بقلم - سمير عطا الله
تدور منذ مدة حرب طاحنة حول أضخم صحيفة في التاريخ. وأنا خارجها ولا أعرف عنها شيئاً، وأنا نادم لأنني لا أعرف. والصحيفة طبعاً هي «تويتر» التي جعلت العالم كله يغرد معها. أو بالأحرى قسمته إلى قسمين: مغرد ومتخلف.
كنت أعتقد أن التطور موضة لا علاقة لي بها، لأنني ولدت لزمن غير زمنها. وعندما بدأ ظهور أمين معلوف في الأدب العالمي، قال لي إنه خرج من عالم الحبر والورق ودخل عالم الكومبيوتر، وراح يشرح لي فوائده وحسناته، ورحت لا أسمع ولا أصغي ولا أهتم. هكذا بدأتُ الكتابة وهكذا سوف أستمر. ورحت أقنع نفسي بخرافات من مثل إحساس القلم بحفيف الورق وترهات أخرى من ذرائع الخاملين.
بعد أعوام قليلة من ذلك اللقاء مع أمين أبلغتُ في الجريدة أن المقالات المكتوبة بخط اليد لم تعد مقبولة مطلقاً. وبدل أن أتعلم مثل غيري على صف الكومبيوتر، بحثت عن طابعة تحارب في قراءة خطي وفك رموزه ودافنشي كود، وتصف المقال وتدخله باب العصر، بينما أنا في الخارج أتفرج.
كنت أكتب عن تخلفي عن اللحاق بالركب مهاذراً، غير مدرك أنني أضحك من نفسي. ووجدت أنه لم يعد في إمكاني حتى أن أطلب سيارة تاكسي لأنني لا أعرف معنى «لوكيشون» على الهاتف. أصبحت عبئاً على جميع أصدقائي الذين يتواصلون بوسائل الضوء وأسلاك الأثير. وبدوت في المؤتمرات مثل راعي ماعز يغني في القفر وحيداً على نايه.
الشيء الوحيد الذي استطعت استخدامه من أدوات العمل الحديثة هو الآيباد.
شكراً يا سيدي ومولاي آيباد. شكراً ومن أين لك كل هذه القدرات: معه أقرأ كل صحف العالم. وأترجم كل الكلمات التي أريدها بكل اللغات. وأبحث عن كل موعد وتاريخ واسم وكتاب وقصيدة وإعلان مبوب وابنة شقيقة الإسكندر المقدوني. يوفر علي الأستاذ آيباد الذهاب إلى المكتبة العامة وإلى بائع الصحف وبائعة الأغاني، ويساعدني في الحساب وفي معرفة طقس البلدان، ويعطيني التهجئة الصحيحة للكلمات، والأسماء، ويشرح لي آلام المفاصل ومعاني الكلمات ويمدني بما كانت تمدنا به من تواريخ وأمثال الروزنامة المعلقة على جدار المطبخ، ويحجز مقاعد السفر، دائماً على الممر، لأن مقعد النافذة يجعلك تزعج جارك عندما تستأذن منه للمرور إلى الحمام. الآيباد مكسب جميل والتخلف عن عصرك خطأ لا يدفع ثمنه سواك.