بقلم - سليمان جودة
كتب الله علينا أن نكون على موعد مع معركة قانونية دولية كبرى فى مارس 1989، ثم كتب علينا أن نكون على موعد مع معركة دبلوماسية كبرى فى مارس 2020، سوف تتكلل بنجاح كما تكللت الأولى.. أما السبب فهو أن المعركة فى الحالتين كانت فى سبيل قضية عادلة!
فى المرة الأولى كنا نخوض معركة القانون الدولى حول طابا، وكانت إسرائيل، التى انسحبت من سيناء المحتلة فى 25 إبريل 1982، قد راحت تجادل فى مصرية طابا، وكانت تعرف أنها تجادل فى باطل، وهو ما أقر به القانون الدولى على يد أساتذة كبار!.. وكانوا من وزن الدكتور نبيل العربى والدكتور مفيد شهاب والدكتور وحيد رأفت والدكتور حامد سلطان والدكتور أحمد القشيرى.. وغيرهم طبعًا!
ولم تملك تل أبيب فى غاية المطاف إلا أن تنحنى وتعترف بأن ما كانت تزعمه لم يكن له ظل من حقيقة، وأن طابا مصرية لحمًا ودمًا، وأنه لا بديل أمامها سوى الرحيل عنها، كما كانت قد رحلت عن جزء من سيناء بالقوة، وعن جزء آخر خضوعًا لمعاهدة السلام!
وقد استغرقت المعركة حول طابا 7 سنوات كاملة، ولكن هذا لم يجعل المفاوض المصرى يفقد الأمل لأن يقينه كان راسخًا فى أن الأرض التى كانت تجادل إسرائيل حولها أرض مصرية مائة فى المائة، ولأنه كان يعرف أن استعادة سيناء دون جزء منها، حتى ولو كان هذا الجزء مترًا واحدًا، هى مسألة غير مقبولة من كل مصرى!
وكذلك معركة سد النهضة بالتمام.. فإثيوبيا تعرف أن ما تقول به هذه الأيام باطل، وتعرف أن النيل ليس نهرًا إثيوبيًا، وتعرف أن الماء الذى يجرى فيه حق للدول التى تقع فى مجراه، وتعرف أن القانون الدولى للأنهار ينظم هذا الأمر ويضبطه، وتعرف أن حقها فيه باعتبارها دولة المنبع لا يجوز أن ينال من حق مصر بوصفها دولة المصب، وتعرف أن ما تجادل فيه وما تخادع به لن يفيد فى النهاية فى شىء!
وأتصور أن هذه هى المعانى التى يحملها الوزير سامح شكرى من صانع القرار فى القاهرة إلى القادة فى سبع دول عربية، وسبع دول إفريقية، ودولتين أوروبيتين، إحداهما بلجيكا، التى تستضيف مقر الاتحاد الأوروبى فى عاصمتها!
يحملها «شكرى» فى جولة ممتدة بدأت ولا تزال مستمرة وسوف تتواصل، ويحملها فى معركة للدبلوماسية المصرية لن ترضى بغير الإقرار بحصة مصر الثابتة فى مياه النهر الخالد!.. وسوف تتكلل هذه المعركة بما تكللت به معركة طابا.. هذا أمر لا شك فيه.. وهذا ما لا تستوعبه أديس أبابا!