مبادرة روسية لمنع خطر الضم

مبادرة روسية لمنع خطر الضم

مبادرة روسية لمنع خطر الضم

 لبنان اليوم -

مبادرة روسية لمنع خطر الضم

رجب أبو سرية
بقلم : رجب أبو سرية

لا يجب فقط أخذ إعلان الرئيس محمود عباس، وقف العمل بالاتفاقيات والتفاهمات مع كل من إسرائيل والولايات المتحدة، على محمل الجد، بل لابد من النظر إليها على أنها تمثل ذروة الشد دون الرخي بين الفلسطينيينوالإسرائيليين، والمستمرة، وان كان بوتيرة متصاعدة جداً في الفترة الأخيرة، منذ عام 2014، أي منذ وقف التفاوض بين الجانبين، استناداً لاتفاقيات أوسلو، التي كانت أطلقت عملية تفاوضية حول الحل النهائي بينهما، دون أن تصل إلى النتيجة المأمولة خلال عشرين عاما ( ما بين عام 1994_2014) .

وحقيقة الأمر، أنه سبق للقيادة الفلسطينية، وعلى سبيل التحذير أن أعلنت مراراً وتكراراً عن مثل هذه الخطوة، بل واتخذت بما يتعلق بها قرارات متصاعدة من قبل المجلس الوطني أولاً ثم المجلس المركزي لمنظمة التحرير ثانياً، وتروت طويلاً وكثيراً في تنفيذ تلك القرارات، وواجهت أصوات المعارضة الداخلية، بسبب صبرها وتأنيها، في عدم كسر أدوات اللعبة السياسية، أو دفع الأمر إلى نقطة اللاعودة، أو فتح أبواب المواجهة الميدانية على مصراعيها، دون ضوابط، بما يحتمل بشكل شبه أكيد حدوث مجازر، إلا أن صم أذان الإسرائيليين عن سماع الموقف الفلسطيني، وشد الولايات المتحدة على أيدي العبث الإسرائيلي، كان من الطبيعي أن يدفع الأمور، باتجاه لا تحبذه القيادة الفلسطينية العاقلة والمتعقلة، وإلى أن تصل الأمور اليوم إلى لحظة ما قبل المواجهة الشاملة.

ولا بد من الإشارة ثانياً، إلى أن إعلان الرئيس عباس قد جاء مباشرة بعد تصريح رئيس حكومة الحزبين الإسرائيليين بنيامين نتنياهو يوم الأحد الماضي، عشية عرض الحكومة على الكنيست ونيلها الثقة البرلمانية، المتضمن التزام حكومته بضم الضفة الغربية، حيث يجري الحديث بشكل صريح عن ضم الأرض الفلسطينية المحتلة المقام عليها المستوطنات الاحتلالية غير الشرعية، وهي تمثل نحو ثلث مساحة الضفة، أو نصف مساحة المنطقة المصنفة (ج) وفق أوسلو، وكذلك شمال غور البحر الميت، حيث من الطبيعي أن يتم الرد على الإعلان بإعلان من نفس الحجم والقوة.

الحكومة في تأكيد واضح على أن الإعلان الرئاسي هذه المرة بمثابة قرار، باشرت فورا في مناقشة آلية ترجمته على أرض الواقع، بما في ذلك الجانب الأمني، والذي يعني التنصل منه، أن ينفتح الباب أمام التصدي الميداني الشعبي والفصائلي لعربدات المستوطنين، حيث من الواضح، وكما تشير تقارير الاستخبارات العسكرية والأمنية الإسرائيلية نفسها، إلى أن الأرض تغلي في الضفة الغربية، حيث أن المستوطنين/المستعمرين في حالة استنفار تام، لترجمة الإعلان الإسرائيلي المرتقب في مطلع تموز القادم، لإجراءات وواقع على الأرض، خاصة وأن إعلان الضم، يشمل بالأساس مستوطناتهم.

السؤال هنا، لماذا تجنب كل من نتنياهو وغانتس تضمين الاتفاق على التناوب والشراكة الحكومية بينهما، كذلك برنامج الحكومة المقدم للكنيست، نصاً صريحاً بالضم، فيما سارع نتنياهو بعد أن ظفر بمنصب رئيس الحكومة مباشرة، بمثل ذلك الإعلان، ثم لماذا، تم تأجيل تقديم الطاقم الحكومي للكنيست من يوم الأربعاء قبل الماضي للأحد الماضي، فهل كان السبب فقط هو مشاكل اللحظة الأخيرة التي واجهها نتنياهو من قبل شركائه في الليكود المستوزرين، والذين شعروا بأنه قد تجاوزهم في توزيع كعكة الحكومة، أم أنه كانت هناك علاقة للتأجيل باجتماع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي الذي جرى فعلاً يوم الخميس التالي لليوم الذي كان يفترض فيه تقديم الحكومة الإسرائيلية للكنيست، كذلك اجتماع القيادة الفلسطينية الذي كان محدداً له يوم السبت التالي، أي الماضي؟

لا يمكن أن تتجنب الإجابة وجود مشاكل اللحظة الأخيرة أمام التشكيل الحكومي، ولا أن تنفي أخذ إسرائيل بعين الاعتبار ردود الفعل المختلفة، وإلا لسارت السياسة في اتجاه واحد، دون إعداد أو ترتيب أو تحضير وحتى دون مؤامرات وألاعيب هنا وهناك.فعلاً تجنب التأجيل الإسرائيلي خروج موقف أوروبي يتحدث عن عقوبات محددة ضد إسرائيل، وإن كان قد تأثر بالتحرك الدبلوماسي الإسرائيلي الذي دخل عبر «أصدقاء إسرائيل» في الاتحاد الأوروبي بتأجيل ذلك الموقف إلى حين إعلان خطوة الضم فعليا، لذا جاء التحرك الإسرائيلي على هذا النحو الذي جرى فيه، والذي من الواضح للجميع بأن إعلان ضم غور البحر الميت وأراضي المستوطنات، لن يمر كما حدث مع إعلان نقل السفارة الأميركية إلى القدس، ولا كما مر إعلان واشنطن اعترافها بقرار ضم إسرائيل للجولان بعد ذلك.

وباستثناء إسرائيل والولايات المتحدة، العالم كله ضد قرار الضم، لكن إسرائيل وأميركا، لا تعولان ولا تأخذان على محمل الجد، إعلان الموقف الرافض، مقابل إجراءاتهما على الأرض، لذا فإن أكثر موقف موجع أو مؤثر بتقديرنا جاء من الإعلان عن الموقف الأوروبي الذي يتراوح بين أن يكون جماعيا، أو تقدم عليه بعض الدول المهمة في الاتحاد، وبين أن يكتفي بإعلان عقوبات اقتصادية وسياسية ودبلوماسية على إسرائيل، وهذه سابقة في منتهى الأهمية، وبين أن يشمل ذلك الاعتراف بدولة فلسطين، على تلك الحدود.

وبالطبع فإن أساس المواقف التي تأتي تباعا هو التحرك الفلسطيني المستند إلى فجاجة الموقف الإسرائيلي/الأميركي، حيث من الواضح بأن الأسابيع القليلة القادمة، ستشهد تصاعدا في الشد، إلى أن يتم على الأرجح، القبض على مخرج يسمح بمنع الانزلاق للمواجهة الشاملة على الأرض، وهذا بدا واضحا من خلال طرح المبادرة الروسية، ومعها دعوة الأمين العام للأمم المتحدة الرباعية الدولية للاجتماع، ومحاولة عقد مؤتمر دولي، ما زالت أميركا ترفضه بمحاولة قطع الطريق على مناقشة مجلس الأمن في جلسته الشهرية لإعلان الضم الإسرائيلي حيث قالت المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة بأن المجلس ليس مكان حل النزاع بين الطرفين، بل المفاوضات المباشرة بينهما، وتجاهلت أنهما برعاية أميركية تفاوضا على مدار عقدين من السنين، دون التوصل للحل، وهكذا يتواصل شد الحبل، فإن وصلنا لمطلع تموز، دون واقع من شأنه، أن يرخي حبل الشد، بما يؤجل إعلان إسرائيل على الأقل، وبدء التفاوض حول حل النزاع، فإن الشرق الأوسط سيشتعل من جديد، كما لم يشتعل من قبل.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مبادرة روسية لمنع خطر الضم مبادرة روسية لمنع خطر الضم



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الرقي والعصرية

عمان - لبنان اليوم

GMT 07:53 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة
 لبنان اليوم - إطلالات ميغان ماركل في 2024 جمعت بين الرقي والبساطة

GMT 06:42 2024 الأربعاء ,04 كانون الأول / ديسمبر

وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"
 لبنان اليوم - وفاء عامر تكشف أسباب اعتذارها عن مسلسل "سيد الناس"

GMT 08:52 2024 الثلاثاء ,03 كانون الأول / ديسمبر

الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024
 لبنان اليوم - الكشف عن قائمة "بي بي سي" لأفضل 100 امرأة لعام 2024

GMT 18:43 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

فوز سيدات لبنان على سوريا في بطولة غرب آسيا لكرة السلة

GMT 22:09 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 سيارات دفع رباعي حديثة ومريحة على الطرق الوعرة

GMT 07:24 2023 الثلاثاء ,05 كانون الأول / ديسمبر

وفاة المنتجة الفنية ناهد فريد شوقي عن عمر يُناهز 73 عامًا

GMT 17:19 2015 الجمعة ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

هاميلتون يؤكد أنّ شوماخر بطل سباقات السيارات على مر العصور

GMT 14:35 2014 الخميس ,04 أيلول / سبتمبر

شريط فيديو جديد لدبلوماسي سعودي مختطف في اليمن

GMT 08:17 2022 الإثنين ,30 أيار / مايو

السعودية وأميركا... قوة المنطق

GMT 18:23 2021 الأربعاء ,22 كانون الأول / ديسمبر

قرداحي يعدد ما تعلمه من أزمته الأخيرة ويؤكد شعوره بالظلم

GMT 16:10 2021 الثلاثاء ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

إسلام سليماني يدعم محمد صلاح في سباق الكرة الذهبية

GMT 17:15 2021 الخميس ,30 كانون الأول / ديسمبر

أزياء حددت موضة 2021 يمكن الاحتفاظ بها في العام الجديد

GMT 03:47 2015 الإثنين ,02 آذار/ مارس

سلطة الأسكالوب

GMT 07:37 2020 الأربعاء ,09 أيلول / سبتمبر

لو كنت من القيادة الفلسطينية

GMT 18:53 2024 الخميس ,24 تشرين الأول / أكتوبر

الشرطة البريطانية تخلي مطار برمنغهام بسبب سيارة مشبوهة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon