عـن ثـورات الـعـبـيـد
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

عـن ثـورات الـعـبـيـد

عـن ثـورات الـعـبـيـد

 لبنان اليوم -

عـن ثـورات الـعـبـيـد

عبد الغني سلامة
بقلم - عبد الغني سلامة

لم تعرف البشرية في تاريخها الطويل نظاماً أسوأ من العبودية، هذا النظام القبيح موغل في القِدم، وقد نشأ مبكرا جدا، منذ بدايات تشكل المجتمعات والدول، مارسته كل الشعوب بحق بعضها، حيث كانت الجيوش الغازية تستبيح جاراتها، وتسترق رجالها، وتسبي نساءها، وحتى داخل الشعب الواحد، حيث كان القوي يستعبد الضعيف.. بل إن نظام الدولة نشأ أساسا بهدف حماية وشرعنة العبودية.
في العبودية، لا كرامة للعبد، لا حقوق، ولا حياة خاصة، ولا حتى اعتراف بإنسانيته، يتحول إلى آلة إنتاج، وخدمة، وإذا أعرب عن تظلمه بأي شكل، سيلاقي أشد العذاب.. كان العبيد يعملون منذ الصباح الباكر، وحتى بعد مغيب الشمس، إلى أن تنهك أجسادهم تحت السياط والشمس اللافحة، وفي أسوأ الظروف، وأكثرها قسوة.. كان يتم الاتجار بهم، وعرضهم في أسواق خاصة، كان يتم تفريق العائلات عن بعضها، وكانت النساء يُغتصبن أمام أهاليهن.. والأطفال يُجبرون على العمل منذ سن السادسة.
كان العبيد سابقا من كل الأجناس والألوان، ولكن الأوروبيين في الحقبة الأخيرة جعلوا العبودية مقتصرة على السود، حيث صارت إفريقيا منبع تجارة العبيد، ووجد ملاك الأراضي في العالم الجديد، والتجار والقراصنة والسماسرة في هذه القارة كنزاً لا ينضب، كانوا يحسبون العبيد ضمن بقية البضائع والمنتجات المنهوبة من إفريقيا.. يكدسونهم في سفنهم الرهيبة كما لو أنهم أكياس حبوب، أو براميل نبيذ.
حتى نهاية القرن الثامن عشر، كان عدد العبيد الذين تم جلبهم من إفريقيا إلى أميركا الجنوبية نحو 8 ملايين عبد، ومليونين آخرين تم سوقهم إلى أوروبا، وفي القرن التاسع عشر تكثفت تجارة العبيد بشكل محموم، وصارت الولايات المتحدة المركز الجديد لهذه التجارة، فكان ينقل إليها نحو مائة ألف عبد سنويا.
بعد مقتل نحو خمسين مليون عبد (أثناء نقلهم، أو بسبب ظروف عملهم القاسية)، كانت بريطانيا أول دولة تلغي العبودية، وقد أصدرت قراراً يحرم الاتجار في العبيد سنة (1807)، لكن ذلك القرار لم يكن صحوة أخلاقية من الرجل الأبيض، بل بسبب التغييرات الاقتصادية التي أحدثتها ثورة هاييتي (1791 - 1804)، تلك الجزيرة كانت تمثل نصف إمدادات التجارة العالمية من السكر، الذي كان أهم سلعة حينها، فلما خسرها البيض تحول مسار تجارة العبيد إلى الولايات المتحدة، فلم ترغب بريطانيا في أن يستفيد خصومها ومنافسوها (أميركا، فرنسا، البرتغال، إسبانيا) من هذه التجارة، وأرادت حرمانهم من مصدر إنتاجي مهم، ومن ناحية ثانية، بدأت تتحول من فكرة جلب العبيد إليها، أو إلى مستعمراتها، إلى فكرة استعباد الشعوب في أوطانهم، ونهب ثرواتها على أيديهم، أي فكرة الاستعمار الكولونيالي.
أما الولايات المتحدة، فقد ألغت العبودية في بداية ستينيات القرن التاسع عشر، وأيضا لم تكن الدوافع أخلاقية ولا إنسانية؛ بل بسبب تحولات أدوات ووسائل الإنتاج في الولايات الشمالية، وتغير بنيتها الاقتصادية، ورغبة منها في ضم الولايات الجنوبية، التي كانت تعتمد في اقتصادها على العبيد، والاستفادة من العبيد أنفسهم في الحرب الأهلية ضد أعدائهم الجنوبيين.
المهم، أن العبودية انتهت.. ولكن أحد أهم أسباب انتهائها تمثل في ثورة العبيد في هاييتي.. لم تكن تلك أول ثورة عبيد في التاريخ، فقد سبقتها ثورات كثيرة، أشهرها ثورة «سبارتاكيوس» في القرن الأول الميلادي، وثورة الزنج في العراق في القرن التاسع الميلادي (قد نتناولها في مقال قادم)..
في هاييتي اكتشفت حديثا مئات المقابر الجماعية، لرجال ونساء من العبيد لم يبلغوا الثلاثين، هرموا وماتوا من شدة التعذيب.. ما يدل على سوء أوضاعهم آنذاك.. ما حدث حينها، انتصار الثورة الفرنسية (1789)، والتي وصلت أصداء شعاراتها المنادية بالحرية والمساواة إلى جزر الكاريبي.. كان السود آنذاك يشكلون الأغلبية الساحقة من سكان البرازيل وفنزويلا وجزر الكاريبي، وكان البيض أقلية، لكنها مسيطرة بالحديد والنار.. كانت هاييتي تستقبل 45 ألف عبد سنويا.
بعد سنوات قليلة من قمع ثورة القائد «أمادور»، بدأت الجزيرة تغلي، وأخذ العبيد يفرون من مزارعهم ويلجؤون إلى الجبال، وينظمون صفوفهم، ويغيرون على مزارع البيض، وفي يوم 22 آب 1791، في تلك الليلة العاصفة، وعند حلول الظلام، تجمعت أفواج غفيرة من العبيد عند غابة التمساح، للاستماع إلى فواكيما، كاهنة الفودو، وهي تستدعي آلهة الأسلاف الأفارقة.. وقفت وسط الجموع، وأخذت تخطب بهم، وتحثهم على الثورة، قائلة: «الرب الذي خلق الأرض، والشمس التي تعطينا النور، الرب الذي يمسك البحر، ويجعل الرعد يهدر.. أيها الرب السميع، يا من تختبئ خلف الغيوم، وتشاهدنا من مكانك العلي، أنت ترى كل ما نعانيه بسبب البيض، ربُّ الرجل الأبيض يطلب منه أن يرتكب الجرائم بحقنا، لكن الرب الذي بداخلنا يريد منا فعل الخير، إلهنا الطيب والعادل يأمرنا أن نثأر لمظالمنا، وأن نثور على جلادينا، وهو الذي سيوجه سواعدنا، ويأخذنا إلى النصر، هو من سيساعدنا، علينا جميعا أن نتخلص من صورة رب الرجل الأبيض عديم الرحمة، أنصتوا لصوت الحرية الذي يصرخ في قلوبنا جميعا».
منذ تلك الليلة، تصاعدت الثورة بشكل عنيف، وأخذت تنتشر في عموم الجزيرة، استمر الكفاح اثنتي عشرة سنة، قادها سائق عربة يدعى فرانسواتوسا، وآخر اسمه دوتي بيكمان، هبت فرنسا لنجدة مستعمرتها، لكن الثوار سحقوا جيوشها، وألحقوا بنابليون هزيمته العسكرية الأولى، وهرب عشرة آلاف من البيض من الجزيرة، وفي العام 1804، ولدت أول جمهورية للسود من رماد الثورة، ليتردد صدى كلمة الحرية في جميع مزارع العبيد في الأميركتين، وفي كل جزر الكاريبي، ومن ثم في كافة أرجاء العالم. بعدها بثلاث سنوات ألغت بريطانيا تجارة العبيد. وبعدها بنصف قرن ألغتها الولايات المتحدة، لكنها احتاجت قرنا كاملا بعد ذلك حتى تخلصت من نظام التمييز العنصري.
مع أن العبودية الغيت في كل العالم بشكل رسمي، إلا أن ذيولها، وثقافتها، وإرثها الثقيل ما زال قائما، وبأشكال جديدة.
لا أعرف كم ستحتاج البشرية حتى تتخلص من كل أدرانها، وتنتصر لإنسانيتها، وتبني عالما دون حروب، ودون عنصرية، ودون استعباد.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عـن ثـورات الـعـبـيـد عـن ثـورات الـعـبـيـد



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon