نتنياهو بين «حماس» وغانتس
أخر الأخبار

نتنياهو بين «حماس» وغانتس

نتنياهو بين «حماس» وغانتس

 لبنان اليوم -

نتنياهو بين «حماس» وغانتس

رجب أبو سرية
بقلم - رجب أبو سرية

لم تُظهر البشرية منذ عقود طويلة، وبالتحديد منذ الحرب العالمية الثانية، قدراً من التوحد والاهتمام بأمر ما بقدر ما تُظهره منذ عدة أسابيع بالفيروس الذي لم يترك بلداً من "شره"، وكأنه عدو خارجي هبط على الأرض من الفضاء، وإذا كانت كل الدنيا مشغولة بعدد الضحايا اليومي، الذي يطال كل يوم عشرات الآلاف من الإصابات، والمئات من الوفيات، فمع مرور الوقت بدأت التقارير التي تتحدث عن العالم ما بعد كورونا، في الظهور، لتُجمع على أن خريطة العالم الاقتصادية بالتحديد لن تكون كما هي الآن، كذلك الجانب الاجتماعي، أي فتح الحدود والمطارات وسهولة الانتقال من بلد لآخر، لن تكون كما هي الآن، كذلك فان ما اعتادت عليه الملايين من الناس من حجر منزلي أو تباعد اجتماعي بالتأكيد سيكون بمثابة مراجعة لحالة الانفتاح في التواصل الاجتماعي الذي ظهر بفعل ثورة الاتصالات، وربما أيضاً تعقب تلاشي الوباء مظاهر صراع كوني بشكل مختلف، لكن كل ذلك يعتمد على الفترة التي سيمضي بها الوباء بالبشرية، وهل ستطول بحيث ينقضي هذا العام وربما جزء من العام القادم به، أم انه سيتبدد بعد أسابيع أو أشهر قليلة.
أول ما يلفت النظر إلى قبض الوباء على تلابيب البشر هو أن "عدّاد" الضحايا يشير حتى الآن، إلى أن نحو عشر دول قد استأثرت بأكثر من 90% من الإصابات والوفيات، رغم أن الفيروس قد ظهر في نحو 190 دولة، وأن هذه الدول بالتحديد قد شملت كلا من الولايات المتحدة وكندا، وخمس دول أوروبية هي الدول المركزية في القارة العجوز، أي ايطاليا، اسبانيا، فرنسا، بريطانيا وألمانيا، ثم الصين وفي الشرق الأوسط كانت معظم الإصابات في كل من إيران ثم تركيا، فإسرائيل.
بعد الصين التي تعافت من الوباء، هناك دول مثل ألمانيا تظهر سيطرة من خلال التعافي، وانخفاض نسبة الوفيات إلى الإصابات، كذلك كوريا الجنوبية التي أظهرت قدرة على صد هجوم الفيروس، فيما يبدو أن السياسة تتأثر بالوباء، لجهة كيفية مواجهته، من جهة، ومن جهة ثانية هناك محاولات من بعض السياسيين لاستثمار الظاهرة من أجل تحقيق مكاسب سياسية خاصة بهم.
في أميركا أظهرت إدارة دونالد ترامب ارتباكاً وتخبطاً في التعامل مع ظهور الوباء، ما سمح له بالتفشي بسرعة وباتساع رهيب، وهذا سيؤثر لا محالة على فرص الرئيس الأميركي في البقاء بالبيت الأبيض لولاية ثانية، وذلك لأن بعض الدول ومنها الولايات المتحدة قد انحازت للاقتصاد، وفضلت الإبقاء على حالة الانفتاح حتى لا يتأثر الاقتصاد سلباً، أما في إسرائيل، فإن ظهور الوباء دفع الركود السياسي الداخلي بعد انتخابات شهر آذار الماضي، إلى اختراق حالة التوازن، بانفتاح الباب بين بيني غانتس وبيبي نتنياهو للتفاوض حول حكومة شراكة بينهما .
لكن مع انتهاء المدة بعد تكليف غانتس، ظهر واضحاً أن نتنياهو قد اصطاد خصمه، فتشدد الليكود في شروطه للشراكة، بعد أن كانت خطوة غانتس تجاه نتنياهو سببا في تفكك أزرق_ابيض، والمعسكر الذي أوصى بتكليفه والذي تمتع بأغلبية 62 نائباً، وبعد رفض رئيس الدولة طلب غانتس تمديد فترة التكليف، عاد الأخير يستجدي الليكود، ليرد عليه بأنه يقود حزب أقلية بـ 17 عضوا مقابل معسكر اليمين المكون من 58 نائباً.
لا أحد يعلم الآن، تطورات الوضع الداخلي الإسرائيلي، لكن ما حرك المياه الراكدة، وما ظهرت عليه السياسة من "حجر منزلي" أيضاً، كان مبادرة قائد "حماس" في غزة، يحيى السنوار، الذي أعلن فجأة عن مبادرة لتحريك ملف تبادل الأسرى بين الجانبين، تكون على مرحلتين، في الأولى تحمل طابعاً إنسانياً، يتمثل في إطلاق سلاح المدنيين الإسرائيليين المحتجزين في غزة، مقابل الأطفال دون 18 سنة والنساء والشيوخ فوق 65 سنة، والثانية تشمل مبادلة جثة الجندي القتيل والآخر غير المعروف مصيره، مقابل الأسرى الفلسطينيين.
إسرائيل/نتنياهو ردت بإيجابية، لكن التفاصيل ما زالت غير معروفة، وبالتالي قوة اندفاع الصفقة لا تبدو واضحة المعالم، المهم أن مبادرة السنوار أشارت إلى أن هناك أمراً ما زال عالقاً بين "حماس" وإسرائيل، بعد كل هذا الهدوء السياسي والميداني بين الفلسطينيين والإسرائيليين في ظل مواجهة الجميع لوباء كورونا.
بعد تطور المفاوضات مع غانتس، لا يبدو نتنياهو تحت الضغط، ولا حتى تحت ضغط تشكيل اللجنة القضائية، لأن غانتس الآن أمام أحد خيارين، فإما التسليم بشروط نتنياهو الخاصة بتشكيل اللجنة، أو إعلان فشله في تشكيل الحكومة، ليجرب اليمين إمكانية تشكيل حكومة خاصة به جديدة، عبر الكنيست، وهذا أمر ممكن جداً، بعد ما أحدثه من تفكيك لمعسكر الخصم، وبعد ذلك يبدو خيار الذهاب لانتخابات رابعة أقل احتمالاً.
المهم أن نتنياهو قوي الآن، وليس بحاجة إلى انجاز في ملف الأسرى ليعزز من مكانته، لذا فإنه رغم التنازل الواضح الذي قدمته "حماس" تحت مسمى "مبادرة إنسانية"، لن يكون مضطراً لا لتقديم تنازل ولا حتى للاستعجال في إنهاء الملف، كما تريد وترغب "حماس" وهكذا فإن عدم حدوث تغيير في الحكومة الإسرائيلية يعزز من حالة التوغل في اللحم الفلسطيني، لجهة إعلان الضم وتنفيذ العديد من الإجراءات والخطوات، في هذا الاتجاه، خاصة وأن حالة التباعد الاجتماعي تجعل من ردود الفعل الشعبية الفلسطينية الميدانية أمراً صعباً للغاية، أي أن إسرائيل تفكر جدياً في استغلال الوباء لتحقيق مكاسب سياسية ميدانية.
خلاصة القول، أن ظهور وباء كورونا المفاجئ، يعتبر درساً مهماً، لكل البشر، مفاده، أن الترتيبات الخاصة بالدول والأفراد ليست نهائية ولا مطلقة، فهناك تحولات أحياناً تكون مفاجئة تفرض إعادة الحسابات، لذا فإن على كل مهتم بالشأن العام، أن يخرج رأسه قليلاً من القوقعة، ويفكر فيما سيكون عليه العالم بعد قليل، ومن ثم أن يضع بلده، إن كان صاحب القرار في سياق عصر جديد وربما نظام عالمي جديد قادم، بات ضرورة بشرية، بعد أن ابتعد نظام ما بعد الحرب الباردة بإحداثه الفجوة الهائلة بين نخبة الأثرياء ومعظم البشر الفقراء، وبعد أن قام بسحق القيم الإنسانية، وعاد إلى عصر الإمبريالية الاستعمارية بمظهر وشكل مختلف، وهكذا صارت البشرية بحاجة إلى نظام عالمي جماعي أكثر عدالة وأكثر إنسانية.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نتنياهو بين «حماس» وغانتس نتنياهو بين «حماس» وغانتس



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات محتشمة بلمسات الريش وألوان ربيعية تزين إطلالات النجمات

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:47 2022 الأحد ,03 تموز / يوليو

أفكار لارتداء إكسسوارات السلاسل

GMT 20:32 2022 الثلاثاء ,10 أيار / مايو

أفكار لتنسيق إطلالاتك اليومية

GMT 22:11 2022 الثلاثاء ,05 تموز / يوليو

أفضل الأحذية المثالية للحفلات

GMT 10:06 2022 الثلاثاء ,12 إبريل / نيسان

نصائح لاختيار الأحذية النود المناسبة

GMT 20:39 2023 الثلاثاء ,02 أيار / مايو

أبرز اتجاهات الموضة في حقائب اليد هذا الصيف

GMT 17:22 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 17:19 2021 الجمعة ,23 تموز / يوليو

بريشة : سعيد الفرماوي

GMT 20:40 2021 الأربعاء ,01 أيلول / سبتمبر

اتيكيت الأناقة عند النساء

GMT 13:37 2020 الإثنين ,07 أيلول / سبتمبر

تعرفي على طريقة عمل الكريب الحلو بالوصفة الأصلية

GMT 14:10 2022 الإثنين ,04 تموز / يوليو

باريس العربية

GMT 09:39 2019 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

مارثا هونت تكشّف عن جسدها الرائع في فستان أسود

GMT 18:10 2022 الأربعاء ,12 كانون الثاني / يناير

تطوير روبوت يَسبح عبر الأوعية الدموية لتَفتيت الجلطات

GMT 13:19 2024 الجمعة ,19 إبريل / نيسان

أسعار النفط تقترب من الـ 90 دولاراً للبرميل

GMT 19:03 2022 السبت ,14 أيار / مايو

نصائح لاختيار ملابس العمل المناسبة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon