بقلم : مشاري الذايدي
من دون مبالغة، القرار الذي أصدره مجلس الوزراء السعودي برئاسة خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز أمس (الثلاثاء)، حول تكوين الهيئات الثقافية الـ11، قرار عظيم الأثر في مستقبل الحياة السعودية بل وجوارها.
مجلس الوزراء السعودي قرّر إنشاء الهيئات التالية: (الأدب والنشر والترجمة، والمتاحف، والتراث، والأفلام، والمكتبات، وفنون العمارة والتصميم، والموسيقى، والمسرح والفنون الأدائية، والفنون البصرية، وفنون الطهي، والأزياء)، وتفويض وزير الثقافة رئيس مجالس إدارات الهيئات بممارسة اختصاصات تلك المجالس، وذلك إلى حين تشكيل مجلس إدارة كل هيئة.
كنا نأمل في هيئة واحدة فقط من هذه الهيئات، تنجز نهضة حقيقية مثلاً في قطاع المسرح أو النشر والترجمة، لكننا اليوم إزاء 11 هيئة، لدى كل واحدة منها الصلاحيات والدعم المالي والقانوني والسياسي... يظل فقط العمل والانطلاق.
كان قد سبق هذا القرار الكبير، مقدمات أثبتت جاهزية السعوديين، ورغبتهم، للانطلاق في هذه المجالات، من هذه المقدمات مواسم جدة والرياض الترفيهية التي اشتملت على العديد من الفعاليات والعروض الموسيقية والحفلات والمسرحيات المحلية والعربية والعالمية.
الأمير بدر بن عبد الله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي النشط، كان قد أعلن في يناير (كانون الثاني) الماضي، إطلاق أول برنامج للابتعاث الثقافي للدراسة في أبرز الجامعات العالمية، في مجالات علم الآثار، والتصميم، والمتاحف، والموسيقى، والمسرح، وصناعة الأفلام، والآداب، والفنون البصرية، وفنون الطهي، وذلك في إطار التطوير الشامل الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة؛ وذلك للمراحل الدراسية: البكالوريوس، والماجستير، والدكتوراه.
إذن، الناس راغبون ومستعدون، فكانت المواكبة الحكومية على هذا المستوى من الجذرية والشمولية.
وزارة الثقافة السعودية أوضحت أن الهيئات الثقافية الجديدة التي وافق مجلس الوزراء على إنشائها، ستتولى مسؤولية إدارة القطاع الثقافي السعودي بمختلف تخصصاته واتجاهاته، وستكون كل هيئة مسؤولة عن تطوير قطاع محدد وتتمتع بالشخصية الاعتبارية العامة والاستقلال المالي والإداري وترتبط تنظيميّاً بوزير الثقافة.
كيف سيكون أثر هذه الهيئات على صناعة المحتوى السعودي؟ أفلام، مسلسلات، مكتبة موسيقية، كتب، صحافة، مسرح، موضة وصناعة العلامات الفاخرة في المطاعم، وغير ذلك من المناحي؟
هذا سؤال كبير، وربما نحتاج إلى بعض الوقت للتعرف على تفاصيل إجابته، وربما يتحجّج البعض بضخامة المطلوب وقلة الأدوات... لكنّ هذا هو شأن التحديات الحقيقية التي تصنع التغيير الكبير والحقيقي.
نحن أمام فرصة تاريخية للشباب والشابات وكل المهتمين من السعوديين، وغير السعوديين أيضاً من ذوي القدرات المميزة، على أمل أن تصبح السعودية مركزاً إقليمياً مؤثراً في هذه الصناعات... صناعات العقول والوجدان والأذواق.
نحن تجاه «مشروع» ثورة حقيقية في القوة السعودية الناعمة... ننتظر نجاحه... وسينجح.