بقلم - سليمان جودة
أذاع المجلس العربى للمياه بيانًا، أمس الأول، قال فيه إن الأمن المائى لمصر والسودان جزء لا يتجزأ من الأمن القومى العربى!.
وفى البيان، أبدى المجلس قلقه الشديد من تعثر المفاوضات حول سد النهضة بين القاهرة والخرطوم وأديس أبابا، ثم دعا إثيوبيا إلى عدم البدء فى الملء الثانى للسد قبل الوصول إلى اتفاق قانونى عادل ومُلزم بين أطراف القضية الثلاثة!.
والغالب أن عبارة «جزء لا يتجزأ» فى البيان قد استوقفتك، لأنها تكررت كثيرًا فى الموضوع نفسه خلال الفترة الأخيرة، وجاءت بالصيغة ذاتها فى بيانات وتصريحات عديدة صدرت عن حكومات عربية، أو عن كيانات عربية ولكنها غير حكومية كمجلس المياه!.
ومع أن الشكر واجب لكل عاصمة عربية أصدرت بيانًا يحمل هذه العبارة فى عنوانه، إلا أن الصراحة تقتضى أن نقول إن مثل هذه البيانات لم تغير من واقع الحال شيئًا فى موضوع السد، ولن تغير فى المستقبل مهما كانت حدة اللغة المستخدمة فى البيان!.. والسبب أننا أمام طرف إثيوبى لا يعبأ كثيرًا بالكلام، ويحتاج إلى ترجمة الكلام إلى فعل سياسى يعيده إلى صوابه!.
إن حديث «الجزء الذى لا يتجزأ» يعنى بمنطق الجسد الواحد عربيًا أن ما يُؤلم الجزء إنما يوجع الجسد كله، وبالتالى فلابد أن يذهب عموم الجسد إلى التعبير عما يحس به من جراء ألم الجزء، وأن يكون تعبيره فى مثل هذا الأمر تعبيرًا عمليًا لا حديثًا شفهيًا مهما كانت قوته!.
الجزء فى حالتنا هو مصر والسودان، وباقى الجسم يتمدد فى عشرين دولة عربية تجمعها العضوية فى جامعة الدول، ويجمع بينها الكثير مما هو حى ومشترك على مستوى الدين، واللغة، والتاريخ، وعوامل الجغرافيا التى لا تتبدل!.
ولا أحد يقول إن ما حدث من تضامن عربى مثالى فى أثناء نصر أكتوبر العظيم يمكن أن يكون هو نفسه المطلوب هذه الأيام، فما جاز يومها ربما لا يجوز اليوم، وقد يجوز فى أيامنا هذه ثم لا يكون متاحًا.. ولكن الفكرة أن لدى الأشقاء العرب من الأوراق السياسية وغير السياسية فى أيديهم ما يجعل حكومة آبى أحمد فى إثيوبيا تفهم أن ما تمارسه من الباطل فى حق عاصمتين عربيتين لا يمر!.