بقلم : سليمان جودة
أحدثت الدولة المصرية اختراقاً فى غرب ليبيا، عندما نجحت فى تحرير المصريين المحتجزين لدى ميليشيات تابعة لحكومة الوفاق فى مدينة ترهونة هناك!.. وكان الاختراق فى حد ذاته نجاحاً لأجهزة السيادة المعنية بالقضية، ثم كان دليلاً مضافاً على أن يد القاهرة قادرة على الوصول إلى ما تريد إذا قررت ذلك، حتى ولو كانت الأرض التى نرغب فى الوصول إليها هى أرض العاصمة الليبية طرابلس البعيدة عنا بألفين من الكيلو مترات، والمحاطة بمرتزقة أتراك فى أقصى الغرب الليبى!
هذا اختراق تحقق على الجبهة الغربية بامتدادها.. ومن قبل كان هناك اختراق آخر قد تحقق على الجبهة الجنوبية، عندما تحول موقف السودان فى قضية سد النهضة، لتصبح الخرطوم إلى جوارنا تماماً فى التأكيد على عدالة القضية!
وعندما زار الرئيس السيسى المنطقة الغربية، أمس الأول، واضعاً الكثير من الأمور فى سياقها الصحيح، فإنه كان قد ذهب إلى أرض جرى تمهيد بعضها أمامه بالاختراق الذى سبق!.. ومما قرأته أن هذا الاختراق قد جرى سريعاً وباحتراف، من خلال التواصل مع وزير الداخلية فى حكومة الوفاق التى يرأسها فايز السراج!
وإذا كان هذا قد تم، وإذا كنا قد رأينا حصيلته أمام أعيننا، فإن من مزاياه أن تعود خطوط التواصل مع حكومة السراج من جديد.. فمن قبل كانت الخطوط حية وقائمة، وكان هو يروح ويجىء إلى القاهرة، لولا أنه قطعها بيديه واستدعى أردوغان محتلاً إلى بلاده!
وقد أحزننى أن ترفض الوفاق انعقاد الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، مع أن القاهرة حين دعت الجامعة للانعقاد، كانت تدعوها من أجل صالح ليبيا كلها.. شرقها كغربها دون تفرقة بينهما.. وليس أدل على ذلك إلا خطاب الرئيس فى المنطقة الغربية.. ففى الخطاب تحديد واضح لأهداف التحرك المصرى على المستوى الليبى، وفى مقدمة الأهداف حقن الدماء الليبية فى الشرق وفى الغرب على السواء!
وأتوقع، من هنا إلى يوم انعقاد الجامعة، أن تكون اليد التى امتدت إلى ترهونة وأعادت المصريين المحتجزين، قد راحت تمتد أكثر لتستميل حكومة الوفاق إلينا، وتقنعها بأن القاهرة لم تكن يوماً ضدها كحكومة قائمة فى طرابلس.. فقط كنا وسنظل ضد أن تحتمى العاصمة الليبية بميليشيات تركية أو غير تركية، وكنا وسنظل ضد استدعاء أردوغان مستولياً على ثروات الشعب الليبى!
هذه نقاط لا بد أن يعيها السراج وجماعته.. والقاهرة قادرة إذا أرادت وقررت!