سوريا محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

سوريا... محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

 لبنان اليوم -

سوريا محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف

حازم صاغية
بقلم - حازم صاغية

قد يكون مفيداً أن يُعاد ترتيب إنجازات الزلزال السوريّ ومخاوفه.

1- ليس هناك «أبد» بعد الآن. هناك حرّيّة البشر الأحرار وخيارهم وسعيهم. الكابوس عاش 54 عاماً من أصل 78 هي عمر سوريّا المستقلّة.

2- يعود مئات آلاف السوريّين، وربّما ملايينهم، بعدما شكّلوا إحدى أوسع موجات التهجير القسريّ في العالم، ويخرج عدد يصعب تقديره من أحد أكثر سجون الكون وحشيّة وإظلاماً.

3- تتوافر مبدئيّاً فرصة لبناء تجربة تقطع مع الانقلاب العسكريّ والحزب الواحد والجيش العقائديّ والميليشيات والمجتمع الحربيّ واللغة القوميّة، أي ما قامت عليه سوريّا قبل حافظ الأسد وتفاقم معه وبعده.

4- إذا نجحت التجربة وأقلعت كان لها أثر على محيطها يشبه أثر انهيار الاتّحاد السوفياتيّ على محيطه. أيُّ وصف قد لا يفي هذا التحوّل المحتمل حقّه.

5- سوريّا، في حدثها الزلزاليّ، استعادت الضوء الذي أريدَ لـ7 أكتوبر أن يسرقه منها. بهذا، عادت أجندة الحرّيّة إلى موقع الصدارة في المشرق.

6- إيران ونفوذها أُخرجا، وفي أغلب الظنّ نهائيّاً.

7- - إحدى مهامّ المرحلة الجديدة ستكون التعامل مع رواسب الماضي التي ينبغي تنظيف الحاضر منها، من السلاح الكيماويّ إلى «داعش». يحدث هذا في ظلّ التقاطع مع أجواء حربيّة لا تزال قائمة في غزّة، وجزئيّاً في لبنان. لكنّ النجاح في إحلال الاستقرار ونزع العسكرة عن المجتمع يبقى الأجدى في مكافحة تلك الرواسب. أمّا الضربات الإسرائيليّة لسوريّا، وتوسيع نطاق الاحتلال، ولو بذرائع التحوّط من مفاجآت وضع غامض جديد، فلن يكون لها إلاّ تأثير عكسيّ يعقّد نجاح التجربة الجديدة ويُهينها ويقوّي حجج خصومها والراغبين في إفشالها. هكذا تتحوّل نظريّة الأمن المطلق الإسرائيليّة، بما تنطوي عليه من أنانيّة مريضة عزّزتها 7 أكتوبر، إلى سبب آخر للقلق.

8- على المدى الأبعد، المتاجرة بفلسطين خسرت أكبر تجّارها. فلسطين قضيّة للحلّ، لا قضيّة للتقديس. في حال نجاح التجربة، سيكون في وسع سوريّا، ذات الدولة المحترمة وغير الحربيّة، أن تساعد الشعب الفلسطينيّ أكثر. ومن خلال السياسة، وفي ما بعد نتانياهو، ترتفع حظوظ استعادتها أرضها المحتلّة التي تستحيل استعادتها بالعنف.

9- لبنان يطمئنّ أكثر. السلاح والتحريض انقطع دابرهما. إيران لن تصل إليه بعد اليوم.

10- العراق يمكن أن يتدبّر مسألته الوطنيّة حيال إيران بشروط أفضل ركيزتُها الاطمئنان إلى غربه.

11- سورّيا قد لا تبقى بلد الاستثناء. قد تربطها علاقات طبيعيّة بمحيطها العربيّ وبالعالم، ما يسهّل السعي إلى قيام منطقة مستقرّة ومزدهرة. أن يحضنها اليوم هذان المحيط والعالم، سياسيّاً واقتصاديّاً، يقوّي فرص النجاح ويُضعف فرص الإخفاق.

12- إعادة تكوين سوريّا، بعد تاريخ مديد من التدمير، ستكون مهمّة صعبة جدّاً. الإنكار لن يكون مفيداً.

13- «تحوّلات» أحمد الشرع (الجولاني) ليست أمراً يُركن إليه بذاته، وتنظيمه موضع شكّ وقلق عميقين. لكنْ هل الشرع مجرّد وظيفة انتهت بعد تأديتها وبات استمرارها منوطاً بمدى انسجامها مع سوريّا جديدة مستقرّة وتعدّديّة، ومع اضطرارها للاستجابة إلى محيط وعالم تحتاجهما بإلحاح؟

في حال الأسوأ، أي وجود مشروع استبداد دينيّ، ألن تبادر القوى الخارجيّة المؤثّرة ومعها قوى الداخل الحيّة إلى إحباط مشروع كهذا لا يحتمله تكوين البلد واستقراره وحرّيّات أبنائه ومصالح جيرانه؟ ضعف الداخل، للأسباب المعروفة، يجعل كلّ حساسيّة فائضة حيال أدوار الخارج مسألة مؤذية تفيد نوايا التطرّف الدينيّ.

بين هذين الحدّين، اختيار رئيس الحكومة الجديدة غير الموفّق مُقلق، وما حدث ويحدث في منبج مؤلم جدّاً. ويبقى مُلحّاً وعاجلاً إنشاء جهاز حكم انتقاليّ بإشراف الأمم المتّحدة يحلّ محلّ السلطة الحاليّة.

14- في سوريّا انقسامات من كلّ نوع، لكنّ المسارعة إلى صياغتها في أحزاب سياسيّة، ثمّ في انتخابات نيابيّة تنافسيّة يشارك فيها الإسلاميّون كسواهم، هي أكثر ما يقطع الطريق على العنف، خصوصاً متى ترافق ذلك مع تطوير صيغ نظريّة ومؤسّسيّة للعدالة تؤمّن إحقاق حقّ الضحايا وتحول دون انفلات الانتقام.

15- من دون أيّ تقليل من أهميّة المسائل الطائفيّة، فالمسألة الأشدّ إلحاحاً وخطراً اليوم هي الإثنيّة، أي العربيّة – الكرديّة. المفارقة هنا أنّ الدور التركيّ المؤثّر والمفيد على جبهات كثيرة أخرى قد يكون سلبيّاً على هذه الجبهة حصراً. السوريّون قد يجدون أنفسهم، صوناً لتجربتهم الجديدة، مدعوون إلى تسوية جديدة: الجمهوريّة «سوريّة» فحسب، تعتمد نظاماً فيدراليّاً لا تشعر فيه جماعة أو منطقة بالغبن والخوف والقسر، فيما تقطع الجماعات والمناطق علاقاتها السياسيّة والحزبيّة بالأطراف العابرة لحدودها الوطنيّة.

كائناً ما كان الحال، فالطبيعيّ جدّاً أن تعاني سوريّا، بعد عقود مديدة من محاولات قتلها، مشكلات كالموصوفة أعلاه. والمنطقيّ أن يقترن الأمل الكبير بالمخاوف الكبرى حيال مستقبل السوريّين. لكنْ يبقى أنّ الاعتراف بالمشكلات، كائنة ما كانت، ومحاولة تذليلها، بدآ يحلاّن محلّ نفيها أو تأجيلها باسم التفرّغ الكاذب لقضايا كبرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سوريا محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف سوريا محاولة في إعادة ترتيب الآمال والمخاوف



GMT 21:07 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

عادي

GMT 21:05 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سوريا وتخمة القادة الأسطوريين

GMT 21:03 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

كيف نتعامل مع سوريا الآن؟

GMT 20:57 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سلام عليك يا شام

GMT 20:55 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

فريدريش ميرز... وأوان الترمبية الألمانية

GMT 20:53 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

أوراق اعتماد

GMT 20:51 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

دولة صيدنايا!

GMT 20:49 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

التراجيديا السورية!

صبا مبارك تعتمد إطلالة غريبة في مهرجان البحر الأحمر

الرياض - لبنان اليوم

GMT 11:21 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

سفير مصر في بيروت يشدد على ضرورة انتخاب رئيس للبنان
 لبنان اليوم - سفير مصر في بيروت يشدد على ضرورة انتخاب رئيس للبنان

GMT 13:36 2024 الأربعاء ,11 كانون الأول / ديسمبر

إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best
 لبنان اليوم - إيمان العاصي تكشف تفاصيل مشاركتها في حفل جوائز the best

GMT 13:52 2022 السبت ,02 إبريل / نيسان

أفضل المطاعم الرومانسية في جدة

GMT 21:06 2022 الأحد ,17 تموز / يوليو

القطع المناسبة لإطلالات الشاطئ

GMT 07:03 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أسبوع دبي للتصميم لعام 2025 يقدم معرض خواتم الرجال

GMT 08:43 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

موديلات حقائب ربيع وصيف 2023

GMT 05:20 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

تحديد نوع الجينز المناسب حسب كل موسم

GMT 18:14 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

عملة البيتكوين تقترب من 90 ألف دولار بعد انتخاب ترامب

GMT 11:03 2022 الأحد ,01 أيار / مايو

إتيكيت طلب يد العروس
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon