ملاحظات حول المعتزلة
وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023 إغلاق سفارات الولايات المتحدة وإيطاليا واليونان في أوكرانيا خوفاً من غارة روسية منظمة الصحة العالمية تُؤكد أن 13 % من جميع المستشفيات في لبنان توقفت عملياتها أو تقلصت خدماتها الصحة في غزة تؤكد أن الاحتلال الإسرائيلي أعدم أكثر من 1000 عامل من الكوادر الطبية في القطاع عطل فنى يُؤخر رحلات شركة الخطوط الجوية البريطانية في أنحاء أوروبا وزارة الصحة اللبنانية تُعلن سقوط 3544 شهيداً و 15036 مصاباً منذ بداية العدوان الإسرائيلي على البلاد
أخر الأخبار

ملاحظات حول المعتزلة

ملاحظات حول المعتزلة

 لبنان اليوم -

ملاحظات حول المعتزلة

عبد الغني سلامة
بقلم - عبد الغني سلامة

يكاد يتفق تيار العلمانيين و»الحداثيين الإسلاميين» على اعتبار «المعتزلة» بأنهم يمثلون المدرسة العقلانية المنفتحة في الفكر الإسلامي، وينظرون إليهم بوصفهم الصفحة المشرقة «الوحيدة» في تاريخ الحضارة الإسلامية.. فيما تصنف الجماعات السلفية المعتزلة بأنها من الفرق الضالة، أو في أحسن الأحوال بوصفهم خارج «أهل السنة والجماعة».. فمن هم المعتزلة؟ وما هي أطروحاتهم؟
قبل الإجابة لنتعرف بما يمكن اختصاره إلى هذه الفرقة.
يسود اعتقاد لدى كثيرين بأن المعتزلة هم الذين اعتزلوا الفتنة، واتخذوا موقفا حياديا في الأحداث التي جرت في صدر الإسلام، فلم ينخرطوا مع الجموع التي قتلت عثمان بن عفان، ولم يشاركوا في معارك الإمام علي (الجمل، وصفين، والنهروان)، حيث وقفوا خارج الاقتتال.. بينما الحقيقة أن المعتزلة ظهروا لأول مرة في القرن الثاني الهجري، مع اعتزال «واصل بن عطاء» مجلس أستاذه «الحسن البصري»، حين اختلف معه في الحكم على مرتكب الكبيرة.
كان «واصل» (القادم من المدينة المنورة) يلثغ في حرف الراء، لكنه كان من الفصاحة والذكاء بحيث أنه كان يقول كل شيء تقريبا دون هذا الحرف.. بيد أن ذكاءه لم يقتصر على هذا الأمر؛ إذ إنه أسس ما يُعرف بعلم الكلام، وبهذا العلم (الجديد)، تعمق في مسائل العقيدة، وانبرى للدفاع عنها، حتى صارت المعتزلة مقترنة بالفلسفة.
في هذه الأثناء شهدت البصرة أجواء من حرية التفكير والتعبير بحيث سمحت بنشوء المدارس الفكرية والفقهية المتعددة، فاتخذ واصل لنفسه مجلساً مستقلاً تفرد برأيه حول مسألة الخروج على الحاكم الظالم، وأخذ يدرّس منهجه القائم أساساً على تقديم العقل على النقل في المسائل الدينية، إلى أن تبلور تياره الفكري القائم على خمس قواعد، هي:
التوحيد: إثبات وحدانية الله ونفي المِثل عنه، وتنزيهه عن الجسمية، أي التنزيه المطلق، والتوحيد بين الذات والصفات.
العدل: أي الربط بين صفة العدل في الذات الإلهية والأفعال الإنسانية، باعتبار أن الإنسان حر في أفعاله، وهو الذي يخلقها، فهو مكلف شرعيا ومسؤول عن أفعاله، حتى يستقيم التكليف، ويكون الثواب عدلا والعقاب عدلا.. خلافا للجبرية الذين يعتقدون أن الأفعال من خلق الله والإنسان مجبور عليها.
المنزلة بين المنزلتين: أي أن الفاسِق في الدنيا لا يُسمّى كافراً ولا مؤمناً، بل هو في منزلةٍ بين هاتين المنزلتين، فإن تابَ رجع إلى إيمانه، وإن مات مُصرّاً على فسقه فهو في النار.
الوعد والوعيد: أي إنفاذ الله لوعده في الآخرة على أصحاب الكبائر، وأن الله لا يقبل لهم شفاعة.
الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر: وموقفهم من أصحاب الكبائر واحد، سواء كانوا حُكّاماً أو محكومين. لكن بالنصح والقول، أي التغيير باللسان، فلم يلجؤوا إلى اليد والثورة، إلا عند التأكد من القدرة على ذلك.
إضافة لقواعدهم الخمس، قال المُعتزِلة إن القرآن كلام الله وهو مخلوق، أي أنه مُحدَث وليس جزءاً من ذاته، قديماً بقِدمه، كما تقول المُشبِّهة والأشاعرة وغيرهم بأن القرآن قديم وأزلي، وهو كلام الله وصفة ذاته.
