بقلم: سمير عطا الله
ارتبطت الرسالة الكبرى منذ بدايات التنزيل الكريم بروح الجماعة. فقد كان مولد خاتم النبيين (صلى الله عليه وسلم) في «أم القرى». وإذ خرجت الدعوة من مكة وجوارها، وبلغت يثرب، قام (صلى الله عليه وسلم) بتغيير الاسم فوراً إلى المدينة المنورة لأنها استضاءت بأنوار الهداية. وحيث حل الإسلام حل الجمع بين المسلمين. فالمسجد هو «الجامع» و«يد الله مع الجماعة» والإسلام أمّة «ولا تكون أمَّتي على ضلال».
صارت المدن هي الرموز في الفتوحات وفي العمران معاً. والقدس أولى القبلتين، والقبلة علامة وحدة الأمة.
وحيث ازدهر الإسلام ازدهر العمران والرخاء، وعمّت الكفاية. وتحولت المدن إلى مراكز تجارية ضخمة في خدمة المسلمين. وبعد مكة والمدينة قامت على أرض الجزيرة إحدى أهم العواصم والحواضر في العالم، وتحولت الرياض من مدينة صغيرة تحمل خضرة اسمها في قلب الصحراء، إلى أسطورة عمرانية تضم نحو ستة ملايين نسمة، وبعض أكبر مراكز العلم والأعمال في العالم.
مرت الرياض في اضطرابات عدة عبر التاريخ إلى أن استعادها الملك عبد العزيز في معركة أسطورية من قيام الأمم. ومن ثم دخلت المدينة في عهد أميرها الملك سلمان أطول وأهم مرحلة استقرار وعمران في تاريخ البلدان. ومنذ اللحظة الأولى خاض هذا الجهاد المذهل على جبهتين: الأولى حفظ الرسالة والإرث والتراث، والأخرى بناء دروب المستقبل والتطوير ورعاية الازدهار.
وفي نصف قرن من إمارته جميع الذين عرفوا الرياض قبله لم يعودوا يعرفونها. فلما صار ملكاً، كانت قد أصبحت لملكه عاصمة من أمهات العواصم. ونمت حول تلك المدينة الصغيرة المليئة ببيوت الطوب، مدن كثيرة جعلت منها جسراً رائعاً ما بين عراقة التاريخ ورؤية المستقبل. وفي كل تناغم كانت الرياض تقيم كل عام مهرجان التمور والخيول والهجن، وهي تقيم الآن، برعاية الأمير محمد بن سلمان، مهرجانات الرالي الدولي، والمسرح والسينما، ومعارض الكتب ومهرجانات الثقافة.
ما بين إنجاز الملك ورؤية ولي عهده، تصدرت الرياض صفوف المدن الإسلامية في القارات. وفي رحابتها وازدهارها تجمع المسلمين من كل قطر. وتلمّ شمل العرب. وتشرك البلدان المحتاجة في مواردها. وتتصدى للمفترسين على الحرث والإرث الإسلامي والعربي فالله واحد، والله مع الجماعة.
وكل عام وأنتم بخير.