خريف المفاجآت عندما «تمشي» إيران
أخر الأخبار

خريف المفاجآت: عندما «تمشي» إيران!

خريف المفاجآت: عندما «تمشي» إيران!

 لبنان اليوم -

خريف المفاجآت عندما «تمشي» إيران

طوني عيسى
بقلم : طوني عيسى

عندما أعلن الرئيس نبيه بري اتفاق الإطار لمفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل، وقرَعَ جرس انطلاقها في معقل «المقاومة» الشيعي، كان على الجميع أن يعرف أنّ المخاض العظيم، الذي يهزُّ المنطقة بعنف منذ 10 سنوات، ربما أشرف على نهاياته، وأنّ شرقاً أوسطَ جديداً بات على وشك الولادة.

لماذا الرئيس بري؟

لأنّه الوحيد الذي يختزن أسرار التلاقي بين المحاور المتصارعة إقليمياً ودولياً، والطوائف المتصارعة داخلياً. وإذا كان الرئيس ميشال عون قد سعى، طوال عهده، إلى إنهاء «امتياز» بري، وتجييره مجدداً إلى الرئيس الماروني، بوصفه رأس الدولة، فالواضح أنّ العام الأخير من العهد سيشهد توهُّجاً في موقع بري، مع ما يعنيه ذلك من استعادة لمناخات «التحالف الرباعي».

منذ العام 2016، حاول عون أن ينتقم من هذا «التحالف الإسلامي» الذي يتهمّه بتهميش المسيحيين، العام 2005، مستغلاً ضعف القوى المسيحية وتمزُّقَها. وهو يعتبر أنّ من إنجازات عهده استعادة بعض التوازن داخل مؤسسات السلطتين التشريعية والتنفيذية والمؤسسات والأجهزة.

حتى إنّ عون وفريقه السياسي استطاعا أن يقيما علاقة لا مثيل لها بين رئيس للجمهورية ورئيس للحكومة من حيث الانسجام. فابتعد الرئيس سعد الحريري عن بري نسبياً، وحافظ على إيقاع متوازن تماماً مع عون ورئيس «التيار الوطني الحرّ» جبران باسيل. وأما الرئيس حسّان دياب، فقد تكفّل عون تكليفه بالموقع السنّي الأول، غير عابئ بأنّه لا يحظى بتمثيل طائفته.

ولكن، اليوم، تغيَّرت اللعبة فجأة: عندما قرَّر الحريري أن يعود إلى السرايا «مستقلاً»، ظنَّ عون أنّه قادر على مواجهته بـ»الفيتو»، أي بتأجيل الاستشارات إلى ما لا نهاية. ولكنه، فوجئ بأنّ هناك «فيتو» على «الفيتو»، أميركي المصدر. وتحت الضغط، أفرج عن الاستشارات.

ما الذي تغيَّر؟ هل صار الأميركيون متحمِّسين للحريري وأركان الطبقة القديمة- وبينهم «حزب الله» طبعاً- بعدما كانوا أشدَّ الدعاة إلى تغييرهم؟ وتالياً، هل سحبوا غطاءهم المعنوي عن «الانتفاضة»؟

المطَّلعون يقولون، إنّ واشنطن لا تقاتل اليوم لإعادة الحريري والطاقم السياسي. وأساساً هي منشغلة بالانتخابات الرئاسية في الدرجة الأولى. لكن انتفاضة 17 تشرين الأول تعثّرت في توحيد القيادة والبرنامج. وبات واقعياً اعتماد أي خيار واقعي لإنقاذ البلد. وبمعزل عن الأسماء والصيَغ الحكومية، المهمّ إيجاد حكومة تأخذ على عاتقها الإصلاح ووقف الانهيار.

هذا التفكير يوحي بأنّ لدى الأميركيين حرصاً مستجداً على عدم تحميل لبنان مستوى أعلى من الضغط في هذه المرحلة، لأنّه لم يعد قادراً على التحمُّل وقد ينهار تماماً. وربما ساهم الفرنسيون في إقناعهم بذلك.

ولا يبدي العديد من المتابعين تفاؤلاً بالمرحلة، ويخشون ذهاب الأمور إلى ما هو أسوأ، خصوصاً على المستوى المالي- الاقتصادي. كما أنّ بعض ناشطي الانتفاضة يعتقدون أنّ من الخطأ «الاستسلام الدولي» للطاقم السياسي والرهان عبثاً على الإنقاذ بواسطة الذين تسبّبوا أساساً بالانهيار.

ولكن، في نظر المحللين، المقاربة الأميركية للملف الحكومي ليست معزولة عن تحوّلات كبيرة ومتسارعة على مستوى الشرق الأوسط، والرقعة اللبنانية جزء منه. وفي رأيهم، أنّ الدافع الأساسي لهذه التحوُّلات هو نشوء مناخات جديدة في العلاقة بين واشنطن وطهران، تظهر تجلياتها في لبنان وسوريا والعراق، إضافة إلى تحريك العديد من الملفات المتعلقة بالوضع العربي- الإسرائيلي.

ويسأل هؤلاء: ما مغزى الهدوء غير المألوف، من جانب إيران وحلفائها، في ما يتعلق بانطلاق مفاوضات الناقورة وما يمكن أن تقود إليه من نتائج؟ وماذا يدور في كواليس التواصل بين بيروت وطهران؟ وما مغزى زيارة المدير العام للأمن العام اللواء عباس ابراهيم للولايات المتحدة في هذه اللحظة الحساسة؟

وماذا عن خط التواصل الأمني الأميركي الذي كُشِف عنه مع نظام الأسد، حيث العنوان الواضح هو الإفراج عن المخطوفين الأميركيين؟ وهل هناك ملفات أخرى تتعلق بموقع النظام وبالوجود العسكري الأميركي في سوريا؟

وكيف سيتمّ التفاهم على دور كل من روسيا وإيران وتركيا هناك؟ وهل يمكن إنضاج الظروف لمفاوضات مع إسرائيل على الخط السوري، على غرار المفاوضات الجارية مع لبنان، وسط دينامية التطبيع غير المسبوقة بين دول عربية وإسرائيل؟

وما الذي يتمّ تحضيره للعراق، الخاصرة الإيرانية، حيث يتحدث المطلعون عن مناخات تبريد للعلاقات مع الأميركيين، شبيهة بالمناخ الذي يشهده لبنان اليوم، وبمباركة القوى الشيعية الدينية والسياسية الحليفة لطهران؟

ثمة مَن يقول إنّ هذه المظاهر لا تتعدّى رغبة طهران وواشنطن في ملء الفراغ الحاصل حتى الانتخابات الأميركية، وبعد ذلك سيعرف الإيرانيون كيف يفصلون الخيط الأبيض عن الخيط الأسود في سجادتهم الشرق أوسطية التي يحيكونها بصبر وتأنّ.

ولكن، في المقابل، هناك من يعتقد بأنّ ما يجري عميق بكل المقاييس، وأنّ العالم قد يستفيق على صفقة مفاجئة بين واشنطن وطهران في أي لحظة. حتى إنّ البعض لا يستبعد مفاجآت، خلال أيام، يقطف الرئيس دونالد ترامب ثمارها الطازجة يوم 3 تشرين الثاني؟

إنه «خريف المفاجآت». وستكون لطهران مكافأتها على تسهيل التسويات، وستحصل عليها بين لبنان وسوريا والعراق. فهل بدأت الترجمة في الناقورة، وفي الخطوط الأمنية المفتوحة، وفي تشكيل الحكومة الحريرية، برعاية حثيثة من بري؟ وما طبيعتها؟ وكيف ستنعكس على عملية الإنقاذ المالي والاقتصادي الذي سيتاح للبنان، بدعم دولي؟

واستطراداً، مَن سيتولّى رعاية الاتفاق المنتظر بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود وتقاسم مخزونات الغاز، بمشاركة أميركية مباشرة؟ أي، مَن ستكون له امتيازات السلطة والمال في لبنان الآتي؟

حتى الآن، الشيعة ضَمِنوا أنفسهم إلى طاولة المفاوضات. والسُنَّة يتطلعون إلى تحصيل قطعةٍ من الكعكة، ولو كانت أدنى بقليل من المرتجى، وكذلك الدروز.

وأما المسيحيون فمسموع صُراخهم من ساحل بعبدا إلى تلة معراب، وأمُّهم الحنون «ليست فاضية» لهم في الزحمة الخانقة. وستَحسم الأيام: هل سيتمكنون من الجلوس شركاء أم سيكونون مادةَ تَقاسمٍ مُلقاة على الطاولة؟ وفي تخبّط الطوائف ومصالحها، هل سيكون لبنان موجوداً؟ وأي لبنان؟

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خريف المفاجآت عندما «تمشي» إيران خريف المفاجآت عندما «تمشي» إيران



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:29 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 21:58 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 07:30 2025 الأحد ,16 آذار/ مارس

مفاهيم خاطئة شائعة حول ديكور المنزل

GMT 12:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:34 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

كيك الليمون الشتوية
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon