بقلم:مشاري الذايدي
قصة «الفاشينستا» الروسية المعروفة باسم «نيكستا» التي تلطم الخدود وتشقّ الجيوب، هذه الأيام، بسبب حظر السلطات الروسية لمنصة «إنستغرام»... قصة دالّة، وحريٌّ بالمراقبين التأمل فيها مليّاً.
تفاصيل القصة: شركة «ميتا» الأميركية، مالكة «إنستغرام» وطبعاً «فيسبوك»، أصدرت بياناً قالت فيه إنها ستسمح بالمحتوى الذي يحرّض على العنف ضد مَن وصفتهم بجنود بوتين، ما يعني ملايين الروس. الأمر الذي ردّت عليه السلطات الروسية بحظر هذا التطبيق وتصنيف شركات السوشيال ميديا الأميركية هذه بوصمة الإرهاب.
حسناً... كيف تفاعلت هذه الفتاة الروسية المدمنة على «إنستغرام»، والتي «أكل عيشها» منه؟! خرجت نيكستا، بمقطع فيديو تبكي وتندب حظها، وتنتحب، لـ«انقطاع رزقها» بسبب قرار الدولة الروسية حظر «إنستغرام».
الغريب والمثير للاشمئزاز فعلاً -ولست هنا منحازاً للموقف الروسي الرسمي، بل أتحدث من زاوية الأخلاق- هو ردّ الفاشنيستا الروسية على مواطنيها الروس الذين ذكّروها بآلاف القتلى من الروس بسبب هذا التحريض من أمثال «إنستغرام»، حيث قالت إنها لا تهتم على الإطلاق بآلاف القتلى من بلدها، مؤكدة أن «إنستغرام» بالنسبة لها هو كل الحياة، كونها تقضي معظم وقتها فيه منذ أكثر من 5 سنوات.
هل هذه الإنسانة معزولة عن العالم الطبيعي الذي تدوّي فيه ماكينات الحرب بجوار نافذة منزلها الذي تصوّر منها صورها ومقاطع الفيديو على حسابها بـ«إنستغرام»؟!
دعونا نطالع بعض المؤشرات، قبل العودة لأختنا نيكستا:
وصل عدد مستخدمي وسائل التواصل الاجتماعي 2.80 مليار مستخدم على مستوى العالم، أي ما يعادل 37% من سكان العالم. يتم إضافة مليون مستخدم نشط جديد عبر الهاتف المحمول كل يوم. قضى المستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي في المتوسط 69% من وقتهم عليها عبر الهواتف الذكية.
هذا حسب دراسة بعض الشركات المهتمة بعالم السوشيال ميديا أو «بيزنس» السوشيال ميديا.
في عام 2015، أكد تقرير وسائل التواصل الاجتماعي في العالم العربي الذي أصدرته قمة رواد التواصل الاجتماعي العرب في دبي، أن شبكات «السوشيال ميديا» تجاوزت مفاهيم التواصل والاتصال وتبادل الآراء بين الناس، لتصبح أدوات قوية يمكن استخدامها من الأفراد والمؤسسات والحكومات. حجم الأعمال للشركات في السوشيال ميديا اليوم هائل: ترويجاً وإعلاناً وبيعاً وتوظيفاً وتطويراً.
ليست الشركات فقط، بل الأفراد، في ظاهرة برزت مع عالم السوشيال ميديا، تجد فرداً، رجلاً أو امرأة أو حتى طفلاً، يشتهر، لسبب غير معلوم، ويتم توظيف هذه الشهرة، من طرف الشركات الخاصة، وأحياناً جهات رسمية، في الترويج لمنتج تجاري ما أو رسالة حكومية حتى.
الآن أصبحت السوشيال ميديا سلاحاً عابراً للحدود، ولكنه تحوَّل اليوم، مع الأزمة الروسية، سلاحاً سياسياً وعسكرياً، فهل ما جرى على روسيا اليوم سيجري على غيرها غداً؟! وهل سيتجه العالم للتعامل مع «الإدمان» على عصائر السوشيال ميديا بوصفه أمراً واقعاً، وعليه يصبح الحلّ هو إيجاد عصائرنا الخاصة حتى لا نصبح أمام مثال الفاشينتسا الروسية نيكستا، التي لا تبالي بموت الآلاف من شعبها في سبيل الحفاظ على حسابها بـ«إنستغرام»؟!