بقلم : سليمان جودة
فى يوم واحد تقريبًا، قرأت خبرين عن موضوع واحد، كان الموضوع هو ملف الثروة المعدنية فى مصر والسعودية، وكان الوزيران المسؤولان فى البلدين يتحدثان عن طموح كبير فى مستقبل الملفين، على مستوى الاقتصاد الوطنى هنا.. وهناك!
كان المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، يتحدث فى اجتماع، دعا قيادات الوزارة إليه، عن أن اهتمام الدولة بالثروة المعدنية قد وجد ترجمة عملية، بتعيين نائب للوزير لهذه الثروة بالذات، هو المهندس علاء خشب، وكان الوزير يتحدث عن أن لدى بلدنا ثروات معدنية مؤهلة لأن توضع على خريطة الدخل الوطنى بقوة، وأن هذه هى مهمته فى الفترة القادمة!
وكان بندر الخُريّف.. الوزير المماثل فى الرياض.. يتكلم فى المقابل عن أن رؤية 2030 فى بلاده اعتمدت الصناعة والتعدين خيارين استراتيجيين لتنويع الاقتصاد الوطنى، وأن المستثمر لن يأتى ليضع أمواله فى هذا الميدان إلا إذا توافرت أمامه مقومات محددة، وأن هذه المقومات هى معلومات تفصيلية عن الثروة المعدنية، ومعلومات جيولوجية دقيقة حولها!.. وكان يقول إن الحكومة فى الرياض اعتمدت 2 مليار ريال لإجراء مسح جيولوجى شامل، سوف يشمل 700 مليون متر مربع.. وهى مساحة تساوى ثلث المملكة!
وأعتقد أننا مدعوون إلى التعامل مع ثروتنا المعدنية من خلال إطار مشابه.. ولابد أن أول خطوة فى هذا الاتجاه أن ننتبه دائمًا إلى أن المهندس «الملا» وزير للبترول.. هذا صحيح.. ولكنه أيضًا وزير للثروة المعدنية.. فكثيرًا ما يختفى الشق الثانى من اسم الوزارة فى وسائل الإعلام، وكثيرًا ما يُقال إن الوزير هو وزير البترول وفقط.. وسواء كان ذلك عن سهو أو عن تكاسل، فهو لا يجوز أن يتكرر لأن ترسيخ المسمى كاملًا فى أذهان الناس هو بداية الطريق لمنح ثروتنا المعدنية ما تستحقه من اهتمام!
والخطوة الثانية أن نخطط لمسح شامل من نوع المسح الذى خططت له السعودية، وخصصت له ميزانيته.. فأهمية هذه الخطوة ليست فقط فى الكشف عن حجم ما فى باطن أرضنا من ثروة، بخلاف البترول والغاز، ولكن أهميتها هى فى تمهيد السبيل أمام كل مستثمر يرغب فى المجىء، بكل ما يرتبط بمجيئه من إتاحة فرص عمل!
إننى أتطلع إلى يوم تكون فيه ثروتنا المعدنية مصدرًا أساسيًا للدخل من العُملة الصعبة، شأنها شأن السياحة، وقناة السويس، وتحويلات المصريين!
وإذا كان تعيين نائب الوزير هو البداية، فالطريق طويل، ولكن المهم أن تتراكم الخطوات على امتداده، وأن ندرك أن التنقيب عن البترول والغاز يمثل مهمة واحدة للوزير، وأن له مهمة أخرى موازية ليست أقل أهمية من النفط.. ولا من الغاز.. ولأن مساحة مصر نصف مساحة السعودية تقريبًا، فربما يكون الرجل فى حاجة إلى مليار جنيه يمسح بها ثلث مساحتنا مسحًا مماثلًا.. فالعائد المُتوقَّع يستحق!