مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب!

مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب!

 لبنان اليوم -

مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب

بقلم: رضوان السيد

ما فهمت ملاحظة الرئيس الأوكراني قبل أيام، أنّ الروس انزعجوا عندما حاول زيلينسكي أو أحد مساعديه التحدث إلى إدارة مدينة ماريوبول المحاصرة بالروسية وليس بالأوكرانية! فكّرتُ وسألت فقيل لي، أنّ الرئيس ربما أراد إظهار تسامُحه وأنه لا يكره الروس رغم حربهم على أوكرانيا. أو ربما تحدث مساعدو الرئيس بالروسية وكان الأمر متعلقاً بشأن إغاثي أو إنساني ليثيروا تعاطفاً بين المقاتلين الروس مع المدنيين المنكوبين بالغزو والحصار. ولستُ من علماء اللغات، لكنني أعرف أنّ اللغتين متقاربتان ومن السلالة نفسها، وإن ظلتا لغتين، وليس لهجة فرعية على لغة أم. إنما ليس هذا هو السؤال، بل السؤال عن علاقة اللغة بالهوية، وهي قضية أُثيرت من جديد في زمنَي الاستعمار والعولمة. وهكذا، فإنّ كلام ابن خلدون أنّ المغلوب مولعٌ بتقليد الغالب ليس على إطلاقه. ففي أزمنة الحروب حتى القديم منها تتعملق الهويات، واللغة الخاصة هي التي تتضمن ثقافتها ومقدساتها ورموزها. بمعنى أنه في أزمنة الحروب والأزمات بين الدول والأُمم يجري التأكيد على الاختلاف بواسطة الهويات المختلفة التي تكون لها سمتان: الخصوصيات الإثنية واللغات المختلفة. وفي تاريخ الطبري أنّ المرابطين المواجهين للروم فيما وراء حلب أسروا بطريقاً - وكل ضابط كبير هو بطريقٌ عندهم! – فتحدث إليهم بعربية فصحى ممتازة، ولولا أنه أشقر لظنوه «من عرب الروم»؛ لكنه أكد لهم أنه رومي أصيل كما يقال، وإنما قضى سنوات شبابه وكهولته في ثكنات الحدود فأتقن العربية وصار يتكلم ويكتب بها ويحقق مع الأسرى والمتسللين، ويشارك في تدوين العهود والاتفاقيات التي تُكتب باللغتين! وعلى أي حال، ما اقتنع المرابطون بهذا التعليل لقدرة الرومي الأشقر على التكلم بالعربية من دون لحن، وعمدوا إلى إطلاق سراحه في أول صفقة لتبادل الأسرى، ليتخلصوا من قلق الحيرة والغرابة والإزعاج (!). وهناك قصة أُخرى من القرن التاسع الميلادي بالأندلس، حيث يشكو كاهنٌ إسباني من أنّ جمهرة من الشبان الإسبان أُغرموا بلسان الفاتحين المسلمين، وصاروا يتكلمون العربية فيما بينهم ويكتبون بها الأشعار. ومع أنهم ما اعتنقوا الإسلام، فقد اعتبر الكاهن الأمر خيانة للدين وللتقاليد الثقافية العريقة.
ولا ننسى أنّ الإحياء اللغوي الهندي والعربي إنما حدث في زمن الاستعمار. ومنذ ما قبل أيام غاندي ومحمد عبده كان هناك حديث عن الغزو الثقافي المقارن للغزو العسكري، وانصرافٌ إلى إحياء وتحديث وتجديد لغة الهوية والدين. بيد أنّ الهوية المتجددة ليست ديناً فقط؛ بدليل ما قام به أدباء المهجر الشوام في ديار الاغتراب من إحياءٍ وتجديدٍ للعربية بالنثر والشعر وهم في غالبيتهم العظمى من المسيحيين.
وفي زمان العولمة عاد ازدهار الهويات، لكنه هنا ليس من طرفٍ واحدٍ، بل هو من الطرفين. ففي الوقت الذي يتشبث فيه المهاجرون في أوروبا وأميركا بالهوية الخاصة ورموزها الدينية واللسانية خشية الذوبان، تظهر عند الطرف الآخر الشعبويات التي تحاول إحياء صورة مصنوعة عن الهوية الأصيلة. لكنها هنا لا تعمل على إحياءٍ ديني أو لغوي؛ بل تنتصر للتمايز والاختلاف ذوباناً وزوالاً، وهؤلاء يعتبرون تقاليد المهاجرين الدينية الوطنية تهديداً للحضارة الفرنسية. ويريد المتابعون تقسيم ظواهر الهوية أو خيالاتها إلى فئتين: الأولى آسيوية، وفيها تستيقظ الهوية على مزيجٍ من الدين والإثنية. والأخرى أوروبية أو غربية، وهي أكثر تركيزاً على الاختلاف الثقافي والحضاري والديني. وقد كان الرئيس الفرنسي الأسبق جيسكار ديستان يريد النصّ في ميثاق الاتحاد الأوروبي على المسيحية باعتبارها ركناً من أركان هوية أوروبا التاريخية، لكن الأمر لم ينجح! وفي النهاية، جرى الاكتفاء برمزية شارلمان باعتباره أباً للوحدة الأوروبية وهو شخصية مشتركة بين الفرنسيين والألمان وحسب!
يقول الفيلسوف كوامي أنطوني أبياه في كتابه «أخلاقيات الهوية» (2005)، إنّ أي ثقافة لا تمثل الاختلاف فحسب، بل زوال الاختلاف أيضاً! وهو يعني أنه في زمن ثقافة الحقوق والاستحقاقات، التي تقودها المؤسسات الدولية الثقافية والاستراتيجية التي أنتجها الغرب، لا يعود هناك مكانٌ للتمييز أو للأفضلية، ومن ضمن هذه الثقافة الحق في «الحقوق المتساوية» داخل الدولة، والحق لكل قومية في إنشاء دولة ولو بالانفصال عن الكيان الأكبر والمتعدد. وهذا هو الذي حصل بشرق أوروبا بعد سقوط الاتحاد السوفياتي. لقد كان التركيز على تمايز الجمهوريات الإسلامية بآسيا الوسطى والقوقاز، وما تنبه الكثيرون إلى أنّ الذاكرة التاريخية والأحقاد التاريخية واللغات المختلفة موجودة أيضاً في جمهوريات البلطيق الصغيرة على سبيل المثال. وإذا كانت إستونيا الصغيرة تملك هذه الذاكرة، فلماذا لا تمتلكها جمهورية أوكرانيا الكبيرة أو شعبها أو نخبتها؟! ومن جهة أُخرى، إذا كانت «روسيا الاتحادية» - التي لا تزال فيها إثنيات تريد الاستقلال - قد تجاهلت انفصال جمهوريات البلطيق أو احتقرتها؛ فإنها لا تستطيع تجاهُل انفصال أوكرانيا الكبيرة التي كانت تُسمَّى روسيا الصغرى! وإذا كان الاتحاد السوفياتي الاشتراكي ما اعتبر القوميات مسوِّغاً لإقامة دول مستقلة (مع أنه أبقى على الحكم الذاتي فيها معترفاً باختلافها!)؛ فإنه وقد صار قلبه جمهورية أو دولة قومية، يتناقض عندما لا يريد الاعتراف بدولٍ مستقلة للقوميات في محيطه صغيرة كانت أو كبيرة! وعلى أي حال وفي جدالية لا تنتهي؛ فإنّ الرئيس الروسي لا يتحدث في حربه عن حقوق القوميات أو عدمها؛ بل يتحدث عن إحاطة الأطلسي به إحاطة السِوار بالمعصم وهو حلفٌ شاكي السلاح ومنه النووي!
كنا نعتبر الهوية معطى إثنو - ثقافياً خارج أوروبا. وهي الآن تتوهج على وجه الخصوص بشرق أوروبا. وستبقى عنصر تفجير هناك وفي البلقان، ولا ندري ماذا يحمله المستقبل للبوسنة والهرسك ولكوسوفو.
سمى فوكوياما كتابه الصادر عام 2018 «الهوية، مطلب الكرامة وسياسات الاستياء». وبين الكرامة والاستياء نشبت وتنشب نزاعات كثيرة، والله المستعان.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب مشكلات الهوية وتعقيداتها وزمن الحرب



GMT 18:25 2024 الخميس ,14 تشرين الثاني / نوفمبر

الخاسر... الثاني من اليمين

GMT 18:10 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

جمعية يافا ومهرجان الزيتون والرسائل العميقة

GMT 17:39 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

أي تاريخ سوف يكتب؟

GMT 17:36 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

لا تَدَعوا «محور الممانعة» ينجح في منع السلام!

GMT 17:31 2024 الخميس ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

عودة ترمبية... من الباب الكبير

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon