صانع النهايات

صانع النهايات

صانع النهايات

 لبنان اليوم -

صانع النهايات

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

أنهى بنيامين نتنياهو، بيديه الاثنتين، صورة إسرائيل المظلومة، والعرب المعتدين. وأنهى في أميركا العطف التاريخي على اليهود المطاردين، ونشأت بعد غزة موجة هائلة من «معاداة السامية» في أميركا وأوروبا، لا يعرف أحد إلى متى سوف تستمر، وإلى أين ستصل. منذ عقود والعرب يخوضون حرباً يائسة في إعلام العالم. كانوا يفرحون إذا قبلت «نيويورك تايمز» نشر إعلان مدفوع لهم. وكانوا يزغردون إذا أدلى نائب بريطاني بتصريح «موضوعي» عن القضية الفلسطينية. وكانوا يهزجون إذا عرف ممثل أميركي أين يقع العالم العربي.

كل ذلك صار ماضياً سحيقاً. أزاح نتنياهو هذه الصورة ورفع على جدار التاريخ صورة رجل يدمّر كل صباح بيوت آلاف البشر، ويتفرج على جنازات الأطفال الجماعية، ثم يأمر بالمزيد منها، ويشرد ملايين الناس بين حطام ديارهم، ويقتل مسعفيهم ويردي مراسليهم.

بحثاً عن بضعة مسؤولين عما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، لم يبقِ حجراً على حجر. وحوّل المستشفيات إلى مقابر. ونشر المجاعة، وزرع الأوبئة، وملأ البر ركاماً والناس حطاماً. وحول الغول من أسطورة إلى يوميات يشاهدها أهل المسكونة على شاشاتهم.

أحدث نتنياهو ثقباً كبيراً أسود في ذاكرة العالم. رمى بعيداً صورة الإسرائيلي الخارق الذي يهزم المارد العربي في ستة أيام. ووضع مكانها صورة «جيش الدفاع» الذي يمضي نصف عام في تفجير الأرض بحثاً عن بضعة رؤوس. هزيمته في غزة أنست الناس نكسة 67. بيديه قلب التاريخ فوق رأسه. وبيديه يفتش بين الركام عن فوز يباهي به ويبرر له وقف الحرب التي زرعت الخوف الكلّي من جديد في نفوس يهود العالم. لقد أحيا «معاداة السامية» في كل مكان، وعرض للعالم صورة حكومة من متطرفين ومفتوني دماء، وقسم إسرائيل بأعمق ما يكون منذ 1948.

بصرف النظر عما وصل إليه، فقد خسر نتنياهو هذه الحرب. خسرها في غزة، وخسرها في أميركا، وخسرها في أوروبا، وخسرها خصوصاً في تل أبيب، حيث تمتلئ الشوارع يومياً بالمظاهرات المطالبة بذهابه.

أدّت حرب 67 إلى قيام موجة هزء عالمية مضحكة ومؤلمة من العرب. ليس فقط من ضعفهم العسكري، بل من حضارتهم وتخلفهم وبلادتهم في مقابل النبوغ الإسرائيلي. تكفّل نتنياهو بمحو تلك الصورة تماماً، ووضع مكانها صورة سياسي فاسد، يحاول الهروب من المحاسبة، بنشر القتل والدمار والمزيد من الهزيمة كل يوم.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

صانع النهايات صانع النهايات



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 11:49 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة
 لبنان اليوم - انطلاق الدورة الثانية من مهرجان الشارقة للسيارات القديمة

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon