العالم بعد أزمة «كورونا»

العالم بعد أزمة «كورونا»

العالم بعد أزمة «كورونا»

 لبنان اليوم -

العالم بعد أزمة «كورونا»

عبد المجيد سويلم
بقلم - عبد المجيد سويلم

تطل من الأفق بوادر أزمة من نوع خاص ستعقب حتماً مرحلة "حصار" كورونا، وبدء التغلب على تبعاتها الكبرى، على كل صعيد وفي مختلف المجالات.

جوهر هذه الأزمة هو سياسي ثقافي، على درجة عالية من الأهمية والمصيرية.
وإليكم طائفة من المفاهيم التي سيبدأ حولها الكثير من الجدل والنقاش والحوار، وصولاً إلى بلورة توجهات جديدة تطال مصير العالم لعشرات السنين القادمة.
العولمة.. وما أفضت إليه، التوحش الرأسمالي، الجشع والأنانية في سلوك رأس المال، هشاشة النظام الدولي ومحاولات إعادة بنائه وفق اعتبارات بعض المصالح القومية، حروب التجارة الدولية و"الثمن الإنساني" لهذه الحروب، بإذكاء منطق الحروب الطاحنة في بقع التوتر الدولي، وشن حروب بكاملها بالوكالة، الأزمات الرأسمالية وخطر اندلاع حروب كونية... وغيرها وغيرها.
فيروس كورونا وضع العالم موضوعياً أمام استحقاقات ثقافية وسياسية ستكون في قلب جدل عالمي واسع حول منطق الاستحواذ على الثروات والأرباح، وحول خطر استمرار النظر إلى عيش الشعوب وتعايشها من زاوية هذا الاستحواذ.
هذه النقاشات وهذا الجدل أصبح محتماً من زاوية البحث عن نظام دولي جديد لمواجهة أخطار [وجودية] ربما ليس فيروس كورونا سوى بداية في سلسلة اخطار خطيرة قادمة.
العجز الذي ظهرت به بلدان كبيرة ومتطورة، مثل إيطاليا وإسبانيا وفرنسا، وحتى ألمانيا وبريطانيا والولايات المتحدة سيكون سبباً مباشراً في فتح الأبواب واسعة لمثل هكذا نقاش وجدل، والتراخي الذي أبدته بعض هذه الدول، إن لم نقل كلها سيكون بمثابة اتهام لها بأنها قد تراخت بالفعل إما بضغط من "جشع" رأس المال ومخاوفه من "الخسائر" الاقتصادية، وإما بسبب أن هذه البلدان كانت تعي هشاشة وضعف البنية الصحية لديها، وأنها لجأت إلى "التراخي" أملاً في عدم سرعة انكشافها على هذا الصعيد.
كما سيكون في صميم هذا الجدل الصورة التي تصرفت بها كل من بريطانيا والولايات المتحدة، حيث أظهرتا أعلى درجة من "الأنانية" ومن اللامسؤولية السياسية والأخلاقية حيال خطر كورونا.
وليس كل هذا فحسب، فقد أثارت هذه الأزمة أسئلة غير محدودة حول مظاهر البذخ والمظهرية واللامعقول والاستعراضية (مجتمعات الفرجة) في قطاعات معينة مثل رواتب كبار قادة الشركات والبنوك وشركات الدعاية والإعلام والرياضيين وغيرهم من "أبطال ونجوم هذه المجتمعات"، في حين أن رواتب العلماء والباحثين وكل موازنات البحث العلمي هي أدنى بكثير من موازنات "الأبطال والنجوم" في هذه المجتمعات، مع أن تلك الموازنات تكرس جلّ جهودها للقطاعات العسكرية، وللقطاعات التي تحقق أعلى درجات من الأرباح.
صحيح أن تلك الموازنات كبيرة وهائلة بالمقارنة مع الموازنات في البلدان المتوسطة والفقيرة، لكن إنسان هذه المجتمعات المتطورة لن يقبل بهذه المقارنة ولا بهذه المعادلة.
من المؤكد أن ثورة ثقافية وسياسية ستندلع في البلدان المتطورة، وأن جوهر هذه الثورة سيكون بالأساس إعادة توزيع الثروات القومية، وحول البعد الاجتماعي والإنساني لمفهوم التوزيع، وحول هوامش الاستحواذ والربح في هذه البلدان.
وإذا ما حاولنا أن نترجم جوهر هذه الثورات التي لن تتأخر أبداً فإننا سنجد في الواقع، وفي ظل ما تم عولمته من عالم اليوم، وحتى الآن أنه يستحيل حل هذه المعضلات في اطار الدولة القومية الواحدة، وان الامر سينتهي بالضرورة الى البحث عن نظام عالمي جديد.
في اطار الدولة القومية الواحدة ستفضي أزمة "كورونا" إلى مواثيق جديدة، وتحالفات جديدة ينخرط فيها كل من هو تقدمي ويساري وكل من لديه هموم إنسانية شاملة، وبيئية، وحتى مطلبية قطاعية.
رأس المال اليميني المتوحش، سيحاول استثمار هذه الأزمة لإعادة تكتيل وتحشيد القوى الظلامية والمرجعية الدينية، وكل قوى رأس المال الاحتكاري في كل القطاعات الريادية، وخصوصاً العسكرية منها، وكل تكنولوجيا المعلومات والمعرفة، بهدف إعادة التحكم والسيطرة في إطار الدولة وفي الإطار الدولي الأشمل.
والعالم كان يسير بهذا الاتجاه على كل حال، إلاّ ان أزمة كورونا ستسرّع حتماً من هذا الاتجاه، إن لم نقل إنها تؤسس لمرحلة نوعية كبرى فيه.
في الدول الغنية يدعمون القطاع الخاص خوفاً من الانهيار أو وقفاً للتدهور، أما في البلدان الفقيرة فإن القطاع الخاص هو الذي يدعم الدولة والمجتمع في الملمّات والأزمات.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

العالم بعد أزمة «كورونا» العالم بعد أزمة «كورونا»



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon