قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة

قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة

قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة

 لبنان اليوم -

قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

تتوالى المصائب فوق رأس الرئيس الأميركي المرشح عن الحزب الجمهوري في انتخابات الرئاسة التي من المقرر أن تجري في الثالث من تشرين الثاني القادم، وآخرها الكتاب الذي أعده مستشار الأمن القومي السابق جون بولتون، والذي ينوي طباعته بعد أيام، ويحتوي على معلومات تضر بسمعة ومكانة ترامب، منها طلبه من الرئيس الصيني قبل عام مساعدته على الفوز في الانتخابات القادمة.
وهذا يعني مزيداً من الصعوبات أمام حملة إعادة انتخاب ترامب، في مواجهة خصمه الديمقراطي جو بايدن، ويزيد من احتمالات فشل الرئيس في البقاء بالبيت الأبيض لولاية ثانية، بما ينعكس على مجمل العلاقات الدولية مع الولايات المتحدة، ومنها، بل وفي مقدمتها علاقتها مع إسرائيل، أو بمعنى أدق سياساتها تجاه سياسة الحكومة الإسرائيلية اليمينية، ذلك أن خروج ترامب من البيت الأبيض سيضر كثيراً بمكانة بنيامين نتنياهو وبمستقبله كرئيس الحكومة ومعه اليمين بأكمله.
تتابع الصعوبات أمام ترامب يزيد من حاجته إلى الاعتماد على تنفيذ صفقته في الشرق الأوسط، وتزيد من حاجته لنتنياهو الذي كان هو قد ساعده في البقاء كرئيس للحكومة، بإعلانه تلك الصفقة أولاً، ثم بالضغط على بيني غانتس لتشكيل الحكومة بين الرجلين على قاعدة الاتفاق على تلك الصفقة، التي يعزز تنفيذها من قوة اليمين الإسرائيلي داخل إسرائيل، وقد بدأ انعكاس نجاح نتنياهو في تجاوز عقبة غانتس في ازدياد قوة الليكود في استطلاعات الرأي، فيما لو جرت انتخابات إسرائيلية الآن.
وهذا يفسر استمرار إصرار نتنياهو على الشروع بتطبيق الضم، رغم المعارضة الدولية، لكن وضع العالم والمنطقة أمام مفترق طرق لا يمكن الرجعة عنه، يعني بأن سيناريوهات عدة، تتشكل الآن في الفضاء السياسي المتلبد، فيما يخص ملف الصراع الفلسطيني/الإسرائيلي، أي أن التهديد بقرار الضم، لن ينتهي بالضرورة بنتيجة الضربة القاضية، أي بما هو معلن وفق الخرائط المعدة، بضم 30% من مساحة الضفة الغربية، تشمل كل المستوطنات والطرق الواصلة فيما بينها، وشمال البحر الميت، أو الأغوار.
لذا فإن ما يجري تداوله حالياً، هو حديث إسرائيلي عن ضم على مرحلتين، فيما بدأ الاتحاد الأوروبي يتحدث عن مفاوضات فلسطينية/إسرائيلية، بالتوافق مع الولايات المتحدة، التي تفضل أن يجري الحديث عن صفقة ترامب، وليس عن أحد أهم بنودها وهو الضم، كما يفضل نتنياهو، وهذا هامش صغير في الخلاف بين الحليفين، الإسرائيلي والأميركي، سببه أن كلاً منهما يبحث عما يعزز قوته الداخلية ويبقي على حظوظه بالبقاء في الحكم.
وهكذا فإن المعركة السياسية الدائرة منذ مطلع العام، أي منذ لحظة إعلان الصفقة، وربما قبلها، منذ بدء الحديث عن إعدادها، ما زالت قائمة، بل ومستعرة، وهي تقترب من لحظة الحسم خلال أيام معدودة، وهنا يبدو بأن عامل الزمن والمراهنات على مستقبل ترامب والمنطقة والعالم، خلال أشهر قادمة، سيكون له كلمة الفصل، فإسرائيل ونتنياهو يريان في هذه اللحظة مناسبة تاريخية لن تتكرر مع تزايد احتمالات مغادرة ترامب للبيت الأبيض، لذا فإنهما لن يفوّتاها دون إنجاز، أقله تمرير قرار تطبيق القانون الإسرائيلي على المستوطنات، بما يعني ضم 10% من مساحة الضفة الغربية، وهي المرحلة الأولى، بعد أن أشيع بأن نتنياهو ينوي تنفيذ الصفقة على مرحلتين، ليتجنب الرفض الأردني الناجم عن ضم يشمل الأغوار.
لكن حتى مثل هذا القرار سيحول دون فتح الباب لمفاوضات تجري تحت حد سيف الضم، أو ضمن إطار الصفقة، لذا فإنه ما لم يتم إعلان أوروبي صريح، بإجبار إسرائيل على قبول التفاوض دون شروط، أي دون إعلان جزئي أو كلي للضم، فلن تكون هناك مفاوضات، والإجبار يعني أن ترى إسرائيل جدية في الموقف الأوروبي، وتتأكد من أن أي قرار ينتهك القانون الدولي سيقابل بإجراءات عقابية، منها الاعتراف بدولة فلسطين ضمن حدود 67.
لكن حتى هذا يعني بأن باب التفاوض لو فتح، فإنه سينفتح في ظل نقل السفارة الأميركية إلى القدس، لكن رعاية دولية رباعية يمكنها أن تتجاوز هذه المعضلة، وفي كل الأحوال، فإن التفاوض في حال انطلقت عجلته، فإنه سيفرض مرونة أكبر على الجانب الفلسطيني أن يبديها، مرونة تتجاوز تلك التي كان عليها الموقف الفلسطيني قبل سنوات.
لعل القيادة الفلسطينية تراهن على خروج ترامب من البيت الأبيض، بعد أن فشلت المراهنة على خروج نتنياهو، من مكتب رئيس الحكومة، لكن «حنكة» نتنياهو تتيح له أن يظفر من الأوروبيين خاصة بمكسب جدي، مقابل أن يؤجل إعلان الضم، ربما يكون ذلك من خلال تحديد زمني مدته ثلاثة أشهر، أي قبل مغادرة محتملة لترامب محفل الإدارة الأميركية، للتوصل إلى حل يتضمن ضم المستوطنات، بـ 10% من الأرض ولو ضمن تبادل أراض، وهذا يضمن لإسرائيل دولة فلسطينية ضعيفة التواصل الجغرافي، كذلك قبول سيطرة أمنية في الأغوار.
أي أن إسرائيل ورغم المعارضة الدولية الشديدة لنيتها في ضم أجزاء واسعة من الضفة الغربية، باتت في موقف تفاوضي قوي، يحتاج ليس فقط إلى صمود سياسي فلسطيني، والى كفاح دبلوماسي ناجح، بل إلى مقاومة شعبية أيضا على الأرض، مدخلها مواجهة عربدة وتعديات المستوطنين على أملاك وأرواح وحقوق المواطنين الفلسطينيين .
فيما يتضح تماما بأن الصفقة قد فتحت الباب واسعا، للتهديد بقرار الضم، لتحقيق احدى نتيجتين: إما الضم الفعلي، أو فتح الأبواب المغلقة العديدة التي كانت تواجه نتنياهو وترامب معاً، ومنها بالطبع بوابة المفاوضات الفلسطينية/الإسرائيلية، التي كانت متوقفة بسبب إصرار الطرف الفلسطيني على مرجعتيها وتحديد سقفها، كذلك جملة من الشروط، منها إطلاق سراح المعتقلين.
كذلك تجاوز الفشل في إنشاء التحالف الأمني العربي/الإسرائيلي، أو ما سبق وأن وصفه البعض بـ «ناتو» الشرق الأوسط، مشكلاً من إسرائيل ودول الخليج مع مصر والأردن ضد إيران، والذي فشل حتى  الآن بسبب عرقلة صفقة القرن، بعد مؤتمر المنامة قبل عام، ولا ينجح حديث نتنياهو بمنجز التطبيع للتعويض عن ذلك الفشل.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة قرار الضم لفتح الأبواب المغلقة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon