قضية أتلفها الهوى
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

قضية أتلفها الهوى!

قضية أتلفها الهوى!

 لبنان اليوم -

قضية أتلفها الهوى

بقلم - سليمان جودة

عادت قضية حقوق الإنسان إلى الظهور في المنطقة من جديد، وكانت عودتها متوقعة مع مجيء الديمقراطيين إلى البيت الأبيض في العشرين من الشهر قبل الماضي.
كانت متوقعة لأنها كانت أداة واضحة من بين أدواتهم في الحكم، وكان ذلك وقت أن قضوا ثمانية أعوام في السلطة مع إدارة الرئيس أوباما من 2008 إلى 2016، وكانوا طوال تلك السنوات الثماني لا يتوقفون عن إثارة هذه القضية، كلما كان عليهم أن يخاطبوا عاصمة مهمة من عواصم المنطقة. كانوا يثيرونها باستمرار ليس عن إيمان حقيقي بها كما قد يتصور أصحاب النيات الطيبة بيننا، ولكن عن رغبة في ممارسة أنواع من الضغوط على حكومات بعينها في الشرق الأوسط.
ويمكن رصد هذه العودة في ملمحين اثنين؛ أحدهما الاتصال الهاتفي الذي جرى بين أنتوني بلينكن، وزير الخارجية الأميركي، وسامح شكري، وزير الخارجية المصري، وثانيهما تقرير الاستخبارات الذي جرى نشره عن مقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي!
في المرتين كان العنوان هو حقوق الإنسان، وكانت تحت العنوان تفاصيل، وكانت «الرسالة» أن المكالمة بين الوزيرين دليل على ذلك، وكذلك التقرير الاستخباراتي الذي دار حوله صخب كثير!
وحقيقة الأمر أن من كتب هذا التقرير مدعوّ إلى تقديم «أمارة» على أن حقوق الإنسان في هذه المنطقة من العالم تؤرقه إلى هذا الحد، وأنه منزعج لمستوانا الحقوقي هذا الانزعاج، وأنه معني بهذه القضية على النحو الذي يريد هو تصويره لنا في أكثر من مناسبة.
من حُسن الحظ أن القضاء في الرياض تولى القضية منذ يومها الأول، وأن أسرة الصحافي الراحل قد تدخلت في الأمر بما يسمح بقطع الطريق على كل الذين فكّروا منذ الوهلة الأولى في «استخدام» القضية، ثم في إثارتها من وقت إلى آخر على سبيل الابتزاز السياسي للسعودية لا أكثر.
ومن حُسن الحظ أن إعادة بعث قضية الرجل قد وجدت ما يجب من رد في بيان الخارجية السعودية الذي صدر في 26 فبراير (شباط)، والذي سجّل في عباراته الواضحة أن «استنتاجات خاطئة» جرى التوصل إليها في التقرير، من دون أن تكون للاستنتاجات مقدمات منطقية تجعل القارئ يقتنع بها ويراها في سياقها الصحيح. لم يحدث هذا في التقرير المنشور، ولم يشأ كاتب التقرير أن يبني مقدمات على نتائجها، ولكنه قفز إلى استنتاجاته بشكل مباشر، الأمر الذي جعل التقرير يبدو كأنه بيت يقوم على غير قواعده!
وهذا ما يعيدنا إلى ما أشرت إليه في بداية هذه السطور، فقضية حقوق الإنسان يجري توظيفها مرات كثيرة من جانب بعض الإدارات الأميركية عند التعامل مع عدد من العواصم في المنطقة، وخصوصاً عواصمها المهمة ذات التأثير والفاعلية. ويستطيع كل واحد فينا أن يرصد حقوق الإنسان وهي تتحول بسهولة إلى لافتة عريضة إذا ما رغبت جهة ما في ممارسة ضغطها السياسي على عاصمة هنا أو عاصمة هناك، ثم وهي تصبح مجرد قناع يجري ارتداؤه من وقت إلى وقت لأسباب تبدو مكشوفة في الكثير من الحالات!
ورغم أن الحكاية تبدو مكشوفة في كل مرة، فإن هذه الإدارة أو الجهة لا تنتبه إلى أن ما تحاوله يظهر عرياناً أكثر مما يستره أمام الناس قبل الحكومات في المنطقة.
إحياء القضية لم يكن لينطلي طبعاً على الحكومة في المملكة، وإذا شئت دليلاً فارجع إلى بيان الخارجية المشار إليه، الذي وضع محاولة الإحياء في سياقها الذي يجب أن توضع فيه، ثم مضى سريعاً إلى طبيعة العلاقة بين العاصمتين، واشنطن والرياض، وإلى أن ما يقال في التقرير من استنتاجات خاطئة، لا يتسق مع هذه الطبيعة في العلاقة ولا يتماشى معها! وإذا شاء من كتب تقرير الاستخبارات الأميركية، فإن عليه أن يقرأ بيان الخارجية السعودية جيداً، وبمعنى آخر يقرأ ما بين سطوره فضلاً عن سطوره نفسها، لعله يرى أن الحديث من جانبه عن حقوق الإنسان في منطقتنا لا بد أن يكون حديثاً عن بلاده هي فعلاً، لا عن أشياء أخرى غير مباشرة وراءه، ولعله يرى أن أحاديث حقوق الإنسان لا قيمة لها ولا وزن إذا لم تتجرد من الهوى السياسي الذي يرافقها فيفرغها من أي مضمون.
إنني مستعد لتصديق الحديث عن حقوق الإنسان، إذا ما تبين لي ولغيري أنه حديث عن حقوق إنسان بالفعل، لا عنها بوصفها تكئة تتساند إليها أي جهة للوصول إلى شيء آخر من خلالها، ولا عن حق واحد من حقوق الإنسان وفقط!
مستعد لتصديقها إذا ظهر لي ولغيري أن حق الإنسان في التعليم يعنيها، وأن حقه في الصحة يهمها، وأن حقه في السكن الآدمي يقضّ مضجعها، إلى باقي السلسلة، والتي لا يكون الإنسان إنساناً إلا إذا حظي بها مكتملة.
لم يحدث من قبل أن جرى ضبط أي جهة أميركية، وهي متلبسة بالاهتمام بحقوق الإنسان بهذا المعنى الشامل، فحقوق الإنسان لدى الإدارات المتعاقبة جميعاً كانت هي الحق في حرية التعبير ولا شيء آخر. صحيح أن هذا الحق أساسي بين الحقوق كلها، وصحيح أنه لا يجوز التفريط فيه، ولكن الاهتمام به وحده، والتركيز عليه بمفرده، لا بد أن يكون محل تساؤل عن السبب أو عن السر وراء هذا الاجتزاء المخلّ الذي يكشف عن اهتمامٍ بالقضية الحقوقية وراءه غرض.
حقوق الإنسان وحدة واحدة، وهي إما أن تؤخذ كلها على يد المهتم بها أياً كان أو أن تُترك كلها، ولا منطقة في الوسط في الموضوع. وحين يؤخذ حق منها من دون سائر الحقوق، ثم تتركز عليه الكاميرات كما في حالة تقرير الاستخبارات هذا، فالمؤكد أن الأمر ليس بحثاً عن حقٍّ ضائع، ولا الأمر من أجل حقوق الإنسان كقضية، ولا حتى هو لوجه الله، ولكنه ستار لشيء آخر يراه المتابع ويفهمه بلا جهد.
إذا جرّب مراقب موضوعي أن يجرد تقرير الاستخبارات من الهوى، فلن يتبقى فيه لحقوق الإنسان بمعناها الحقيقي شيء، ولن يصمد أمام أي تقييم يفصل فيه بين ما هو سياسي وما هو حقوقي، ولن يكون له مكان بين التقارير التي لا تنحرف عن قضيتها إلى أرض أخرى مغايرة.
حقوق الإنسان هي قضية القضايا منذ أن تعارف عليها الناس، ولكن الهوى السياسي أتلفها في الكثير من الأحيان، وفي هذا التقرير الاستخباراتي على وجه الخصوص!

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قضية أتلفها الهوى قضية أتلفها الهوى



GMT 09:53 2023 السبت ,21 كانون الثاني / يناير

"المثقف والسلطة" أو "مثقف السلطة" !!

GMT 20:11 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«حماس» والأسد... ما أحلى الرجوع إليه

GMT 20:09 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

«بريكست» خلف «بريكست»

GMT 20:07 2022 السبت ,22 تشرين الأول / أكتوبر

ما الذي تريده إيران من واشنطن؟

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon