المصالحات خير من الحروب

المصالحات خير من الحروب

المصالحات خير من الحروب

 لبنان اليوم -

المصالحات خير من الحروب

سمير عطا الله
بقلم - سمير عطا الله

في 22 يناير (كانون الثاني) 1963 وقّع الرئيس الفرنسي شارل ديغول والمستشار الألماني الغربي كونراد أديناور «معاهدة التعاون»، التي سُميت «معاهدة الإليزيه». أنهى العملاقان أسوأ تاريخ من تواريخ الحروب في أوروبا، بينها الحربان العالميتان، وتحولت الدولتان إلى أهم حليفتين في القارة، وصار أبناء قادة الحرب في ألمانيا النازية يحلّون «ضيوف شرف» في عرض 14 يوليو (تموز) العسكري.
يتساءل المعلقون العرب والأجانب الآن: هل سوف ينجح اتفاق بكين بين السعودية وإيران؟ قبل أن أحاول الإجابة، لا بد من التوقف عند احتفال آيرلندا أول من أمس (الاثنين) بمرور ربع قرن على اتفاق المصالحة بين الشمال والجنوب، الكاثوليك والبروتستانت، الأعداء منذ قرون.
لا اتفاق الإليزيه كان ممكناً ولا اتفاق آيرلندا كان متوقعاً. لكن الاتفاقين نجحا. شكراً للفريقين وليس لفريق واحد. ينجح اتفاق بكين إذا التزمت إيران ما تفعله السعودية منذ عقود طويلة، وهو إرسال المساعدات والمدارس والمستشفيات إلى اليمن بدل الأسلحة والمحرضين والمسيّرات. وينجح إذا سلكت طهران سلوك ألمانيا وفرنسا، وقررت أن تحترم سيادة الدول وكرامات الشعوب. وينجح أكثر، إذا ما شاركت السعودية الآن في إعادة إعمار الدول التي خربتها الحروب وأفقرتها ودمَّرت حياة شعوبها.
من حيث المبدأ، «اتفاق بكين» مدخل إلى تاريخ جديد ومصالحة عميقة شبيه باتفاق الإليزيه. شراكة كبرى في السلم والعمران ورفاه شعوب المنطقة. المصالحة الفرنسية - الألمانية لا تبدو شيئاً أمام حجم إمكانات التعاون السعودي – الإيراني. يتوقف كل ذلك على نزع روح الحرب والالتفات إلى استثمار الثروات الهائلة في التنمية والتطوير.
النموذج السعودي يكاد يصبح نموذجاً عالمياً على غرار النموذج الصيني، في حين لا تزال ثروات إيران في أسر العقوبات وهدر الحروب العبثية. لا يمكن للمصالحات أن تقوم إذا كان المستقبل سيظل رهين الماضي. الماضي سد نفسي لا يكف عن الارتفاع إذا لم تتجاوز الحكمة والشجاعة، الحقد والعقد.
مسار الاتفاق السعودي - الإيراني، مدهش حتى الآن. كل خطوة، خطوة رجال دولة. وكل يوم انفراج جديد على مستوى المنطقة. وكل خطوة تزداد شعوب المنطقة أملاً بأن نوافذ الحياة والطمأنينة تزداد اتساعاً.
التاريخ ينتقل إلى هنا، إلى آسيا، وفي خطى مذهلة. ها هو وريث الإمبراطورية الفرنسية إيمانويل ماكرون، يذهب إلى بكين، طالباً مساعدة فرنسا وأوروبا. لم تعد الصين خوفاً يبحث الغرب كيف يواجهه، بل أصبحت واقعاً يدرس كيف التعامل معه. وعلى ما يقول المثل الأميركي: «إذا لم تستطع أن تغلبهم، انضم إليهم».
لا نريد تبسيط الأمور كثيراً. لكن الدنيا ليست أحقاداً وحروباً فقط. المثالان الألماني - الفرنسي والآيرلندي، دليل وبرهان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المصالحات خير من الحروب المصالحات خير من الحروب



GMT 14:38 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الحضارة بين العلم والفلسفة أو التقنية والإدارة

GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 15:24 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة
 لبنان اليوم - أفكار لتوزيع قطع الأثاث حول المدفأة

GMT 14:56 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص
 لبنان اليوم - "واتساب" يُعلن عن ميزة تحويل الرسائل الصوتية إلى نصوص

GMT 09:51 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

فساتين الكاب تمنحك إطلالة ملكية فخمة

GMT 10:05 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار هدايا مبتكرة ومميزة في موسم الأعياد

GMT 08:48 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

أبرز العطور التي قدمتها دور الأزياء العالمية

GMT 15:27 2021 السبت ,10 إبريل / نيسان

علي ليو يتوج بلقب "عراق آيدول" الموسم الأول

GMT 11:57 2023 الأربعاء ,20 كانون الأول / ديسمبر

برومو ”الاسكندراني” يتخطى الـ 5 ملايين بعد ساعات من عرضه

GMT 16:26 2021 الإثنين ,20 أيلول / سبتمبر

بريشة : ناجي العلي

GMT 15:28 2024 الجمعة ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

أفكار لاستغلال زوايا المنزل وتحويلها لبقعة آسرة وأنيقة

GMT 09:37 2022 الخميس ,21 تموز / يوليو

طرق تنظيم وقت الأطفال بين الدراسة والمرح

GMT 14:26 2017 الجمعة ,15 كانون الأول / ديسمبر

متوسط أسعار الذهب في أسواق المال في اليمن الجمعة

GMT 19:03 2019 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

منى عبد الوهاب تعود بفيلم جديد مع محمد حفظي

GMT 17:45 2021 الخميس ,21 تشرين الأول / أكتوبر

الكاظمي يؤكد العمل على حماية المتظاهرين بالدستور
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon