بقلم - مشاري الذايدي
ما نراه هذه الأيام هو «هزيمة» علنية لـ«حزب الله» في لبنان، ربما ينجو منها لكن بعد حين، الخسائر فادحة، والصورة مكسورة، والأهل والعشيرة من «بيئة» الحزب يحاولون الذهاب بعيداً حيث لا تقصف الطائرات الإسرائيلية، لكن الحال كما قال النابغة يوماً:
فإنكَ كالليل الَّذي هو مُدرِكي/ وإن خِلتُ أَنَّ المُنتَأى عَنكَ واسعُ!
ماذا لدى إيران، راعية «حزب الله» اللبناني، وماذا لدى «وليّ أمر المسلمين» مرشد الثورة، ليغيث به الأتباع المؤمنين به، ديانة، من أعضاء «حزب الله»، وأولهم أمين الحزب، حسن نصرالله؟!
الجواب معلن، وهو: قال الرئيس الإيراني، مسعود بزشكيان، يوم الثلاثاء، خلال مقابلة مع شبكة (سي إن إن) الأميركية، حول ما إذا كان سينصح «حزب الله» بضبط النفس، قال: «لا يمكن لـ(حزب الله) أن يواجه بمفرده دولة تدافع عنها وتدعمها وتزودها بالإمدادات دولٌ غربية والولايات المتحدة».
إذن، بما أن مهمة «حزب الله» في الانتصار على إسرائيل مهمة مستحيلة حسب الرئيس الإيراني، فبماذا تنشغل السياسة الإيرانية حالياً، مع مشاهد «شنق» الحزب علنياً في لبنان؟
وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، خلال زيارته الحالية إلى نيويورك، يجيب، حسب الأخبار المنشورة: «طهران تركز على بدء جولة جديدة من المفاوضات النووية». وقال أيضاً: «نحن جاهزون في هذه الزيارة نفسها»!
إذن لسان الحال الإيراني لحزبه في لبنان: تدبّر أمرك، أنت قوي بما فيه الكفاية للتحمّل، وليس للانتصار. وهذا بحدّ ذاته انتصار، وربما انتصار إلهي، مثل سابقه.
ألم يقل محسن رضائي، من سدنة «الحرس الثوري» الإيراني، قبل أيام إن «حزب الله» قوة عظمى لا مثيل لها في العالم؟!
غير أنه بعيداً عن الكلام الانتفاخي الفارغ، هناك على الأرض حقائق صلبة؛ الحزب الإيراني في لبنان، ودرّة التاج الإيراني الاستعماري في لحظة حرجة، وحسب وكالة «أكسيوس» نقلاً عن مسؤولين إسرائيليين وغربيين فإن «حزب الله» طلب من إيران مهاجمة إسرائيل.
الصورة الساطعة اليوم، صورة نزوح مئات الآلاف من جنوب لبنان والضاحية وما حولها إلى أقصى الشمال، طرابلس وعكّار، هرباً بالحياة من مخالب القتل الإسرائيلية، وخطب نصرالله، وتشجيع رضائي لن تحمي هؤلاء، والنظام الإيراني اليوم لا شأن له إلا العمل لأجل مصالحه، وهذا هو الوضع الطبيعي -بالمناسبة- لأي دولة في العالم، اللومُ على من سخّر نفسه وراهن بمصير شعبه لصالح دولة أخرى!
«حزب الله» يخوض الآن المعركة وحيداً، وكأنه متروك لقَدره، بينما تنشغل إيران بترتيب ملفاتها مع الغرب، هكذا يشعر كثرة كاثرة من الناس في لبنان، كما قال السياسي اللبناني المعارض لإيران، فارس سعيّد، لهذه الجريدة.
«حزب الله»، اذهب وقاتل لوحدك إنّا ها هنا -في نيويورك- «مفاوضون»... هذا لسان حال نظام الثورة الإسلامية الإيرانية، ولا عزاء للمخدوعين.