بقلم: سليمان جودة
لا تخلو صلاة العيد من احتشاد واضح للمصلين فى كل سنة، ولم يحدث أن غاب المصريون عن الاحتشاد بالآلاف فى الميادين كلما دار العام دورته، وكلما جاء عيد الفطر أو عيد الأضحى، إلا فى العامين الماضيين تحت ضغط أجواء ڤيروس كورونا!.
وفى كل سنة كانت الصحف تنشر الصور الحاشدة فى صدر صفحاتها الأولى، ولم يكن أحد يتوقف عندها كثيرًا بحكم الاعتياد عليها!.
ولكن ما حدث هذه السنة مختلف.. فما كاد المواطنون ينتهون من صلاتهم، حتى اكتشفوا أن صورهم الممتلئة بهم تملأ مواقع التواصل الاجتماعى.. وهى لم تملأها وتتوقف عند هذا الحد، ولكنها صادفت كثيرين ممن علقوا عليها من زاوية محددة، وكانت الزاوية المحددة هى أن احتشاد الآلاف فى الصورة المختلفة مسألة مقصودة، وأنها لا تخلو من معنى سياسى، وأنها نوع من الرد المباشر على محاولات وزير الأوقاف وضع ضوابط محددة لصلاة العيد ومعها صلاة التهجد فى نهاية رمضان!.
والأمر قد يكون هكذا.. أقول قد.. وهذا لو صح فإنه يظل جزءًا من الموضوع لا الموضوع كله، لأن إظهار الصور المزدحمة بالناس، سواء فى القاهرة أو فى المحافظات، على أنها رأى فى سياسات الحكومة أو وزير الأوقاف وفقط، هو تحميل للصور بأكثر مما تحتمل، وهو توظيف لها لتقول شيئًا بعينه، وهو تسييس واضح للصور!... أما الغرض فهو معروف ولا يخفى على أحد!.
تقديرى أن مصريين كثيرين ممن ملأوا أركان الصور ذهبوا لصلاة العيد من أجل صلاة العيد فى حد ذاتها.. لقد ذهبوا دون أن يكون فى ذهن أحد منهم أن يحتج على سياسة الوزير، ودون أن يكون فى عقل واحد منهم أن يقول شيئًا بذهابه سوى أنه ذاهب ليصلى، وسوى أنه يحرص على طقس من الطقوس المستقرة فى وجدان المصريين.. وما عدا ذلك لا أظن أنه كان له وجود إلا فى نوايا الذين شيروا الصور ونشطوا فى ذلك بشكل واضح للغاية!.
والشىء الآخر أن غياب صلاة العيد لعامين تقريبًا دفع آلافًا من المواطنين إلى الحرص على أدائها، وكان ذلك ظنًا منهم أنهم يعوضون تقصير سنتين، مع أن عدم إقامة صلاة العيد فى السنتين الماضيتين كان خارجًا عن إرادة الجميع، ولم يكن للحكومة دخل فيه ولا للوزير!.
ثم إن هذا الاحتشاد الذى رأيناه شكلًا من أشكال التدين لدى المصريين، بصرف النظر تمامًا عما إذا كان فى غالبيته تدينًا حقيقيًا أم كان مظهرًا بلا مضمون فى حياة الناس!!.