومة كل محاولات إقصائهم

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إسرائيل أمام المرآة إسرائيل أمام المرآة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon