بقلم: سليمان جودة
لا تزال المصرية نعمت شفيق تنتقل من نجاح إلى نجاح، ولا بد أن نمسك الخشب ونحن نقرأ أنها انتقلت مؤخرًا إلى رئاسة جامعة كولومبيا الشهيرة فى نيويورك، وأن هذه هى المرة الأولى فى تاريخ الجامعة التى لم ترأسها امرأة من قبل.
أما اسم الشهرة لنعمت شفيق فى الخارج فهو «مينوش».. وقبل أن تعرض عليها جامعة كولومبيا هذا المنصب الجديد، كانت تدير كلية لندن للاقتصاد، وقبل الكلية كانت تتولى موقع نائب رئيس البنك المركزى الإنجليزى الشهير ببنك إنجلترا.
ومن قبل هذا كله، كانت فى الولايات المتحدة الأمريكية، وكانت لا تغادر مؤسسة اقتصادية كبيرة إلا لتستقر فى مؤسسة أكبر منها.
ولا نتمنى شيئًا، ونحن نتابع هذه المسيرة الممتدة، إلا أن يكون لبلدها نصيب فى هذا النجاح، وإلا أن تكون مصر على خريطة الحركة بالنسبة لها.. وقد كانت مينوش نفسها هى التى سبقت فى السنة الماضية وقالت ما يجعل لكل بلد نصيبًا فى نجاح أى واحد من أبنائه.
كانت قد قالت فى حديث لها مع صحيفة الجارديان البريطانية إن الشخص قد ينجح لذكاء خاص يتمتع به، وقد ينجح لمجهود كبير يبذله فى مجال عمله، وقد ينجح بسبب حظ حالفه على طول الطريق.. قد ينجح الشخص لهذه الأسباب مجتمعة.
وقد ينجح لسبب واحد منها، ولكنه فى كل الأحوال لا يمكن أن ينكر أن جزءًا من نجاحه راجع إلى مجتمعه الذى نشأ فيه، أو بلده الذى تعلم فيه، أو أرضه التى عمل ثم نجح فيها، وأنه لا بد أن يتصرف بطريقة تقول عمليًا إنه معترف بفضل بلاده عليه.
صحيح أن الجزء الأكبر من مسيرتها كان خارج مصر، وصحيح أن نجاحها كان بعيدًا عن المحروسة، ولكن هذا لا ينفى أن لنا حصة فى نجاحها، وأن هذه الحصة قد تكون بحكم الجينات المصرية التى تحملها ولا تفارقها، أو حتى بحكم أنها لا تحط فى أى موقع عمل جديد إلا ويُشار إلى مصريتها.
إن الدول لا تنجح إلا بمثل عقل نعمت شفيق، ولا تقطع المجتمعات خطوات إلى الأمام إلا وهى مشدودة بالعقول المتعلمة والمستنيرة معًا.. وقد عاشت مينوش تتحرك بين مؤسسات اقتصادية وتحقق نجاحًا فيها، ولم يجد البنك المركزى الإنجليزى حرجًا فى أن تتبوأ موقع الرجل الثانى فيه، رغم أنها ليست إنجليزية، لأنه كان يتطلع إلى عقلها لا إلى جنسيتها.