بقلم: سليمان جودة
اختفى الرئيس اللبنانى السابق ميشيل عون منذ أن غادر منصبه، ثم ظهر فجأة وهو يزور سوريا ويلتقى الرئيس بشار الأسد.
وكان الرئيس عون قد غادر القصر فى آخر أكتوبر من السنة الماضية، ومن يومها لم يظهر فى أى مكان، ولم يستقبل قصر بعبدا رئيسًا جديدًا من بعده.. وفى الغالب فإن الرئيس الجديد الذى لا يريد أن يأتى كان موضوعًا فى القلب من حديث الأسد مع عون.. ومن الوارد أن يكون الرئيس اللبنانى السابق قد ذهب يدعو الأسد إلى استخدام علاقته مع إيران، لعلها تسهل عملية مجىء رئيس جديد فى لبنان.
فمنذ خروج عون من القصر الرئاسى، كان اسم سليمان فرنجية، زعيم تيار المردة السياسى، مطروحًا كرئيس خلفًا للرئيس السابق، وكان الاسم يحظى بتأييد من حركة أمل الشيعية التى يرأسها نبيه برى، ومن حزب الله الذى لا يدارى طبيعة علاقته طهران.
ولكن بقية القوى السياسية لا تقبل بتمرير اسم فرنجية فى البرلمان، الذى يختار الرئيس الجديد بأغلبية الأصوات، وكان هذا الثنائى الشيعى.. حركة أمل وحزب الله.. يتمسك ولا يزال بزعيم المردة ولا يجد بديلًا له فى القصر الرئاسى.
وفى الفترة الأخيرة ظهر اسم جهاد أزعور، الذى حظى بتأييد المعارضة كلها، بما فيها التيار الوطنى الحر الذى كان عون يرأسه من قبل، ثم جاء فى مكانه زوج ابنته جبران باسيل، وزير الخارجية السابق.. والمفارقة أن التيار الوطنى الحر كان قريبًا من حزب الله، وكان عون نفسه قد جاء رئيسًا بالتنسيق السياسى بين التيار والحزب، ولكن السياسة فرقت بينهما، فأصبح الحزب يرى فرنجية رئيسًا، بينما التيار يرى أزعور أحق بالرئاسة.
وإذا كان برى قد دعا إلى جلسة للبرلمان يوم ١٤ من هذا الشهر لانتخاب الرئيس، فالأمل أن تنجح فى اختيار أزعور أو فرنجية، وإذا نجحت فسوف يكون ذلك من بين بركات زيارة عون إلى دمشق، لأن جلسات كثيرة انعقدت من قبل، ولم تفلح فى حسم الموضوع.
ولكن هذا كله شىء، وشكل الرئيس اللبنانى السابق عند ظهوره الأول شىء آخر، فالفترة التى انقضت على خروجه من المنصب أقل من سنة، ومع ذلك تراه وقد تغيرت ملامحه تمامًا، وكأن عشر سنوات على الأقل، لا سبعة أشهر، قد مرت عليه من أكتوبر الماضى إلى اليوم!.
كان المؤرخ ابن إياس يفسر تشبث حكام المماليك بالسلطة فى أيامه بأنهم: ذاقوا حلاوة السلطان.. ومن ملامح الرئيس عون فى ظهوره الأول، تستطيع أن ترى سحر هذه الحلاوة على الإنسان، إذا ذاقها ثم لم يعد يجدها!.