خلف بن هذال الإبداع الذي لا يبلى
أخر الأخبار

خلف بن هذال... الإبداع الذي لا يبلى

خلف بن هذال... الإبداع الذي لا يبلى

 لبنان اليوم -

خلف بن هذال الإبداع الذي لا يبلى

مشاري الذايدي
بقلم - مشاري الذايدي

كان مبهجاً خبر جائزة التكريم السعودي الخاص في ملتقى التميز الإعلامي 2023 بالعاصمة الرياض ضمن الشخصيات التي قدمت بصمات إعلامية واجتماعية وثقافية، في الحفل الذي أقامته وزارة الإعلام، بالشراكة مع برنامج تنمية القدرات البشرية يوم الأحد الماضي. خبر يثير الشجون حول شخصية وعطاء مبدع سعودي شكَّل ركناً ركيناً من الوجدان السعودي بل الخليجي العام لعقود من الزمن.

صاحب هذه المساحة متورط تورطاً إيجابياً في الإعجاب والانخطاف ببرق وبريق وغيث ومطر الهتان خلف بن هذال المولود في مدينة ساجر، في عالية نجد، عام 1943.

فقَد فتانا، كما كتبت عنه قبل أكثر من عشرين عاماً، هنا، والده وهو في الثامنة مع عمره، وتحول، شأنه شأن الكثيرين من تلك الأجيال، التي عانت شظف العيش، إلى البحث عن مصدر رزق، وعمل في السكة الحديد براتب 3 ريالات، ثم التحق بالجيش الكويتي سنة 1959. عاد بعدها خلف إلى السعودية والتحق بأفواج الحرس الوطني، وتحديداً الفوج التاسع، الذي كان تحت قيادة الشيخ تركي بن ربيعان أمير قبيلته. يقول خلف في أحد حواراته عن علاقته بالشعر إن أول قصيدة كتبها كانت وعمره 13 سنة.

لكن شهرة خلف الحقيقية بدأت مع حرب الخليج الثانية أو حرب الكويت سنة 1990، فقد تصدى خلف ببراعة لصياغة الموقف الشعبي في شكل قصائد حماسية تداعب الشعور الوطني، وكان أشهرها قصيدته التي قالها في بدايات الغزو.

القصيدة ذات المطلع الشهير:

يا لله بامانك من النكبات تامنا...

أصبحت جزءاً من تاريخ الحرب. والمثير فيها البيت الذي أقسم فيه خلف بعودة قصر «دسمان» في الكويت إلى الشيخ جابر.

وحينما دخلت بعض القوات العراقية إلى مدينة الخفجي شمال شرق السعودية، واندلعت معركة شرسة لاسترداد المدينة، أفلحت فيها القوات في تخليص المدينة من الغزو، كان خلف بن هذال يلقي قصيدته في مدينة الملك خالد العسكرية في شمال شرق البلاد، وأمام الملك عبد الله بن عبد العزيز (كان ولياً للعهد حينها)، قصيدة أصحبت هي الأخرى على لسان الجميع، وكانت مميزة بالإيقاع الحربي، متضوعة بنكهة النصر:

يقول فيها خلف:

يالله يالله فزعتك يا رحيم ويا ودود يا كريم عند دفع المصايب يسألا

إلى أن يقول عن صدام حسين:

جعل يوم جاب صدام يوم ما يعود المشاكل تصطلي والخطر منه اصطلا

على أن ميزة خلف الأخرى، التي يراها البعض جزءاً رئيساً من جاذبيته، هي قدرته المدهشة على حفظ قصيدته عن ظهر قلب، حيث لا يلقي الشاعر أبداً شعره من ورقة مكتوبة، بل يهذها هذا، بطريقة انفعالية مؤثرة، وبلهجة تحمل صفاء الانتماء المحلي، وتوحش الصحراء النبيل، وسهولة التوصيل أيضاً..

الدكتور سعد الصويان، أحد المتخصصين السعوديين بالأنثروبولوجيا والأدب الشعبي، عافاه الله وشفاه، قال لي عن خلف سابقاً: «أعتقد أن خلف يمثل جسراً بين شاعر القبيلة وشاعر الدولة». وقال سعد عن خلف: «هو شاعر محاورة أو (قلطة) قوي، وهو حين يدخل هذا المجال فإنما يدخله بشروط شاعر القلطة». وأضاف الدكتور سعد: «نموذجية خلف وحالته في تقديري ستستمر لتوفر شروط استمرارها، إضافة إلى أنني لا أعتقد أن هناك لحظات مضمحلة في التطور الاجتماعي، بل هي دورات وحلقات مترابطة دائرية».

إذن، هذا هو خلف... الذي شغل المتابعين منه الجانب الحماسي، لكنه يقول متحدثاً عن ألمه الخاص البعيد عن ضجيج السياسة في إحدى لحظات بوحه:

لو المناوي تنفع أهل المناوي ما صار في قلبي حزازات وفلوق.

يحب دوماً استعادة مشوار خلف بن هذال، وتقليب صفحات إبداعه، الذي لم ينحصر في الشعر المنبري السياسي أو شعر الحكمة السياسية، فيما يمكن وصفه بأدب الملوك، بل له صفحات لا تقل غنى في فصول الغزل والفخر والفن الغنائي، وذاك حديث مختلف وفريد ومبهج هو الآخر.

خلف قصة تستعاد، بلا ملل ولا ضجر كل آن.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خلف بن هذال الإبداع الذي لا يبلى خلف بن هذال الإبداع الذي لا يبلى



GMT 19:57 2025 الخميس ,20 شباط / فبراير

من «الست» إلى «بوب ديلان» كيف نروى الحكاية؟

GMT 08:38 2025 الأحد ,09 شباط / فبراير

اختلاف الدرجة لا النوع

GMT 19:29 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

الكتب الأكثر مبيعًا

GMT 11:46 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الرئيس السيسى والتعليم!

GMT 19:13 2025 الثلاثاء ,21 كانون الثاني / يناير

أصالة ودريد فى «جوى أورد»!

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:29 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 21:58 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 07:30 2025 الأحد ,16 آذار/ مارس

مفاهيم خاطئة شائعة حول ديكور المنزل

GMT 12:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:34 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

كيك الليمون الشتوية

GMT 15:48 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

بلماضي يمتدح زروقي ويكشف سر تجاهل توبة

GMT 13:04 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

مقدار الماء الذي يحتاجه الجسم في الطقس الحار
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon