مستغربون

مستغربون

مستغربون

 لبنان اليوم -

مستغربون

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

بين الصديق الحبيب وبيني خلاف تجاوز نصف قرن حول موضوع آيديولوجي، يتحوّل أحياناً إلى مبارزة بالسيوف، إذا ما توافرت له أو لي. هو يكره القرب، ويجلس على ضفة النهر. وأعتقد أنه يقرأ عشرات الكتب، ويشاهد عشرات الأفلام والوثائقيات بحثاً عن عنوان ندي طري جميل من نوع «الغرب ينتحر» أو «الغرب ينفجر»، أو «لا غرب بعد اليوم». وعندما أكتب شيئاً مخالفاً لتمنياته، لا يتأخر في الإعراب عن غضبه من مثل هذه المواقف الإمبريالية. ونختلف، خصوصاً حول الموقف من كوبا والراحل فيدل كاسترو. ورأيه في هذا الموضوع بالذات أن ما أكتبه عن كاسترو يوازي حملة تستمر عاماً كاملاً من ضباط وعقداء الـC.I.R.

نقطة الخلاف الأساسية كانت ولا تزال موضوع الحرية. حيث هناك حريات، أجد نفسي حاضراً، وحيث هناك دول مثل ألبانيا أيام أنور خوجا، أو رومانيا أيام تشاوشيسكو، أرى صديقي يوزع الابتسامات يميناً و«يساراً».

يتوعدني الصديق لإقامة احتفال عالمي بانتصار الصين، ونجاح الهند والسيطرة الروسية. وقد شرحت له، بما أننا نشأنا في ظروف واحدة، أن انتماءنا لما يسمّى الغرب أمر طبيعي. كل شيء بالنسبة إلينا كان غربياً. السكك الحديدية والسفن البخارية، والتلغراف والسينما، والسيارة، والقطار، والمعلبات، والأجبان الفرنسية. وعندما فكرنا في السفر للمرة الأولى خطر لنا باريس ولندن وروما. كما كان في الإمكان أن تسافر غرباً في كل الاتجاهات وصولاً إلى ألاسكا. ولم يكف الغرب عن تقصير المسافات بين الأمم وشق قناة السويس، ثم قناة بنما، التي يريد دونالد ترمب ضمّها الآن. ولم يعد في كوكبنا نقطة يصعب الوصول إليها براً أو بحراً أو جواً. وإذ يدخل العالم عصراً أكثر عجائبية، نجد أن كل الوسائل المفترضة في الثورة الصناعية الحالية، من صنع الغرب. صحيح أن الروس هم أول من ذهب إلى الفضاء، لكن الأميركيين ما لبثوا أن داروا حوله بسرعة 50 ألف ميل في الساعة، وقد أحرزت الصين في السنوات الأربعين الماضية تقدماً مذهلاً في كل الحقول، لكن معظم هذا التقدم يقوم على التقليد. وهو ما فعلته اليابان من قبل، ولا تزال. وتسير آسيا منذ فترة نحو اقتصادات هائلة التقدم، وربما تتفوق ذات يوم على القوى الإبداعية الأميركية، التي تسيطر على الاختراع. لكن لا يزال الغرب هو المتقدم، ولا يزال راتب الطبيب في كوبا نحو 50 دولاراً في الشهر، ولا تزال ألبانيا في صعودها وتقدمها تحاول التعويض عن سنوات التخلف. في أي حال تحية إلى جميع المتقدمين غرباً أو شرقاً.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مستغربون مستغربون



GMT 19:12 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

«إيزي» عم توم

GMT 19:11 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

يَا مَنْ يَعِزُّ عَلَيْنَا أَنْ نُفَارِقَهُمْ!

GMT 19:10 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المحاور والجبهات الغائبة

GMT 19:09 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

ساركوزي ومانديلا ودراما السياسة

GMT 19:08 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

سوريا... اختبار الدولة لا اختبار السلطة

GMT 19:04 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

المخاوف الأوروبية والهواجس الروسية

GMT 19:02 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

الدلالات غير السياسية للتجربة السورية

GMT 18:56 2025 السبت ,13 كانون الأول / ديسمبر

العامل والسقالة والوعي

الرقة والأناقة ترافق العروس آروى جودة في يومها الكبير

القاهرة ـ لبنان اليوم

GMT 13:36 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 09:53 2020 الجمعة ,26 حزيران / يونيو

«حماس» تتوارى عن الأنظار

GMT 06:12 2014 الأربعاء ,15 تشرين الأول / أكتوبر

.. و"دقّت ساعة بغ بن"

GMT 10:03 2021 الخميس ,28 كانون الثاني / يناير

جديد أميركا وثوابتها

GMT 04:06 2015 الإثنين ,23 شباط / فبراير

قوائم الانتخابات

GMT 10:57 2025 الأحد ,16 تشرين الثاني / نوفمبر

"بي بي سي" تواجه معركة قانونية شرسة مع أقوى رجل في العالم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
Pearl Bldg.4th floor, 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh, Beirut- Lebanon.
lebanon, lebanon, lebanon