بقلم : سليمان جودة
ما أفترضه في منظمة دولية كبيرة مثل منظمة الصحة العالمية، أن تكون الأولوية لديها في أجواء الوباء قضية واضحة تماماً، وأن تكون هذه الأولوية هي ضخ التفاؤل بين البشر، لا العكس، وأن يكون هذا كله واصلاً بقوة إلى كل الناس!. ولكن العكس مع الأسف يبدو أنه هو الحاصل!
وقد بدا ذلك في أكثر من موقف على مستواها، وعلى مستوى الطريقة التي تتعامل بها مع ڤيروس كورونا منذ بدأ يزحف وينتشر.. ولكن موقفها مع الطبيب الإيطالى ألبرتو زانجريلو قبل أيام، هو الموقف الأحدث ضمن سلسلة مواقفها في هذا الاتجاه، ولن يكون الأخير في الغالب قياساً على ما سبق!
الطبيب ألبرتو يدير مستشفى سان رافاييل في مدينة ميلانو شمال إيطاليا، وهو اسم بارز بين الأطباء في بلده، وقد أخذ عدداً من المسحات من مصابين مؤخراً، وتبين له عند المقارنة بينها وبين مسحات أخرى جرى أخذها عند بدء ظهور الڤيروس وانتشاره، أن كورونا يفقد قوته يوماً بعد يوم، وأنه اليوم ليس بالقوة التي كان عليها في بداياته، وأنه صار أقل فتكاً!
وقد خرج الرجل وأعلن ذلك على الإيطاليين وعلى العالم، وكان يعلن ما يعلنه بوصفه طبيباً يعرف حدود ما يتكلم فيه، وكان يعلنه بغرض تخفيف وطأة كورونا وأيامه على الناس، وكان يعلن أن دليله على صحة ما يقول هو كذا وكذا، وأنه طبيب يتحدث في أمور الطب!
ولكن هذا لم يعجب منظمة الصحة العالمية، فخرجت ماريا فان كير خوفى، مسؤولة الأوبئة في المنظمة، تنفى ما قاله كلياً وتحذر من الأخذ به أو الاعتقاد فيه، وتقول إنه مجرد كلام لا يوجد عليه دليل علمى!
وكان واضحاً أن كلام الرجل قد استنفر المنظمة كما لم يستنفرها شىء، رغم أن موضوعات كثيرة حولها وحولنا كانت أولى وأجدى بهذا الاستنفار المفاجئ، الذي كادت المنظمة من خلاله تطلب محاكمة الطبيب، لمجرد أنه عثر على شىء يدعو للتفاؤل وسط هذه الأجواء الكئيبة!
ولم يكن الرجل يدعو إلى التراخى في مواجهة الوباء، ولا كان يقلل من ضرورة الانتباه في معركة البشر معه، ولا كان يرى فيه ڤيروساً عديم الشأن، ولكنه كان فقط يبشر بأن الانتصار عليه ممكن جداً، وأننا لسنا بهذا الضعف في مواجهته، وأنه ليس بهذه القوة في مواجهتنا!
ولكن هذا كله لم يعجب الذين في المنظمة، فحشدت كل أسلحتها للرد على الطبيب، والتقليل من أهمية ما يقول، وكأن مهمتها هي بث الخوف لا الأمل بين الناس، أو كأن نشر الرعب على مستوى العالم مهمة أولى لها!.. أو كأنها كانت دون أن تدرى تؤكد سوء ظن ترامب المتكرر بها.. وكذلك سوء ظن كثيرين بخلاف ترامب يجدون صعوبة في فهم طبيعة الدور الذي تقوم به هذه الأيام!.