بقلم - سليمان جودة
يختلف رجل الأعمال محمد جنيدى مع المهندس حسين صبور، والمهندس نجيب ساويرس، والدكتور رؤوف غبور، ولكنه لا ينال من أحد منهم، ولا يحقر من شأنه، ولا يتطاول عليه.. هذا ما وجدته فى مداخلة تليفونية أجراها الرجل مع الأستاذ عمرو عبدالحميد على قناة تن الفضائية!وكانت «رسالة» المداخلة أن من حقك ألا يعجبك ما صدر عن صبور، أو ساويرس، أو غبور، حول قضية العمل فى ظل أجواء كورونا التى تخيم على كل مكان فى العالم.. هذا حقك لا شك.. ولكن ليس من حقك أن تتهكم عليهم، ولا أن تصورهم أمام الرأى العام على أنهم من ناكرى الجميل!
وهذا منطق أتفق معه وأميل إليه، لأن من حق الدولة أن تسأل هؤلاء الثلاثة الكبار.. وتسأل غيرهم بالضرورة.. عما إذا كانوا قد سددوا ضرائبهم المستحقة؟!.. ومن واجبها أن تحاسب الذين لم يسددوا.. ولكن.. ليس من حقها، ولا من حق أحد فى الحقيقة، أن يعنفهم إذا لم يتبرعوا لمشروع كذا، أو صندوق كيت!.. لماذا؟! لأننا نتحدث هنا عن «تبرع» يقوم على «التطوع».. والتطوع بطبيعته أمر اختيارى لك ولغيرك.. إذا فعلته فأهلاً وسهلاً، وإذا لم تفعله وبادرت به من تلقاء نفسك ودون ضغط من أحد، فأهلاً وسهلاً أيضاً ولا لوم عليك!
هذا ما يقول به العقل المتزن، ويشير به المنطق السليم.. وأمامنا بيل جيتس الذى نضرب به المثل دائماً.. لقد قرر تخصيص جزء من ثروته للعمل الخيرى حول العالم، ثم راح يمارس هذا العمل فى قارات الدنيا، وبالذات فى القارة السمراء، وهو قد فعل ذلك كله طواعيةً، ولم نسمع أن أحداً قد راح يؤنبه، على أنه صاحب ثروة، وأن عليه أن يتطوع ويتبرع!
ولو عاد أحد إلى العبارة التى قالها المهندس صبور، مطالباً باستئناف العمل فى ظل وجود كورونا، فسوف يكتشف أن الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر، قال العبارة نفسها فى كلمته المذاعة تليفزيونياً قبل أيام، ولكنه قالها من خلال قاعدة شرعية متفق عليها ولا أحد يناقش فيها!.. قال الشيخ الإمام: يُزال الضرر الأكبر بالضرر الأصغر!.. وإذا أنت رجعت إلى العبارة وراجعتها، وقارنت بين معناها وبين معنى هذه القاعدة الشرعية، فلن تجد أى اختلاف بين المعنيين!
أعود إلى مداخلة جنيدى المهمة، التى قال فيها إن العاملين فى مصانعه وقفوا معه فى كل الأوقات، وإنه لن يتخلى عنهم فى أى وقت، وإنه يقتدى فى ذلك بالحاج محمود العربى، وإن الدولة سوف تقدر صاحب العمل الذى يتصرف بهده الطريقة!.. قالها مع كثير من الاحترام لزملائه الثلاثة، وكثير من الإحساس بالمسؤولية، وكثير من الترسيخ لأصول وتقاليد فى الخلاف والاختلاف لا بد أن تكون مرعية!