بقلم: سليمان جودة
جرى استطلاع رأى فى ألمانيا عما إذا كان الألمان يفضلون إجازة أسبوعية أطول، فانحازت الغالبية منهم إلى رفض الفكرة من أساسها!.
الاستطلاع أجراه مركز استطلاع رأى اسمه «فورسا»، وكان يُجريه لصالح مجلة مشهورة فى ألمانيا اسمها مجلة «شتيرن»، وكان السؤال الذى يطرحه الاستطلاع كالتالى: هل تفضل أن تكون أيام العمل فى الأسبوع أربعة أيام فقط بدلًا من خمسة؟!.
المفاجأة أن الغالبية من الألمان رفضوا أن تزيد إجازتهم يومًا فتصبح ثلاثة بدلًا من السبت والأحد كما هو الوضع حاليًا، وكشف استطلاع الرأى عن أن 55% من بين الذين شملهم الاستطلاع يرفضون مد فترة الإجازة الأسبوعية يومًا، وتقصير فترة العمل يومًا فى المقابل!.
ولا علاقة للرفض بالأجر كما قد نتصور لأن الفكرة كانت ولا تزال أن يستمر الأجر كما هو، وأن يتقاضى الألمان العاملون نفس المرتب الشهرى إذا ما قبلوا بالفكرة، ولكنهم رفضوها وكانوا فى رفضهم ينحازون إلى فكرة العمل باعتباره قيمة أكثر من انحيازهم إلى أى شىء آخر.
والفكرة التى طرحها الاستطلاع ليست جديدة من الناحية النظرية لأن لها وجودًا من قبل فى بريطانيا بالذات، ولأن الفيلسوف الإنجليزى برتراند رسل كان يرى أن أربع أو ثلاث ساعات من العمل فى اليوم تكفى عالميًّا، وكان الاقتصادى الإنجليزى كينز يرى ذلك أيضًا ويؤيده، وكلاهما كان قد دعا إلى فكرته فى وقته، ولكنها لم تصادف قبولًا فى أنحاء العالم.
ولا تعرف ما إذا كانت المجلة الألمانية قد بادرت باستطلاع كهذا من تلقاء نفسها ولحسابها، أم أن حكومة المستشار الألمانى أولاف شولتز هى التى أوحت للمجلة بالفكرة!.. وأيًّا كان الأمر.. فنتيجة الاستطلاع كانت واضحة، وكانت تتحدث بلسان الغالبية من الألمان.. وكان اللافت فى الموضوع أن الفكرة لقيت رفضًا على مستوى المنتمين إلى الأحزاب الحاكمة الثلاثة، وبالدرجة ذاتها التى كانت مرفوضة بها على مستوى آحاد المواطنين ممن لا ينتمون إلى الأحزاب الثلاثة: الخُضر، والاشتراكى الديمقراطى، والديمقراطى الحر!.
وليس غريبًا والحال كذلك أن يكون الاقتصاد الألمانى هو الاقتصاد الأول فى أوروبا، ولا هو غريب أن تقود ألمانيا القارة العجوز.. فالقيادة من نصيب الذين يعملون لا الذين يلعبون.