انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي
أخر الأخبار

انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي

انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي

 لبنان اليوم -

انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي

بقلم : رجب أبو سرية

ما زالت رياح التغيير تعصف بالدول العربية تباعا، منذ أن أطلقت الولايات المتحدة، أو شجعت أو رعت ما سمته وزيرة خارجيتها السابقة كوندليزا رايس بالفوضى الخلاقة، وبعد الجولة الأولى المفاجئة، والتي نالت من تونس، مصر، ليبيا، سورية واليمن، بما لها وما عليها، وبما انتهت إليه بتفاوت في النتائج بين دولة وأخرى، ظهرت على نحو مفاجئ حلقة جديدة يبدو أنها تعلمت من درس الحلقة التي سبقتها، من حيث إصرارها على «مدنية» الحراك الشعبي وعلى تواصله أسبوعا تلو الآخر، وشملت كلا من الجزائر والسودان، ونجحت نسبيا وفي البلدين، ليس في إحداث «انقلاب» دراماتيكي، ولكن في إحداث تغيير طال نظام الحكم السياسي، فيما كان تشكيل البديل، الذي ظل هو معضلة أو مشكلة ما بعد إسقاط النظام، في معظم الدول التي انطلق فيها الحراك من قبل، خاصة ليبيا واليمن، ماثلا، لكن الذهاب إليه هذه المرة، اتخذ مسارا طويل النفس، أي بشكل حثيث، بما يعني بأن الصراع بين القوى السياسية، ينتقل من حالة حادة إلى حالة هادئة، لكن دون توقف أو حسم.

بعد السودان والجزائر، ومع استمرار الحرب في فصلها الأخير في كل من سورية واليمن، جاء الدور على كل من العراق ولبنان، ويبدو أن ما يجمع بين مشهدي هذين البلدين هو الطابع الطائفي للحكم فيهما، ما جعل أصابع الاتهام تشير إلى كل من إسرائيل وأميركا، على اعتبار أن الحكومة العراقية مرتبطة بوشائج العلاقة الطائفية مع إيران، في حين أن «حزب الله» يعتبر بوصلة الحكم في لبنان رغم السيادة المارونية التقليدية لنظام الحكم اللبناني الطائفي، منذ استقلاله عن فرنسا، وفعلا أدى الحراك الشعبي في كل من لبنان والعراق إلى شلل أدى أولا إلى إسقاط حكومتي الحريري وعادل عبد المهدي، لكن رغم ذلك لم يهدأ الشارع في كلا البلدين، لأن مطالبه أبعد من مجرد «تغيير الحكومة» إلى تغيير جوهري في طبيعة ونظام الحكم.
المهم أن ما حدث في العراق وأسس لنظام حكم المحاصصة الطائفية في عراق ما بعد صدام حسين، بفضل التدخل العسكري أولا ومن ثم الاحتلال العسكري الأميركي للعراق، وبعد نحو عقدين من السنين، ورغم أنه أظهر مفارقة غريبة وهي «توافق» كل من الولايات المتحدة وإيران حول نظام الحكم ذاك، على اعتبار أنه جاء بمحتوى طائفي يتقدمه «الشيعة» بما أرضى إيران التي بدت صديقة ومؤثرة على كل رؤساء الحكومات التالية لأياد علاوي، وأكثر من ذلك بدت مرجعا لمعظم القوى السياسية والتي لها ميليشيات مسلحة في الشارع العراقي، فيما رعت واشنطن فساد النخبة الحاكمة، خاصة في كل من بغداد وأربيل، لذا فإن حراك الشارع العراقي بعد طول صبر ومراكمة فساد السنين منذ العام 2003 وحتى اليوم، يستهدف تغيير «الحكم» الذي جاء على أنقاض نظام صدام حسين، وعلى ظهر دبابة اليانكي الأميركية.
منذ مطلع شهر تشرين الأول الماضي، أطلق الحراك الشعبي العراقي، ورغم أنه ووجه بقمع شديد، لم يحدث ولا مع أي حراك عربي من قبل، إلا أنه استمر وتواصل، وحين وقعت حادثة اغتيال قاسم سليماني وأبو مهدي المهندس، توقف قليلا، لكنه عاد مجددا ليرفع الشعار عبر تظاهرة طلابية حاشدة «طلابية طلابية ضد أميركا والبعثية... طلابية طلابية ضد إيران الجمهورية»، بما يعني بكل وضوح وحسم أن الحراك يطالب بتغيير جذري، ولا يعتبر أداة صراع سياسي بيد جهة أو طائفة أو قوة سياسية محددة ضد أخرى، من هنا نعتقد بأن المجتمع العراقي بحراكه الشعبي، يريد تجاوز كل تلك الحقبة التي تبعت الاحتلال الأميركي/ الإيراني للبلاد، دون العودة إلى الوراء، بل التطلع إلى الأمام.
لكن الجديد في الأمر منذ مطلع هذا العام، هو بدء فض الشراكة غير المعلنة بين الاحتلال الأميركي والنفوذ الإيراني، ذلك أن الحشد الشعبي الشيعي الطائفي، والميلشيات المسلحة الشيعية بدأت في التحرك ضد الوجود العسكري الأميركي، أولا كرد فعل على اغتيال سليماني والمهندس، وثانيا لتخفيف الضغط السياسي والعسكري على إيران، وثالثا، لأن «مقاومة الاحتلال الأميركي» كموقف وهدف وشعار يلقى قبولا وإجماعا من كل الشعب العراقي.
والمقاومة المسلحة التي أطلقت قبل أيام رشقة صواريخ سقطت قرب السفارة الأميركية بالمنطقة الخضراء، تدشن عمليا انطلاق المقاومة العراقية ضد الاحتلال الأميركي لبغداد ولسيطرة واشنطن على نظام الحكم العراقي، بل والتحكم في منابع النفط العراقي والسوري، ويقينا بأن الحراك الشعبي في بغداد والمدن العراقية الذي يستهدف تنظيف البلاد من فساد نظام الحكم منذ إياد علاوي إلى محمد علاوي، يعلم جيدا بأن الاحتلال الأميركي الذي رعى الفساد، يظل بوجوده داعما له وأن إسقاط نظام الحكم الفاسد والمستبد لن ينجح ولن يكون إلا بتحرير البلاد من الاحتلال الخارجي إن كان ذلك المتمثل بمظهره العسكري الأميركي الصريح أو الوجود الإيراني المتخفي وراء الواجهة الطائفية.
وفي دائرتي الحراك الشعبي والتحرك المقاوم، تقبع الروح الوطنية العراقية، التي رفعت العراق عبر السنين وجعلت منه حاضنة الدولة العباسية التي امتدت من مشارق الأرض إلى مغاربها، وجعلت منه درع العروبة الشرقي، وهذه الروح التي تظهر في فلسطين، وفي غير مكان عربي، هي التي ستعيد مجددا طرح السؤال على الكون بأسره حول «مشروعية مقاومة الاحتلال الخارجي» تلك التي أقرت شرعيتها الأمم المتحدة، باعتبار مقاومة الاحتلال الأجنبي بكل الوسائل شرعية، لذا لابد من «تجديد» الرخصة الأممية التي تجعل ليس فقط الاحتلال الإسرائيلي والمستوطنات وكل إجراءاته غير شرعية، بل لابد من الكفاح من أجل استصدار قرارات أممية تعيد التأكيد على أن مقاومة الاحتلال الخارجي والنفوذ الخارجي والتدخل الخارجي، ومن ذلك «صفقة ترامب» بكل الوسائل والأشكال، مشروعة وواجبة الدعم والتأييد، ذلك أن النظر إلى وجود قوات أجنبية في الكثير من الدول تنتهك سيادتها على أنه «محاربة إرهاب» ما هو إلا دجل دولي، فحين تعجز الدول والشعوب عن الدفاع عن نفسها ضد الخارج إرهابا أو غيره، يمكن فقط للقوة الدولية أن تتدخل لحمايته، ولكن ليس لكل من رغب أو أراد أن ينهش في لحم الشعوب وأن يقتطع من أرض الدول الأخرى.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي انطلاق مقاومة الاحتلال الأميركي



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 13:33 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

يحمل إليك هذا اليوم كمّاً من النقاشات الجيدة

GMT 11:27 2020 السبت ,29 شباط / فبراير

تركز انشغالك هذا اليوم على الشؤون المالية

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 13:08 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج السرطان الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 13:29 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 21:58 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

تتيح أمامك بداية السنة اجواء ايجابية

GMT 07:30 2025 الأحد ,16 آذار/ مارس

مفاهيم خاطئة شائعة حول ديكور المنزل

GMT 12:53 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

حظك اليوم برج الجوزاء الأحد 1 تشرين الثاني / نوفمبر 2020

GMT 11:34 2016 الجمعة ,02 كانون الأول / ديسمبر

كيك الليمون الشتوية

GMT 15:48 2021 الثلاثاء ,30 آذار/ مارس

بلماضي يمتدح زروقي ويكشف سر تجاهل توبة

GMT 13:04 2022 الأربعاء ,20 تموز / يوليو

مقدار الماء الذي يحتاجه الجسم في الطقس الحار
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon