هل ستكون هناك انتخابات أميركية

هل ستكون هناك انتخابات أميركية؟

هل ستكون هناك انتخابات أميركية؟

 لبنان اليوم -

هل ستكون هناك انتخابات أميركية

عبد المجيد سويلم
بقلم : عبد المجيد سويلم

واحدة من أهم النتائج التي تمخضت عنها أزمة «كورونا» حتى الآن هي العمل بأنظمة الطوارئ، وما يستدعي هذا العمل من تقييد للحريات، وتعطيل للقوانين، بما في ذلك بعض الجوانب الكبرى والرئيسية في قوانين الأساس والمفاصل الدستورية.الرئيس ترامب والغالبية الساحقة في طواقم الإدارة الأميركية كانوا في حالة شك وريبة إزاء النجاح من عدمه في الانتخابات المزمع إقامتها في تشرين الثاني من هذا العام، بالرغم من كل محاولات الظهور بمظهر الواثق بالنجاح في ظل ما تم تحقيقه من «إنجازات» اقتصادية، وهي قاعدة الاحتساب الأول في قياس توجه الرأي العام في الولايات المتحدة وبوصلة اتجاه الناخب الأميركي.

حالة الشك كانت تتسرب إلى الأوساط السياسية والإعلامية بواسطة جملة من المؤشرات التي تعرفها هذه الأوساط، وتعرف مدلولاتها، وتعرف خلفياتها وحقيقة ما تعكسه من مخاوف وتوجسات.إن هذا ما يفسر الردود الأولية للرئيس ترامب على بدء انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة.فقد سخر ترامب من هذه الأزمة، واعتبر أن خطر الفيروس لا يزيد على خطر الإنفلونزا العادية.هذه السخرية ليست جهلاً أو استهتاراً بقدر ما هي «إيمان» عميق بنظرية البقاء للأصلح، أو ما يسمى الداروينية الاجتماعية.

مع تفشي الفيروس بمعدلات مرعبة، بدأت مرحلة مفزعة من التخبط والارتباك، وصلت بالرئيس ترامب إلى المجاهرة بمحاولة شراء اللقاح الذي كانت تعمل عليه شركة ألمانية، والاستحواذ على اللقاح خصيصاً وحصرياً للولايات المتحدة، ما أثار حفيظة المستشارة الألمانية حين أعلنت أن لقاح شركة «كيور فاك» ليس للبيع ولا ألمانيا للبيع، أيضاً.ثم اشتعلت الحرب الناعمة بين ترامب وحكام الولايات، ثم الحرب مع علماء التكنولوجيا الحيوية، وفي النهاية استقرت حرب ترامب ضد الصين ومنظمة الصحة العالمية، وهي ما زالت مستمرة ومتصاعدة وتنذر بالكثير من المخاطر والأهوال.

أنفق ترامب ما يزيد على ثلاثة تريليونات من الدولارات حتى الآن ومازال الحبل على الجرّار.حسب تقديرات البنك الدولي وكذلك صندوق النقد الدولي ـ ونحن هنا نتحدث عن شاهد من أهله ـ فإن الانكماش الاقتصادي في الولايات المتحدة سيصل إلى 5,9% حتى نهاية العام، كما سيصل معدل البطالة إلى حوالي 25%.وفوق هذا كله ليس واضحاً لأحد، النتائج التي يمكن أن تترتب على إعادة فتح الاقتصاد من تحول الوباء في الولايات المتحدة إلى كارثة قومية طامة، كما أنه ليس واضحاً بعد مدى الانهيار الذي يمكن أن يشلّ الحياة الاقتصادية والاجتماعية في حال إن اضطرت إلى مواصلة الإغلاق لعدة أشهر أخرى.

باختصار، الولايات المتحدة أمام خيارات صعبة ولا أمل بالمطلق أن تستعيد «عافيتها» الاقتصادية في المدى المنظور الخاص بموعد الانتخابات الأميركية.ليست لديّ حتى الآن معلومات كافية فيما إذا كانت هذه الإدارة قد حسمت أمرها باتجاه معيّن.المؤشرات نفسها متناقضة. لم تنجح نظرية السخرية من الفيروس، ولم تنجح الإغلاقات في كبح جماح الانتشار الكبير، والخطر بالعودة إلى موجات متجددة أصبح وارداً للغاية طالما أن «موعد» إعادة فتح الاقتصاد أصبح في غضون أيام أو أسابيع.

فما هي الاحتمالات التي يمكن أن يتخذها مسار التعامل مع الواقع الأميركي الجديد؟!الاحتمال الأول، هو الفتح التدريجي الحذر للغاية، ليس على الصعيد القومي الشامل، وإنما حسب أوضاع كل ولاية، وحسب الظروف الملموسة في كل واحدة على حدة.في مثل هذا الحال وواقع كهذا، فإن من المستحيل عودة الاقتصاد الأميركي إلى التعافي قبل ثلاث أو ربما أربع سنوات قادمة. هنا لا يوجد حل مقبول على ترامب.الاحتمال الثاني، هو الإسراع في الفتح الشامل والعودة إلى تشغيل الاقتصاد (مع بعض الاحتياطات). هذا الاحتمال يمكن أن يحسّن الوضع الاقتصادي قليلاً ولكنه ينذر بمخاطر صحية كبيرة، كما أنه لا يقدم حلاً للفترة الزمنية المتبقية على موعد الانتخابات الأميركية.
ستحاول الإدارة الأميركية اختبار هذا الاحتمال، لكن دون التعويل عليه، ودون اعتماده بصورة نهائية.

سياسة التجييش القومي (والعنصري من حيث الجوهر) للرئيس ترامب لم تنجح، وسياسة «أميركا أولاً» لم تنجح، أيضاً، تماماً كما لم تنجح لا سياسة السخرية، ولا سياسة الإغلاق، كما أنه لم يعد مضموناً اصطفاف الإنجيليين الجدد من خلفه.فما هو الحل المتبقي، إذاً؟الحل ربما يكون بإلغاء الانتخابات. إلغاء الانتخابات يُبقي مجلس الشيوخ إلى جانب ترامب حيث لم يعد واثقاً من السيطرة عليه في حالة الانتخابات.الانقلاب على الديمقراطية يعطي لترامب فرصة إعادة فرض هيمنة الجناح المتوحّش من الرأسمالية الأميركية، وإعادة تشغيل المجمع الصناعي العسكري والذي سيعمل ترامب على تنشيطه من خلال حروب جديدة، وإشعال بؤر جديدة لحروب كهذه، بل وربما افتعال حرب مع إيران، والتحرش العسكري المباشر بكل من الصين وروسيا. وسيقوم اليمين الأميركي من خلال هذا الانقلاب بمحاولة خلق واقع دولي جديد ينهي كافة مؤسسات التعاون الدولي لكامل مرحلة ما بعد الحرب العالمية الثانية، ويؤسس لقطبية عسكرية متسلطة.

ليس سهلاً على ترامب ولا على اليمين الأميركي الذهاب إلى خيار كهذا، أو بالأحرى إلى انقلاب كهذا، لكن هذا الخيار هو «الأنسب» لإعادة بسط هيمنة الرأسمال الأميركي المتوحش. ولهذا فإن هذه الإدارة المتورطة بالواقع القائم والمتهوّرة في كل سياساتها وتوجهاتها لن تتوانى عن الإقدام عليه إذا ضاقت خياراتها، وهي تضيق فعلاً.باختصار، فإن إلغاء الانتخابات الأميركية مسألة ليست خارج التداول والنقاش داخل «النواة الصلبة» لهذه الإدارة.

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل ستكون هناك انتخابات أميركية هل ستكون هناك انتخابات أميركية



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon