بقلم: سليمان جودة
سمعت من الدكتور عبدالمنعم عمارة أنه زرع ١٠٠ ألف شجرة في الإسماعيلية وقت أن كان محافظًا لها، وأنه دعا شباب المحافظة إلى زراعتها، وأشرك معهم شبابًا من شتى المحافظات، وأنه فعل ذلك على مساحة يصل طولها إلى كيلومترين، وأن الإسماعيلاوية سموها «الغابة»، وفرحوا بها جدًّا، وأنهم لا يزالون يجدون فيها متنفسًا يحصلون منه على الهواء النقى!.
وهذا يدل على أن مبادرة «١٠٠ مليون شجرة»، التي دعوت إليها من هذا المكان، وتمنيت لو تحظى بدعم رئاسى لتكون على غرار مبادرة «١٠٠ مليون صحة»، إنما هي مسألة ممكنة.. وستكون ممكنة أكثر لو اشتغل كل محافظ في محافظته بالروح التي كان الدكتور عمارة يتحرك بها في الإسماعيلية!.
والطريف أن محافظًا آخر جاء فيما بعد، ففكر في إزالة الغابة وبناء مساكن في مكانها، لولا أنه سمع من الدكتور زكريا عزمى وقتها ما جعله ينسى ما كان يفكر فيه!.
وفى رسالة من السفير طارق عادل، سفيرنا السابق في لندن، يقول إن مبادرة ١٠٠ مليون شجرة تستحق اهتمام الدولة، وإن الشروع في تحويلها إلى واقع في حياة الناس يمكن أن يكون داعمًا لنا في موضوع سد النهضة، فالعالم كله يتجه إلى مقاومة التغيرات المناخية، التي لا تستثنى بلدًا في أنحاء الكوكب، وعندما تتحدث مصر في قضية السد وهى ذاهبة إلى زراعة ١٠٠ مليون شجرة، فلابد أن الموضوع سيختلف، ولابد أن حماس العالم الذي يكتوى بالتغيرات في المناخ سيكون حماسًا من نوع آخر!.
والأستاذ محمود الطنب أرسل لى ما أذاعته قناة سى إن بى سى، عن أن الصين ستزرع ٧٠ تريليون شجرة مع حلول عام ٢٠٣٠، وأن ذلك بهدف تحويل الأرض إلى كوكب أخضر!.
والحقيقة أن هذا أقل ما يجب على الحكومة الصينية أن تفعله لأن الإحصاءات الأممية المعلنة تقول إن الصين تتسبب وحدها في ٣٠٪ من التلوث المسبب لتغيرات المناخ في العالم.. وفى المقابل فإن نصيب قارة إفريقيا كلها لا يتجاوز ثلاثة في المائة!.
ولو تحلى كل محافظ في مكانه بالمسؤولية الواجبة عليه في هذا الملف، ولو تصرف كما كان عبدالمنعم عمارة يتصرف، فسوف تكون مبادرة «١٠٠ مليون شجرة» سهلة، وسوف تكون الخُضرة هي الغالبة على أرضنا، وسوف يكون ذلك مما يميز بلدنا، وسوف تكون في كل محافظة، بل في كل مدينة، غابة واسعة هي حق لكل مواطن.. ولابد أن غابة كهذه هي واجب على الدولة تجاه مواطنيها لأنه لا يمكن الحديث عن صحة عامة للناس دون أن تكون الشجرة في أهمية الرغيف!.