بقلم : سليمان جودة
من مقرها فى باريس أعلنت منظمة التربية والثقافة والعلوم، وهى المنظمة التى نعرفها اختصاراً باليونسكو، أن فيروس كورونا منع ٢٩٠ مليون طالب على مستوى العالم من الذهاب إلى مدارسهم!.. ولا أحد يعرف ما إذا كان الفيروس سينحسر مع ارتفاع درجات الحرارة، كما يتوقع الأطباء والخبراء، فيعود هؤلاء الطلاب إلى المدارس، أم أن عددهم مرشح للزيادة والارتفاع؟!
لا أحد يعرف، لأن منظمة الصحة العالمية التى استبعدت، من مقرها فى جنيف يوم ٣ من هذا الشهر، أن يتحول كورونا إلى وباء عالمى، عادت صباح أمس لتتحدث هى نفسها عن احتمال ألا يختفى الفيروس خلال الصيف!.. وهكذا تأرجح العالم مع تقديراتها بين التشاؤم والرجاء!
ولم تتوقف الخسارة من وراء الانتشار المريب لكورونا، عند حدود الطلاب المحرومين من مدارسهم وحدهم، لأن الخسارة على مستوى بورصة السياحة فى برلين كانت أفدح.. فهذه البورصة التى كان من المقرر افتتاحها الثلاثاء الماضى تأجلت فى اللحظات الأخيرة، وقد جاء تأجيلها ليكون الأول من نوعه فى تاريخها الممتد، وكان انعقادها فى هذا الموعد من كل سنة خطوة من خطوات الأمل فى صناعة السياحة!
وفى الصين التى انطلق منها الفيروس يعربد فى أركان العالم، انهدم فندق للحجر الصحى فوق رؤوس مرضاه، ووقع المنقذون فى حيرة، هل يسحبون المرض من تحت الأنقاض إلى المستشفى، أم يضعونهم فى العزل من جديد على أمل الشفاء، وانطبق على المشهد كله المثل الذى يقول: موت وخراب ديار!
وإيطاليا التى لا تزال أكثر دول أوروبا معاناةً من انتشار الفيروس على أرضها، أعلنت وضع ١٦ مليون مواطن قيد الحجر الصحى.. ولا أحد يعرف كيف يوضع عدد كهذا فى الحجر الصحى.. ولكن هذا ما أعلنته الحكومة هناك قبل ساعات!
ولا توجد فعالية كبيرة حول العالم إلا وتأجلت، أو تفكر إدارتها فى تأجيلها، والصور التى تنقلها وكالات الأنباء من داخل بعض المطارات تصورها خالية كأنها ملاعب كرة بلا لاعبين ولا جمهور!
وأمام فيروس لا يمكن رؤيته بالعين المجردة، إلا بعد تكبيره آلاف المرات تحت عدسة الميكروسكوب، لم تصمد حتى الآن إلا إدارة أوليمبياد طوكيو، التى قالت إن تأجيله عن موعده فى الصيف مستحيل!
ولأن «مصائب قوم عند قوم فوائد» فإن الصناعة الوحيدة الرائجة عالمياً هذه الأيام هى صناعة الكمامات الطبية، التى يضعها الملايين على وجوههم بمناسبة وبدون مناسبة!.. كل الصناعات تقريباً تنزف وتخسر، إلا هذه الصناعة.. فهى وحدها تقريباً تكسب