بقلم: سليمان جودة
لا يتوقف الحديث فى الأوساط الاقتصادية هذه الأيام عن «الأموال الساخنة» التى تتنقل من بلد إلى بلد جريًا وراء نسبة أعلى من الفائدة!.. ومعروف أنها أموال يبحث أصحابها عن توظيفها للمجىء بأكبر ربح ممكن، سواء كان التوظيف فى صورة أذون خزانة أو فى صورة سندات!. وفى الأسابيع القليلة الماضية رفعت الولايات المتحدة الأمريكية نسبة الفائدة على الدولار مرتين، ولم يكن أمام مثل هذه الأموال إلا أن تتوجه إلى هناك.. وإذا كان جيروم باول، محافظ الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى، قد قال قبل ساعات إن مثل هذا الرفع يمكن أن يتكرر مرتين فى الفترة المقبلة، فمعنى هذا أن المزيد من الأموال الساخنة سوف يواصل الذهاب إلى بنوك أمريكا لهثًا وراء ما يتحدث عنه الرجل!. وهذا طبيعى، كما أنه يحدث على امتداد العالم، ولا ينحصر داخل منطقة أو دولة بعينها.. وفى وقت من الأوقات كانت أموال ساخنة كثيرة قد ذهبت إلى بيروت ثم خرجت منها، وفى مرحلة قريبة جاءت إلى القاهرة ثم غادرتها مؤخرًا بمليارات الدولارات إلى البنوك الأمريكية!. وهى لم تذهب إلى البنوك الأمريكية لمجرد أنها بنوك أمريكية، ولكن لأن معدل الفائدة فيها أصبح أعلى بعد أن كان بالسالب لوقت طويل!.
وتظل الأموال الساخنة سندًا للاحتياطى الأجنبي في البنك المركزي، فإذا غادرت فجأة إلى الولايات المتحدة أو غيرها، فإن ذلك يكون له تأثيره الاقتصادى بوجه عام، والنقدى بشكل خاص.. وليس ما طرأ على سعر الجنيه في الفترة الأخيرة سوى وجه من وجوه هذا التأثير!. لم تشأ دول كثيرة أن تقف صامتة أمام خطوات الأموال الساخنة غير المتوقعة فى الكثير من الأحيان، وكانت البرازيل على سبيل المثال من بين هذه الدول، فألزمت الأموال من هذا النوع بالبقاء داخل الأراضى البرازيلية ثلاث سنوات على الأقل، وأبلغت صاحب أى مال ساخن بأنه إذا فكر فى مغادرة البلاد قبل ثلاث سنوات، فإن عليه أن يسدد ٢٠٪ ضرائب عن الأرباح التى حققها خلال الفترة من دخوله إلى خروجه!.ولابد أن هذه قسمة عادلة لأنه ليس من المعقول أن تأتى ثم تغادر دون سابق إنذار، تاركًا الاحتياطى الأجنبى وراءك فى حالة من حالات الانكشاف!.