بقلم : فادي عبود
يجب علينا في مواجهة اي أزمة أن نراقب ونحلّل التجارب العالمية لمعرفة ما أثبت نجاحه وما يصلح لاعتماده عندنا. مما لا شك فيه، انّ العالم كله يواجه اليوم تعقيدات وضياعاً في محاولة مواجهة جائحة كورونا، وإيجاد السبل الأفضل للحفاظ على صحة الناس وسلامتهم.
الّا انّ السؤال اليوم: لماذا الإصرار على تطبيق اجراءات لن تساهم في الحدّ من كورونا بل العكس؟
مثلاً، لم نفهم مدى تأثير قراري «المفرد» و»المجوز» ومنع التجول على الحدّ من انتشار كورونا خلال الإقفال العام، هذا سيسبب، في الحدّ الأدنى، ان يتشارك الموظفون الذين يقصدون عملهم سيارة واحدة، وهذا يزيد من نسبة الإصابات ولا يخففها، كذلك سيزداد ارتياد وسائل النقل العام، وهذا يزيد من نسبة الإصابة ايضاً كما هو معروف.
كما أنّ من غير المفهوم ماذا يفيد قرار منع التجول. فإذا كان المواطن ملتزماً شروط الوقاية، لماذا لا يحق له القيادة ليلاً. لم يأخذ القرار في الاعتبار كبار السن الذين يحتاجون رعاية دائمة، كذلك يحتاجون الى زيارات دائمة من افراد عائلاتهم للاهتمام، وهذا غير محدّد بوقت، كما امكانية حدوث طارئ في اوقات حظر التجول.
انّ قرار «المفرد» و»المجوز» ومنع التجول يزيد الاعباء على المواطن ويكبّله من دون طائل او مبرّر. فلن يتوقف الموظف عن العمل، ومنهم من يقودون مسافات طويلة للوصول الى اعمالهم وبالتالي سيتكبّدون أكلافاً اضافية للوصول الى مقرّ عملهم.
المطلوب ان ننظر الى الدول الاخرى التي عانت من انتشار كبير للكورونا، وماذا اعتمدت من اجراءات، ونطبّق منها ما نجح واثبت فعالية، ونُسقط ما اثبت فشله، وذلك بحسب تماشيها مع ظروفنا وامكاناتنا. والأهم يجب التركيز على اصول الممارسات الوقائية مثل التباعد الاجتماعي، منع الاكتظاظ، التعقيم وارتداء الكمامات أو واقٍ للوجه. التوعية حول هذه المتطلبات توفّر علينا كثيراً من القرارات غير المفيدة، كما السماح للمواطنين بالتعايش مع كورونا وممارسة حياة طبيعية.
كذلك، فإنّ التحدّي اليوم هو الإبقاء على عجلة الانتاجية قائمة وفي الوقت نفسه المحافظة على السلامة العامة، علماً انّ قرارات الحكومة الاخيرة اتت مقبولة لجهة اعطاء الصناعة هامشاً اكبر. ولكن، يبقى التخوف ان تتعثر الإنتاجية بسبب تأخير المعاملات الرسمية، الاستيراد والتصدير وغيرها.
اخيراً، لا بدّ من التشديد على اهمية الشفافية في مواجهة كوارث صحية وغيرها، فإنعدام المعلومات في لبنان بات مأسوياً. ما هي المساعدات التي تمّ تقديمها للبنان لمواجهة الكورونا؟ وهل يتمّ تشغيل المستشفيات الميدانية التي تمّ التبرّع بها بعد انفجار المرفأ في مواجهة كورونا؟ واين ذهبت المساعدات؟! علماً اننا كنا قد طلبنا من قيادة الجيش إطلاق صفحة رسمية لنشر المساعدات بشفافية كاملة.
واود ان اعيد قصة ابريق الزيت، انّ وجود الشفافية هو السير في الضوء، اما انعدامها فهو خطر، وخطرها مدمّر. فهل كانت كارثة المرفأ لتحصل لو كانت لدينا الشفافية، وهل كان الناس ليخسروا ودائعهم لو كانت الشفافية تُطبّق؟ هذه أمثلة تؤكّد انّ انعدام الشفافية لا يعني الفساد والهدر فقط، بل يعني وجود خطر مباشر على حياة كل مواطن لبناني لا يعرف ماذا يتمّ التخطيط له وبإسمه.