بقلم: سمير عطا الله
دخلت نظرية الاسترضاء تاريخ السياسة والحروب منذ عام 1938، عندما قام رئيس وزراء بريطانيا، نيفيل تشامبرلين، بزيارة النازي أدولف هتلر، وقال يومها «لقد صافحني الرجل بحرارة صادقة، وأنا أعتقد أنه لا يريد الحرب». أعقب ذلك بعد عام حرب عالمية شنَّها هتلر كادت تدمِّر لندن نفسها. لكن تشرشل ربح تلك الحرب عندما وضع جانباً سياسة الاسترضاء وألقى ذلك الخطاب الشهير في مجلس العموم: سوف نحاربهم في كل مكان. في البحار وعلى الشواطئ...
تلعب إيران دور هتلر على نحو حرفي. ترسل ابتسامات جواد ظريف المفتقدة الآن، أو المفقودة، ثم تخصِّب 20 في المائة وتذهب إلى المفاوضات، ثم ترسل المسيرات إلى أبوظبي، وتحارب في اليمن كل يوم، لكنها عندما تمنى هي بالخسارة تريد أن تشعل العالم.
ذاهبة إيران إلى كل حروب الأرض وغير راجعة من أي منها. رفعت علم فلسطين وشقَّت الفلسطينيين إلى يوم الدين. وتحوَّلت المسألة الفلسطينية من قضية العالم إلى قضية إسماعيل هنية. وتحول لبنان من دولة «مساندة» إلى تفكك هلامي غير قادر على الوقوف. وتحوّل العراق من دولة بين نهرين أو رافدين، إلى عربة بين حصانين في اتجاهين متعاكسين. وفي سوريا ساعدت النظام على البقاء، لكنها ساهمت في تغيير ديموغرافي ووطني عميق. وحوَّلت اليمن من دولة عمرها مئات السنين إلى فصيل تطبع باسمه المسيرات وتطلقها على صهاريج النفط والمطارات المدنية. ولا مجال، أو لا ضرورة، لتعداد حروب إيران في آسيا الوسطى وأميركا اللاتينية وأفغانستان، وتهديد جو بايدن بأنه سيفاجأ بخطر في قلب البيت الأبيض!
ترفق إيران كل ذلك بعروض حربية في باب المندب ونقاط النفط الاستراتيجية، وتهدد أميركا وإسرائيل، وتتجاهل أوروبا، وتحاول إلحاق جميع حلفائها بالصين وإلغاء كل أثر للعلاقات الماضية مع العرب.
حتى اللحظة لا تجد إيران أمامها سوى محاولات الاسترضاء. وهي تدرك أنه لا أحد يريد حرباً تتحول إلى حرب عالمية. فالتشابه بين النزعة الهتلرية القتالية والنزعة الإيرانية شبه مطلق. الفارق أن هتلر كان يقاتل بجيوشه، فيما يقتصر الدور الإيراني على «المشورة» العسكرية، وتطوير فنون المسيرات والتكنولوجيا بخبرات الدوائر الهندسية ورقائق السيليكون في جبال صعدة.
الوضع قاتم كيفما تلفت. دول تندثر ودول تتحلل ومجتمعات في طريق الزوال. والعالم يتذكر قول تشامبرلين الشهير عشية الحرب: صافحني هتلر بحرارة صادقة!!