يأتي شعار حملة «نفِّذ»، الذي أطلقه النائب ابراهيم كنعان وتبنّاه تكتل لبنان القوي بلسان رئيسه الوزير جبران باسيل، في وقت نحتاج فيه الى الأفعال أكثر من الكلام، الى التنفيذ بدل الانتقاد والتجاذب السياسي، الى الانجازات بدل الشعارات. وتنفيذ الاصلاحات التي لا تحتاج الى مطوّلات قانونية، بل يمكن تنفيذها بقرار أو تدبير أو بمرسوم واحد صادر عن مجلس الوزراء، والأهم إيجاد النيّة لتنفيذها بشكل حازم. وحملة «نفِّذ» يجب أن تحقّق العديد من النقاط العالقة، والتي نطالب فيها بإصرار بسَد العجز والسيطرة على الهدر وإيجاد موارد حقيقية، وهي ما يأتي:
- نفّذ! مفاوضات على أعلى المستويات لحل مشكلات النقل البري مع سوريا والاردن وفتح ممرات الترانزيت حسب قانون الترانزيت العربي، والتوقف عن الابتزاز اليومي الذي يتعرّض له المصَدِّر اللبناني على المعابر من تكاليف مرتفعة وعرقلات. ولا اعرف من سيحمّل ضميره عرقلة هذه النقطة وتراجع الصادرات اللبنانية، فهل يحمّل «التقدمي الاشتراكي» و»القوات اللبنانية» عدم حلحلة موضوع المعابر وإبقاء اللبناني رهينة في انتظار الحلول السياسية؟ هذا الموضوع يجب إخراجه من اي شروط مسبقة، لم يعد الاقتصاد اللبناني يتحمل تسجيل نقاط سياسية على حساب المصدِّر والمُصَنِّع والمزارع، مسؤولية الحكم تحتّم التفاوض لإيجاد حلول، غير ذلك سيحاسب عليه التاريخ. إنّ فتح المعابر البريّة يزيد صادرات لبنان حوالى مليار دولار سنوياً، فكل البلدان فتحت حواراً مباشراً أو غير مباشر مع الدولة السورية، علماً أنّ بعضها كان من أشد أعدائها.
- نفِّذ! الدعم المطلق للتصدير والانطلاق من عقلية أنّ التصدير يبقى الدرع الواقية لاقتصاد البلد في ظل الأزمة المالية الحالية. وممارسة اقتناع أنّ التصدير هو السيادة الحقيقية، وأيّ مَسّ بالتصدير هو مَسّ مباشر بسيادة البلد. دعم التصدير بإلغاء كل الرسوم المرفئية وتصديق فواتير غرف التجارة من عمليات التصدير، ووضع خط Fast Track لمعاملات التصدير ومَنع «الحلوينات» والرشاوى كلياً على عمليات التصدير، بكلام آخر أن لا تتعدى معاملة التصدير من المصنع الى ظهر الباخرة الـ200 دولار. والأهم التعميم على المصارف تنفيذ التعميم من مصرف لبنان في شأن دعم الفوائد على مستوردات المواد الخام وتأمين الدولار للمصدّرين .
- نفِّذ! عملية السيطرة على الفواتير المخفّضة عبر دائرة البحث التابعة للجمارك عن التهريب قبل الاتفاق على الحلول الجذرية من خلال الكشف كل يوم على فواتير مَشكوك في سعرها، والكشف عن سعر البيع مقارنة بسعر الكلفة، والتأكد من أنّ فواتير البيع تتضمن الـTVA في مستودعات الزبائن، وهذه أسهل طريقة للتأكد من عدم التلاعب بالفواتير، وأن يكون عمل الدائرة فعالاً وشفافاً. واذا كان سعر البيع أضعاف سعر الكلفة يتم تطبيق القانون والغرامات.
- نفِّذ! عملية الانتقال الى أدوية «الجنريك» ومنع استعمال غيرها من قبل كل الهيئات الضامنة، فهناك مليار و400 مليون دولار كلفة استيراد الدواء من الخارج، ونحن نستطيع توفير بحدود النصف من استيراد الأدوية لو فرضنا الأدوية «الجنريك»، علماً أنّ بعضها مُصنّع في لبنان.
- نفِّذ! تفعيل دائرة حماية المستهلك وإعطائها صلاحيات استثنائية لملاحقة الاحتكارات، وعدم السماح لتلك الاحتكارات والمحميات الاقتصادية بالمَس بحقوق المواطن وتكبيده أعباء، وفرض التنافسية لخدمة المواطن في الدرجة الاولى، فيجب ان يكون من ضمن صلاحيات هذه الدائرة مراقبة أسعار تذاكر السفر، وتاكسي المطار، وتكبيد المواطن ايّ رسوم وضرائب او إجراء معاملة تكلّف المواطن أكثر من الضريبة نفسها، مثل شركات البريد السريع التي تكلّف المواطن أعباء ورسوماً أكثر من سعر السلعة المستوردة مثلاً، شركات الخلوي التي تبيع بطاقات مُسبقة الدفع بالدولار وتعتبر الوحدة الحسابية دقيقة بدلاً من الثانية، شركات الترابة التي تبيع المواطن بـ 110$ الطن، علماً أنها سلعة محلية غير مستوردة في حين تتمتع هذه الشركات بحصانة ويمنع استيراد الاسمنت، وهو احتكار على حساب مصلحة المواطن، كما السيطرة على محاولة فرض رسوم أو سلع بالدولار، علماً انها بالليرة اللبنانية، مثل رسم المغادرة التي تتقاضاه شركات الطيران بالدولار ويدفع الى الدولة اللبنانية بالليرة أو الاسمنت مثلاً...
- نفّذ! عملية الانتقال الفوري الى الرقابة الالكترونية في معالجة مشاكل السير فلم تعد الطرق التقليدية تُجدي نفعاً، الانتقال الفوري الى رقابة الكاميرات مع إصدار محاضر ضبط إلكترونية جديدة لا تُطبق عليها النسَب المقتطعة لصالح المستفيدين وتحويلها كاملة الى الخزينة العامة.
- نفّذ! رقابة على كل صالات الالعاب الالكترونية وتطبيق عليها نفس النسب المطبّقة على كازينو لبنان أي 50 في المئة من الارباح، وربطها مباشرة وإلكترونيّاً بهيئة رقابة تابعة لوزراة المالية.
- نفّذ! تجربة تلزيم مدرسة واحدة رسمية للقطاع الخاص، ولتكن تجربة نموذجية لمقارنة نتائج أي اختبار علني، ومقارنة النتائج المحققة قبل التلزيم وبعده من حيث مستوى التلامذة والكلفة التي تتكبّدها الدولة وتقديم النتائج بشفافية للرأي العام.
- نفّذ! عملية جَرد شاملة لموظفي القطاع العام من حيث الاعداد والانتاجية والمهمات المُعطاة لكل دائرة وقسم وادارة، وإعادة هيكلة وتوزيع وتوفير دوائر جديدة تكون مرتبطة أكثر بالقرن الحادي والعشرين وبمهمات تفيد الاقتصاد والمواطن، والتخلّص من ادارات ودوائر من الزمن الغابر، والاستغناء عن خدمات كل من تمّ توظيفه خلافاً للقانون.
- أخيراً، نفّذ! في هذه المرحلة أقلّه قانون الحق في الوصول الى المعلومات، علماً أنّ هذا القانون تَخطّاه الزمن، ليُصار، في ما بعد، الى إقرار قانون عصري للبيانات المفتوحة والحكومة المفتوحة، واعتبار البيانات والمعلومات ملكاً حصرياً للشعب يتم إعلانه يومياً للمواطن، لا ان تَستنسِب السلطة ما تريد حجبه وما تريد عرضه، او ان يضطر المواطن الى طلب المعلومات وتوسّلها، الشفافية المطلقة بكل تفاصيلها. أمّا في الوقت الراهن، أقلّه إلزام الادارات بتنفيذ المادة السابعة من قانون الحق في الوصول الى المعلومات، والذي ينص على النشر الحكمي لِما يتم إنفاقه، الى حين الوصول كما قلنا الى إقرار قانون البيانات المفتوحة وتنفيذه.
هذه النقاط مطلوب تنفيذها، ولن يقنع المواطن أي كلام أو تبرير أو تهويل، اذا لم ننتقل الى مرحلة التنفيذ. الشعارات والوعود لم تعد تقنع المواطن، على الجميع تطبيق حملة «نفِّذ»، ومَن يعرقل التنفيذ في هذه المرحلة الدقيقة يكون بمثابة خائن، ويجب أن يُعامل على هذا الأساس.