بقلم : سليمان جودة
من المفارقات أن المبادرة التي تحمل اسم «١٠٠ مليون صحة» ويرعاها الرئيس، بهدف إعلان مصر خاليةً من فيروس سى هذا العام، تقابلها مبادرة في السعودية هذه الأيام.. ولكنها هناك من نوع مختلف!.
المبادرة في الرياض تتبناها الإدارة العامة للمرور، وتهدف إلى إعلان عدد من المدن السعودية خاليةً تمامًا من حوادث المرور!.. والفارق أن هذه المبادرة ستتم على الأرض بعد خمس سنوات من الآن، وبالتحديد في ٢٠٢٥، وستبدأ بمدينتين إحداهما مدينة الجبيل على الخليج في أقصى شرق المملكة، والأخرى هي مدينة ينبع على البحر الأحمر في أقصى غرب البلاد!.
أما أدوات تحقيق المبادرة فهى كثيرة، ولكن الأساس سيكون أداتين اثنتين: ضبط مرورى صارم.. وغرامات مرورية رادعة!.
وكان اجتماع مجلس الوزراء قد شهد الأربعاء قبل الماضى توقيع اتفاقية بين وزارتى النقل والتنمية المحلية، قيمتها ٢ مليار جنيه.. أما موضوعها فهو الطرق الداخلية في ١٢ محافظة، وأما التزاماتها فهى ثلاثة: رصف هذه الطرق، وصيانتها، ورفع كفاءتها!.
والحقيقة أن ما تم في اجتماع المجلس ربما يكون هو الخطوة الجادة الأولى في اتجاه أن يكون عندنا ذات يوم مدينة جبيل مصرية، وأيضًا مدينة ينبع مصرية.. فالشبكة القومية للطرق التي تعهد الرئيس بتنفيذها في برنامج الترشح قبل الفترة الرئاسية الأولى شىء، بينما الطرق الداخلية التي ستتولاها الوزارتان في الاتفاقية بينهما شىء آخر مغاير!.
وسوف يكون شيئًا عظيمًا أن ترسل إدارة مرورنا إلى الإدارة المماثلة في السعودية فتطلب ملامح التجربة التي يجرى الاستعداد لها سعوديًا قبل خمس سنوات من تجسيدها عمليًا.. فأرواح الناس تستحق.. والإدارة في السعودية الشقيقة لن تبخل علينا بما يخفف من وطأة ما نطالعه يوميًا عن حوادث الطرق!.
وحتى دون أن نرسل ونطلب ونسأل.. فالضبط المرورى الصارم الذي أعلنوا عنه يكفى، إذا طبقناه بحزم وحسم.. والغرامات المرورية الرادعة ستكون مكملة، إذا طبقناها بالحزم نفسه والحسم نفسه.. وما نتابعه على الطرق في المحافظات مقلق ويدعونا إلى ذلك بسرعة وقوة!.
أتطلع إلى يوم تخرج علينا فيه إدارة مرور في محافظة بعيدة عن القاهرة فتعلن أنها اختارت المدينة الفلانية في المحافظة لتكون مدينة خالية من الحوادث.. عندها ستكون هذه تجربة نسعى إلى تعميمها، لأن المواطن الذي يتحرك داخل محافظته إنسان، ولأن من حقه أن يمشى على طريق آدمى، ومن واجب الحكومة ومسؤوليتها أن تحفظ حياته في كل الحالات!.