بقلم: سليمان جودة
كان الدكتور محمد معيط، وزير المالية، قد وعد بتقديم ميزانية موحدة هذه السنة، وكان الهدف أن تضم الميزانية التى وعد بها الوزير أموال الصناديق الخاصة وغيرها.. وعندها سيكون صرف المال العام من خلال ميزانية موحدة للدولة، ولكن الواضح أن ذلك لم يتيسر له هذه المرة، ويبقى أن يتيسر الأمر لنا فى المرة القادمة، وأن نعمل عليه من واقع الإدراك لأهميته.
وإلى أن يتيسر ذلك سنكون فى حاجة إلى جهة موحدة، ولكن للأرض فى البلد، لأن الأرض لا تزال موزعة بين أكثر من جهة، ولا تزال «دماؤها متفرقة بين القبائل»، على حد وصف هذا التعبير القديم، ولا يزال كل مستثمر يدور بين أكثر من جهة إذا أراد الحصول على مساحة من الأرض.
ولا أعرف كيف يغيب عمّن يعنيه الأمر فى الدولة مزايا وجود الأرض لدى جهة واحدة، فتكون هى المعنية والمسؤولة ولا تزاحمها جهة أخرى!.
كيف يغيب عمّن يعنيه الأمر أن وجود جهة موحدة للأرض فى صورة بنك للأرض مثلًا سوف يجعل سعر الأرض يتحدد حسب الهدف من استخدامها، وسوف يكون ذلك أساسًا للتقييم العادل للأرض، وسوف يجعل الأمور واضحة أمام كافة المستثمرين، سواء كانوا مستثمرين وطنيين أو كانوا من الأجانب؟!.
إن وجود جهة موحدة للأرض فى البلد لا يقل فى أهميته عن وجود ميزانية موحدة.. ففى حالة بنك الأرض سوف تنضبط عملية منح الأرض لمَن يريدها، وسوف تكون القواعد معلنة، وسوف تكون المعايير معروفة للجميع، وسوف يكون هذا من صالح الدولة واقتصادها بالتأكيد.. وكما تضبط الميزانية الموحدة عملية الإنفاق العام، سيضبط بنك الأرض عملية الإنفاق من الأرض باعتبارها ثروة فى النهاية.
إذا أراد مستثمر بناء مصنع مثلًا، فسيختلف سعر أرضه عن سعر أرض تُقام عليها مدرسة خاصة هادفة للربح، وسوف يكون صاحب المصنع أحق بالتسهيلات من صاحب المدرسة من هذا النوع، وسوف تكون التسهيلات مضاعفة كلما ذهب المستثمر إلى الصعيد أو الدلتا، وسوف يقصد أى مستثمر بنك الأرض وهو مغمض العينين لأنه على علم مسبق بالمعايير والقواعد الموضوعة سلفًا والمعلنة على الكل.
الجهة الموحدة للأرض يجب ألّا تظل غائبة لأنها باب مهم من أبواب الاستثمار والاستقرار، بل هى باب أهم لأن الأرض قاسم مشترك أعظم فى كل المشروعات، وإذا تيسر القاسم المشترك الأعظم تيسرت بقية العناصر بالضرورة.