الصحيح والأصح

الصحيح.. والأصح

الصحيح.. والأصح

 لبنان اليوم -

الصحيح والأصح

سليمان جودة
بقلم - سليمان جودة

لا يشعر الإنسان بوجود أى عضو فى جسده إلا إذا أصابه ألم، فكل شخص يحرك يده ويستخدمها دون أن يلتفت إلى وجودها ولا إلى ضرورتها، فإذا أصابها وجع انتبه إلى ذلك، وكذلك الحال مع عينيه وأُذنيه وبقية أعضاء الجسد على السواء.

وما جرى ويجرى فى البحر الأحمر، منذ التاسع عشر من نوڤمبر الماضى، يدل على أن ما ينطبق على الإنسان فيما يخص أعضاء جسده، ينطبق على شرايين العالم، التى تتواصل من خلالها تجارته وحركته بين عواصمه.. وليس البحر الأحمر سوى مثال.

ففى ذلك اليوم من شهر نوڤمبر، بدأت جماعة الحوثى فى اليمن استهداف سفن الشحن التى تمر فى البحر من الجنوب، وتواصلت استهدافات الجماعة، وبدأت السفن تشعر بالخطر، فراح بعضها يغير مساره إلى طريق رأس الرجاء الصالح الذى يدور حول إفريقيا.. صحيح أن هذا طريق بديل لانتظام حركة التجارة بين أوروبا وآسيا، وصحيح أنه كان موجودًا طوال مرحلة ما قبل افتتاح قناة السويس ١٨٦٩، ولكن الأصح أنه مكلف جدًّا بالنسبة للسفن، كما أنه يستغرق الكثير من الوقت فى رحلة الدوران حول القارة السمراء.

تقول جماعة الحوثى إنها تستهدف السفن الإسرائيلية فقط، أو التى ترتبط بإسرائيل بأى صلة، وتقول إنها تفعل ذلك تضامنًا مع أهل قطاع غزة، وتقول إنها ستتوقف عما تمارسه مع السفن عندما تتوقف الحرب على القطاع.

وهذا قد يكون صحيحًا من حيث الشكل، ولكنه من حيث المضمون حق يُراد به باطل لأن الجماعة الحوثية تفعل ما تفعله منذ ما يقرب من الشهرين، ولم تتوقف الحرب، ولا ظهر ما يقول إن إسرائيل ستُوقف حربها تحت ضغط ما يرتكبه الحوثى.. لم يحدث ولن يحدث.. أما الحقيقة فهى أن الحوثى ذراع إيرانية فى اليمن، وتستخدم طهران هذه الذراع فى تعزيز مصالحها فى الإقليم وفى المنطقة عمومًا، ولا علاقة للموضوع فى حقيقته بالحرب على غزة.

لا علاقة له بذلك لأن حكومة المرشد خامنئى لو أرادت أن تعمل من أجل غزة بجد، لكانت قد حركت حزب الله فى لبنان، فهو حزب يمثل ذراعًا أخرى لها هناك فى الشمال، كما أن لبنان له حدود مباشرة مع فلسطين، وهو أقرب إلى إسرائيل من اليمن بكل تأكيد. ولكن حزب الله لا يزال يلعب مع إسرائيل لعبة الذهاب إلى حافة الهاوية دون الوقوع فيها.. أما جماعة الحوثى فهى ورقة إيرانية على المائدة فى المنطقة، ولكن استخدام ورقة كهذه له حدوده، التى يجب ألا تتجاوزها الذراع الإيرانية.. وعندما تجاوزت الجماعة حدودها التى تلعب فيها منذ سنوات، وجدت نفسها فى مواجهة مع ١٢ دولة، تتزعمها الولايات المتحدة، فى تحالف بحرى راح يضرب مواقع الجماعة دون رحمة!.

على مدى سنوات طويلة، ظلت تجارة العالم تعبر البحر الأحمر، ولم يكن العالم يشعر بوجود هذا الشريان ولا بأهميته، فلما أصابه وجع من فعل الحوثى انتفض العالم واحتشد.. وكان احتشاده لأنه أحس بالبحر كما يحس الإنسان بيده التى تؤلمه.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الصحيح والأصح الصحيح والأصح



GMT 11:24 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الساحة عربية... والميدان غريب

GMT 11:21 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

عن الصمعان... مسيرة من العمل العلمي

GMT 11:18 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

قيادة إيرانية لـ«حزب الله»!

GMT 11:15 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

ثقافة «المعلقين»

GMT 11:13 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

طموح نتانياهو.. في ظلّ بلبلة ايرانيّة!

أجمل إطلالات نجوى كرم باللون الزهري بدرجاته المختلفة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 06:02 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

5 قواعد لاختيار السجادة المناسبة لغرفة الطعام
 لبنان اليوم - 5 قواعد لاختيار السجادة المناسبة لغرفة الطعام

GMT 18:36 2024 الخميس ,17 تشرين الأول / أكتوبر

الجيش الإسرائيلي يُعلن مقـ.تل وإصابة 8 جنود في جنوب لبنان
 لبنان اليوم - الجيش الإسرائيلي يُعلن مقـ.تل وإصابة 8 جنود في جنوب لبنان

GMT 14:59 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

عليك أن تتجنب الأنانية في التعامل مع الآخرين

GMT 10:02 2020 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

تحقق قفزة نوعية جديدة في حياتك وانطلاقة مميزة

GMT 05:07 2023 الخميس ,16 آذار/ مارس

نصائح هامة لاختيار المجوهرات المناسبة لكِ

GMT 07:08 2019 الأحد ,31 آذار/ مارس

شهر بطيء الوتيرة وربما مخيب للأمل

GMT 20:27 2021 الخميس ,16 كانون الأول / ديسمبر

قواعد وأداب المصافحة في كلّ المواقف

GMT 12:55 2020 الأحد ,13 كانون الأول / ديسمبر

راتب عمر السومة "حجر عثرة" أمام انتقاله للأهلى المصري

GMT 07:24 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

نصائح لتنسيق الملابس اللامعة بطريقة بسيطة وأنيقة

GMT 18:20 2022 الثلاثاء ,15 آذار/ مارس

أفضل العطور النسائية المناسبة لموسم الربيع

GMT 07:34 2024 الإثنين ,23 أيلول / سبتمبر

براد بيت يتألق بساعات فاخرة تلفت أنظار الجميع
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon