هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها

هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها؟

هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها؟

 لبنان اليوم -

هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها

آمال موسى
بقلم - آمال موسى

من انحرافات ثقافة الإغراق فيما هو مادي، هو تهميش الرمزي واعتباره فارغاً من أي قوة وجدوى وسلطة. ونعتقد أن هذا التصور يكذبه الواقع نفسه، حيث الكلمة سلطة والاحتجاج قوة بدليل أن التاريخ ذاته أو عجلة التاريخ يحركها الفقراء والمهمشون أكثر من الأغنياء والقاطنين في مركز العالم.

من هذا المنطلق الذي يؤكده التاريخ والتجارب الإنسانية وحتى الفردية فإن الاحتجاج والتظاهر والرفض من طريق الأساليب المدنية لا يمكن أن تكون بلا فائدة أو عديمة الجدوى كما يروج الكثيرون لذلك.

فالاحتجاجات العارمة التي قامت في عواصم عدة من العالم ضد حرب الإبادة التي تقوم بها إسرائيل ضد أهالي غزة من رجال وأطفال وشيوخ ونساء، هي احتجاجات مطلوبة وضرورية ومن دونها يصبح العالم بأسره في حالة تطبيع كاملة مع الظلم والقهر والإبادة.

وكم هو مؤسف أن تطرح مواضيع حول جدوى الاحتجاج أمام عدد القتلى الهائل، وكأن ما يحصل في غزة من هول وإمعان في التنكيل يجب أن يحصل في صمت مطبق.

من ناحية أخرى، فإن الذين يُقللون من جدوى الاحتجاجات ويقولون بثقة إنها لن تؤتي أكلها كأنهم ينسفون ما ناضلت من أجله أجيال من الإنسانية في مجال النضال والتعبير والحرية. ذلك أن النضالية فكرة عريقة أثبتت جدواها على مر التاريخ، إضافة إلى أنها فكرة مفعمة بشرف الإنسان والمجتمع والنخب.

ماذا لو سادت فكرة تبخيس النضال في الشعوب التي كانت مستعمرة؟ بالتأكيد كانت ستظل حتى الآن مستعمرة ولما تمكنت من خوض معركة الاستقلال.

فالنخب والجماعات الرافضة للإبادة في قطاع غزة هي بصدد التمتع بما وفره لها مسار الحرية في العالم من أدوات النقد والرفض والتغيير وأساليب التعبير عن الاحتجاج. ومن الخطأ الاعتقاد بأن الأساليب المدنية للاحتجاج والرفض ومناصرة الحق لا قيمة لها.

إننا نتحدث عن مجتمع إنساني، والأساليب التي تدافع عن الحق والحرية وتقف في وجه الحرب والهيمنة والقهر هي من صميم الأداء الإنساني وانعكاس لما وصلت له الإنسانية من مدنية.

من ناحية أخرى، فإن الاحتجاجات وبتلك الأعداد الكبيرة من الناس ومن مختلف الشعوب التي كلها رافضة للعدوان الإسرائيلي وواصفة إياه بالإبادة، إنما هي نقطة قوة بالنسبة للجانب الفلسطيني؛ حيث إن أصحاب الضمير في العالم ينتصرون لها وهذا مكسب أخلاقي لأحرار العالم ووثيقة تاريخية للحق الفلسطيني، أغلب الظن أن وسائل الإعلام والمؤرخين بصدد حفظها.

أيضاً لا شك في أن هذه الاحتجاجات هي ضغط مهم وقوي لا على إسرائيل لأنها لا تعبأ، أي الذي يسير في خيار الإبادة وتصفية الأطفال والنساء لا يمكن الضغط عليه بهذه الأساليب المدنية التي لا يعترف بها. بل إن الضغط يتجه نحو القوى الرسمية الحاكمة الداعمة لإسرائيل والمانحة لها الضوء الأخضر والحامية لها باستعمال حق الفيتو. وهو ضغط يُراد من خلاله أو لنقل من بين أهم أهدافه إحراج هذه القوى كي تضبط إسرائيل المحتمية بها. وحتى بالمعنى الفيزيائي فإن للضغط أثراً.

فالمعني رقم واحد بالاحتجاجات والتعبير عن الأصوات الرافضة هو القوى الداعمة أولاً، وفي أبسط الحالات يحصل نوع من التعديل للدعم، وكل تعديل لصالح قطاع غزة والقضية الفلسطينية إنما يخدم قليلاً على الأقل. فمثل هذا الضغط، خصوصاً عندما يكون متواتر الحدوث ويخضع لرزنامة مستمرة، من شأنه أن يُحدث فارقاً ولكن بشرط الاستمرارية.

فالاحتجاجات ليست لإسرائيل التي لم تتفاعل مع احتجاجات أهالي الأسرى الإسرائيليين، ومع انتقاداتهم لحكومتهم بعدم حرصها على أرواح الأسرى ونقض اتفاقية وقف إطلاق النار.

ثم لنفترض أن أصحاب الموقف القائل بأن هذه الاحتجاجات لن تؤتي أكلها وأنها من دون جدوى هم على حق، هل يعني هذا الصمت وإعلان موت الضمير في عالم اليوم؟

إن هذه الاحتجاجات التي تدافع عن الحق الفلسطيني وتستنكر حرب الإبادة التي تحصل في غزة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023 هي بارقة أمل ودليل أن هناك أصواتاً في العالم تنتصر للحق ولقدسية النفس البشرية وترفع صوتها عالياً للتنديد بأرواح الأطفال الذين قتلوا. فرد الفعل والاستنكار والاحتجاج والرفض هي دليل حياة وإن العالم ليس كله في حالة تطبيع وانصياع لموازين القوى.

كما أن هذه الاحتجاجات في مختلف أنحاء العالم هي رسالة لكل من يريد أن يدفن القضية الفلسطينية التي يعبر عنها أهالي غزة ببسالة، جعلت أنصار الإنسانية والأحرار يلتفتون ويحتجون فيما يشبه تلبية نداء الواجب الإنساني الحقوقي.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها هل حقاً احتجاجات حرب غزة لن تُؤتي أُكلها



GMT 14:58 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

عقليّة الغلبة دمّرت لبنان

GMT 14:32 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

محارق

GMT 14:31 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

صورة المسلم بين عائلتين

GMT 14:30 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

حزب البعث اللبناني: أهمية ما ليس مهماً

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

جوع وصقيع وفزع

GMT 14:29 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

أبواب دمشق

GMT 14:28 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

«كايسيد»... الحوار هو الخيار

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,17 كانون الأول / ديسمبر

ليبيا والحوار المهيكل

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 09:23 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

أعد النظر في طريقة تعاطيك مع الزملاء في العمل

GMT 06:50 2016 الجمعة ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

زلزال نيوزيلندا العنيف يتسبب في تحريك جزر رئيسية

GMT 22:25 2019 الثلاثاء ,16 إبريل / نيسان

3مستحضرات فقط تخفي علامات تعب وجهك نهائيا

GMT 18:35 2019 الخميس ,18 تموز / يوليو

5 أسرار لتطبيق المكياج من أجمل نساء بريطانيا

GMT 16:57 2019 الإثنين ,17 حزيران / يونيو

"موريشيوس" ملاذ رومانسي ساحر لقضاء شهر العسل

GMT 13:05 2012 الإثنين ,03 كانون الأول / ديسمبر

إضراب في مطار شرم الشيخ يتسبب في إغلاق جزئي أمام السياح

GMT 04:44 2018 الجمعة ,09 شباط / فبراير

لاكوتريبيس يعلن اكتشاف حقل غاز على سواحل قبرص

GMT 18:00 2020 الثلاثاء ,06 تشرين الأول / أكتوبر

إتيكيت دفع فاتورة حساب المطعم

GMT 10:31 2013 الجمعة ,23 آب / أغسطس

نظافة المدرسة من نظافة الطلاب والمدرسين

GMT 07:27 2014 الثلاثاء ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جائزة لـ«فقه العمران»

GMT 21:14 2019 الأربعاء ,03 إبريل / نيسان

تعرف علي توقعات أحوال الطقس في لبنان الاربعاء

GMT 18:27 2021 الأربعاء ,27 كانون الثاني / يناير

انفجار في مدينة بنش في ريف إدلب السورية

GMT 00:31 2021 السبت ,13 آذار/ مارس

تخفيض سعر تعرفة فحص الـPCR الى 100 الف ل.ل!
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon