بقلم: سمير عطا الله
سارت النهضة التعليمية مع النهضة الاقتصادية والعمرانية في الخليج، واحدة تنافس الأخرى. وحقق هذه النهضة رجال كثيرون، لكنها ارتبطت بأسماء التاريخيين الذين أشرفوا عليها ووضعوا أسسها. وكلما ازدادت مداخيل النفط، ازداد الصرف المذهل على التعليم، سواء في الداخل أو فيما يعرف بـ«الابتعاث». وكان من الأسماء «الأسطورية» في السعودية الدكتور عبد العزيز الخويطر. وقيل على سبيل الدعابة إنه كان يطارد التلاميذ في الصحراء لإدخالهم المدارس. وأعتقد أن السعودية صرفت على التعليم في الخارج أكثر من أي دولة أخرى في العالم. ويحمل وزير الثقافة في دولة الإمارات، الشيخ نهيان بن مبارك، أكبر عدد من المسؤوليات التعليمية التي تولاها منذ عودته خريجاً من أكسفورد قبل نحو أربعة عقود. وفي الثقافة العامة كما في التربية، كما في التطوير الجامعي، ارتبط اسم الشيخ نهيان بنشوء الحركة التعليمية والثقافية والفنية في بلد يقول المؤرخون إن أحداً لم يكن يريد أرضه، والجميع كانوا يطمعون بمياهه، من الاستعمار البرتغالي إلى الاستعمار البريطاني الذي انتهى أوائل السبعينات.
كان عدد سكان أبوظبي (بلاد الظباء) عدد زوار معرض الكتاب يومياً الآن. و«أرض المعارض» شبه الدائمة أصبحت مدينة في حد ذاتها. وفيما ارتفعت دبي عمودياً على نحو عجائبي، كذلك حصل في أبوظبي من عمران وتطوير ومعارض وثقافة في جميع المجالات العلمية والتكنولوجية، كما هو مذكور في الإحصاءات.
لكننا، والحمد لله، في حماه ورضاه تعالى، من حيث الحبر والورق، وحتى ورق الأغلفة المقوى. ففي المراحل الأخيرة ثلاثة كتب قيد الإنجاز، بينها «الذكريات أو المذكرات»، و«مفكرة القرية»، التي نشرت هنا على حلقات، ورواية ينوي الناشر (الدار العربية للعلوم) ترشيحها لجائزة «البوكر»، أو «الكتبجي»، وهو لقب أخبرني به الزميل مأمون فندي، أعطاني إياه بعض الزملاء المصريين، منذ زمن.
في الكتب شيء من عبق الحياة. ممتعة، وأنت تنفرد بها، وممتعة عندما تراها أمامك مثل موسم كثيف من المؤلفات. أشجار مثل غابة ولها ثمار بألوان كثيرة ومذاقات شتّى. وعندما تُرتّب كلها في مكان واحد يزيد رونقها. وليطمئن قراء الورق وكتّابه. فإذا كان النموذج معرض أبوظبي، لا أزمة في الأفق.