إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ
أخر الأخبار

إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ

إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ

 لبنان اليوم -

إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ

د.مصطفى علوش
بيروت- لبنان اليوم

بكل موضوعية، لا يمكن وصف انفجار المرفأ بالحادث، فهو جريمة بكل ما للكلمة من معنى، حتى ولو كان الأمر حادثًا. ولا بأس على هذا الأساس إن طارت رؤوس كبرى في طريق العدالة، للوصول إلى حق اللبنانيين في معرفة من تسبب بمأساتهم المروعة، وهي لا تقتصر على هذه الجريمة، بل هي تشمل كل ما جعل منها إمكانية دائمة في حياتهم المليئة بالنكبات. إنّه واقع ضياع السلطة بين ما هو شرعي وغير شرعي، بين ما هو دستوري وغير دستوري، بين ما هو قانون وأمر واقع طائفي ومذهبي. فكان من ردّات الفعل المنطقية، بوجود صيف وشتاء على سطح واحد، أن يتمّ اللجوء إلى التمترس وراء حقوق الطوائف في كل محطة من المحطات الكئيبة في مسارنا المنحدر تسارعاً نحو هاوية الجحيم.

قضية اتهام رئيس الحكومة ووزراء آخرين في جريمة المرفأ، هي آخر ما يحصل في سلسلة الصيف والشتاء على سطح واحد، ولو كانت القضية تجري في بلد طبيعي فيه عدالة موثوق برعاتها، أو سلطة تحمي وتحاسب الجميع بالتساوي، لقلنا إنّ القضية طبيعية، ولم يكن هناك سبب لإستثارة كل هذا الكمّ من ردّات الفعل، التي كما هو واضح، تأخذ الطابع الطائفي. هناك قضية خطيرة لا شك، وهي كما يبدو متعددة الرؤوس، كما أنّ الاتهامات بالمشاركة فيها لا يمكن أن تنحصر بشخص أو أشخاص. والتهم تبدأ بمسألة شراء وتخزين مواد قابلة للانفجار، ومن ثم سلسلة من التواطؤ والإهمال على مدى سبع سنوات، تعاقبت عليها حكومات عدة، وفراغات في الحكومات وفي سدّة الرئاسة. وهنا جريمة الإهمال كبرى بالتأكيد، حتى ولو كان الأمر يستند إلى مجرد سؤ التقدير. فالمسؤول مسؤول حتى عن سوء تقديره أو عن عدم معرفته بحقيقة الأمور، وذلك لمجرد أنّه في موقع المسؤولية. أما التواطؤ فهو جريمة أكبر، أكانت القضية لفساد أم لتغطية من أي نوع كان. لكن القضية الأساس التي تحمل الإتهام المباشر، ومنه يمكن الإنطلاق إلى متابعة الخيوط، هي في كيف وصلت هذه الحمولة إلى المرفأ، ولماذا أُنزلت ولحساب من، ولماذا خُزنت وبعهدة من، ومن تصرف بالمواد، أو بجزء منها، ولأي هدف؟ من بعدها يمكن بناء المشهد وتركيب التتابع المنطقي وتوجيه التهم بمستوياتها المختلفة. وهذا الأمر هو الذي ما زال غامضاً حتى الساعة، مع أنّه بيت القصيد الذي قد يلقي الضوء على من تواطأ ولماذا، وعلى من أهمل ولماذا. ولا فارق إن كان عندها أياً من المسؤولين أم من غير المسؤولين، ولم يكن لإجراء كهذا أن يثير إلّا التأييد العابر للطوائف، شرط أن يكون تسلسل الأمور موجوداً ضمن سلّة الاتهامات التي قد تطاول العشرات من الأشخاص بتعدد مستوى الاتهامات. ما هو مؤكّد هو أنّ رئيس الحكومة المستقيلة كان قد تمّ استجوابه حسب الأصول، ولكن توجيه الاتهام لرئيس حكومة له مسار آخر يجب أن يستند أولاً إلى معطيات واضحة جرمية، تذهب إلى مجلس النواب ومن بعدها للمحاكمة حسب الأصول الدستورية.

لكن، ما الذي يحدث الآن؟ فجأة، ومن دون أي توطئة أو تسلسل في السرد حول ما الذي دعا إلى الاتهام، يتمّ دعوة رئيس حكومة تصريف أعمال، يُعتبر معزولاً على المستوى الشعبي ويمكن الاستفراد به، ووزراء سابقين جميعهم من خصوم رئيس الجمهورية وفريقه السياسي. يأتي هذا كله في ظلّ أزمة قاتلة تهدّد كيان البلد، في حين أنّ فريق الرئيس يصبّ كل اهتمامه على نصب الأفخاخ وزرع الألغام في طريق ولي العهد، في محاولة يائسة لإعادة الحياة إليه كفاعل في السياسة، بعد فضيحة العقوبات التي أُنزلت عليه. هو اليوم يضع الجميع في دائرة الانتقام، ولم يوفّر في هذا المجال حتى أفراد العائلة المالكة الذين اتهموه بالخيانة والغدر في شكل مباشر.

لكن المؤكّد هو أنّ الرئيس حسان دياب ليس هو المقصود بشكل شخصي في مسألة الإدعاء هنا، فهو على الأقل لم يكن خصماً لولي العهد، لا بل على العكس، فقد كان أحد ضحاياه الكثر على طريق التألّق النرجسي الذي لا يحده شيء، حتى دمار البلاد وفناء العباد. فما المقصود إذاً مما حدث؟ المقصود هو بالضبط ما حدث! ردة فعل طائفية الطابع تضع مسؤولية تضييع التحقيق على عاتق رؤساء الوزراء السابقين والمرجعيات السنّية، فيشاح النظر عن المسؤول الحقيقي عن وصول شحنة الموت إلى المرفأ.

من يظن أنّ الكلام هنا هو للدفاع عن رئيس وزراء لمجرد أنّه من طائفة معينة يكون قد أضاع البوصلة، فلا بأس أن يُحاسب أي مسؤول عن تلك الجريمة حسب الأصول ومن خلال معطيات كاملة، تبدأ بموقع الجريمة وتتابع الملف من البداية. وهنا أظن أنّ من الأحرى برئيس الحكومة أن يقول للرأي العام كل ما لديه عن الموضوع حتى لا تبقى الشكوك تدور حول موقعه، وتتحول القضية مسألة طائفية تضيع بعدها المسؤولية الحقيقية.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ إستهداف رئيس الحكومة لتضليل التحقيق في جريمة المرفأ



GMT 19:34 2025 الأربعاء ,12 آذار/ مارس

مسلسلات رمضان!

GMT 11:05 2025 الإثنين ,10 آذار/ مارس

ريفييرا غزة!

GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:19 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 08:22 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

قائمة ببعض الألوان التي تناسب إطلالات فصل الخريف الداكن

GMT 07:03 2025 السبت ,11 كانون الثاني / يناير

حيل ونصائح لترتيب المطبخ غير المزود بخزائن

GMT 10:42 2024 الإثنين ,02 كانون الأول / ديسمبر

حجب أغاني الفنانة أنغام على منصة "أنغامي"

GMT 23:13 2021 الأربعاء ,20 كانون الثاني / يناير

ألكويانو فريق الدرجة الثالثة يُجبر الملكي على أشواط إضافية

GMT 22:54 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

الإفراج عن بقية الموقوفين من جماهير الإفريقي التونسي

GMT 18:53 2021 الخميس ,07 كانون الثاني / يناير

تحديث واتساب الجديد الآن اختياري وغدا إجباري
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon