بقلم: سمير عطا الله
الحرب لها قوانينها وشروطها مثل السلام الدائم أو الهدنة المؤقتة، ولها حكامها مثل الكرة والملاكمة والمصارعة الحرة والمنازلة بالسيوف، ما يقوم به الحوثيون منذ اللحظة الأولى يتميز بشيء واحد هو اللؤم. واللؤم سلوك خارج عن أي مشاعر إنسانية وأي أعراف. وكل عمل قام به الحوثيون كان لؤماً معلناً بلغ ذروته المتوحشة في قتل الحليف علي صالح، وعرض جثته على الملأ بعد «تحسينها»، وهو لؤم بشري ضد آداب الموت، لم يفقه إلا عرض جثة معمر القذافي على حصير، كي يتشفى به معارضوه. وليس من مروءة أو شهامة أو شعور إنساني في الانتصار على جثة.
الحوثيون يقصفون المطارات المدنية والمصافي والأطفال. وواضح من الصور الخارجة من عندهم أنهم يوزعون على مقاتليهم الرشاشات والفشك والسيارات القديمة ولا يمدونهم باللباس أو الخبز. وخلافاً لثوب الحوثي نفسه، الذي يبدو من تصميم وصناعة وتطريز «ديور»، فإن مقاتليه يبدون جوعى ولا يغطون أجسادهم النحيلة بأكثر من «شلحة» من شلحات الفقر.
ويبدو أن الذين يزودون الحوثيين بأحدث المسيرات والأسلحة ليس لديهم ما يكفي تزويدهم طعاماً وملابس لائقة.
لم ينتبه جورج قرداحي إلى هذه الحقائق في معرض تعاطفه المؤثر مع فقراء الحوثيين ومظلوميهم، فالرجل الذي يصف نفسه بكل تواضع بأنه «نجم» تلفزيوني، لا يستطيع أن يرى من عليائه وقائع الأشياء. والآن أصبح فوق ذلك نجماً سياسياً يطلب «ضمانات» قبل الاستقالة من الورطة الصبيانية التي أوقع بها بلده الثاني، لبنان. وكان الرئيس الراحل شارل حلو قد قال وهو يستقبل وفد نقابة الصحافيين: «أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان».
بعد الذي قدمه قرداحي لجبهة الممانعة بوصفه نجماً تلفزيونياً، لم يعد مستقبله السياسي محصوراً بمقعد نيابي أو حقيبة وزارية، بل هو الآن مرشح رسمي لرئاسة الجمهورية، ميزته الأولى دعمه الإنساني للحرب الإنسانية الحضارية التي يخوضها الحوثيون ضمن معارك الإمبراطورية الإيرانية. ولم تكن مجزرتها في جازان سوى علامة من علامات الشهامة التي طغت على كل عمل سياسي أو إرهابي ظهر عنها حتى الآن.
كان هناك إجماع دولي غير مسبوق في الرد على إرهاب جازان سببه تكدس سلسلة اللؤميات في الأخلاقيات الحوثية، والتصعيد في تجاهل المواقف العربية والدولية والازدراء بها، أو استخدامها للخداع والابتزاز. والصورة المعلنة واضحة تماماً: كوفية الحوثي وشلحات مساكينه.