هذه المسألة عرفت في التاريخ الإسلامي بمحنة خلق القرآن، حيث جعل منها الخليفة المأمون عقيدةً رسميةَ للدولة، أراد توظيفها سياسياً لتوحيد الدولة، والقضاء على الانشقاقات، وتصفية جيوب الفساد والتخريب التي خلفتها حربه مع أخيه الأمين، فأخذ يتتبّع كل مُعارِض لها بالقتل والحبس والجلْد، وكان أبرز مَن تعرّض للاضطهاد لرفضه هذه المقولة الإمام أحمد بن حنبل.
منذ ذلك الوقت، اقترنت المعتزلة بالسلطة، فمن ناحية أرادت السلطة فرض أيديولوجية موحدة (فكرية وسياسية) في أرجاء دولة الخلافة، ومن ناحيتهم، رأى المعتزلة أن انتشار أفكار «الجبرية» تؤدي إلى تحجيم دور العقل وتغييبه، فدعوا إلى حرية العقل واستقلالية الإنسان في سلوكه، والتأكيد على مبدأي «التوحيد» و»العدل الاجتماعي»، ما أكسبهم تعاطف الناس، في عصر كثرت فيه المظالم الاجتماعية، وكثر فيه القول بتشبيه وتجسيم الذات الإلهية.
أهم ما ميز المعتزلة اعتمادهم على العقل مصدراً للتشريع، بعد القرآن، وبذلك فتحوا باب الاجتهاد على مصراعيه، بقولهم إنّ العقل والفطرة السليمة قادران على تمييز الحلال من الحرام والحسن من القبيح بشكل تلقائي.. أي أن المسلم العاقل قادر على الفهم والتأويل والتمييز بمفرده، دون الحاجة للفقهاء، وبهذا قوضوا أسس الكهنوت الإسلامي، وسحبوا البساط من تحت أقدام الفقهاء..
وأشهر أعلامهم: القاضي عبد الجبار، الكندي، أبو علي الجُبائي، الزمخشري، العلّاف، النظّام، الجاحِظ، ابن الراوندي (الذي انشق عنهم).
في عصر المأمون والمعتصم والواثق (الفترة التي اقترنت فيها السلطة بالمعتزلة)، ازدهرت الحريات أكثر، وهي الفترة الذهبية في العصر العباسي، بل في مجمل تاريخ الحضارة الإسلامية.
لكن الخليفة المتوكّل، أنهى هذه الحقبة، ووضعَ حداً لنفوذ المعتزلة، مع أن المتوكل لم يكن متدينا، أو متعمقا في الفلسفة، بحيث نقول إنه انقلب عليهم لأسباب فكرية أو عقائدية، والسبب الحقيقي كان رغبة منه في الانتقام من أخيه الواثق، الذي كان يهينه في مجلس الخلافة، أمام وزرائه الذين كانوا من المعتزلة، فلما دانت إليه الخلافة، نكل بهم، وأحرق كتبهم، وفرض سبّهم على المنابر.
وكان هذا أحد أهم الأسباب في تلاشي فكر المعتزلة، وضياع نتاجهم الفكري، وبالطبع هناك أسباب أخرى؛ فالمعتزلة لم يتحولوا إلى طائفة، أو جماعة (كسائر الفرق والمذاهب)، بل ظل فكرهم نخبوياً، مقتصراً على فئة المثقفين، وبالكاد وصل الشيء النزير منه إلى العامة، نظراً لصعوبته..
ثم كثرت الخلافات الفكرية داخل أوساط المعتزلة، فخرج منهم، وانشق عليهم كثيرون، أشهرهم الأشاعرة، والزيدية، والإباضية، وغيرهم، من الذين ورثوا أجزاء متفرقة ومتباينة من تراثهم الفكري..
ومنذ ذلك الحين أخذ تيارهم الفكري ينحسر حتى كاد يتلاشى، بيد أنه ظل شعاع نور، يستنير به كل من احترم عقله وآمن به.
لا يمكن الحكم على فكر المعتزلة بمعايير العصر، بل يجب وضعه ضمن سياقه التاريخي، فقد مثَّل نقلة نوعية في الخطاب والفكر الإسلامي، دعا للتفكير، وأعلى من شأن العقل، في ظل مُناخ من الحرية والتسامح، نفتقر إليه اليوم.

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ملاحظات حول المعتزلة ملاحظات حول المعتزلة



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:00 2020 الأحد ,01 تشرين الثاني / نوفمبر

جان يامان ينقذ نفسه من الشرطة بعدما داهمت حفلا صاخبا

GMT 18:31 2021 الثلاثاء ,26 كانون الثاني / يناير

مجموعة من أفضل عطر نسائي يجعلك تحصدين الثناء دوماً

GMT 10:48 2022 الخميس ,17 شباط / فبراير

أفضل خمسة مطاعم كيتو دايت في الرياض

GMT 06:50 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إطلاق النسخة الأولى من "بينالي أبوظبي للفن" 15 نوفمبر المقبل

GMT 05:59 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ياسمين صبري تتألق بالقفطان في مدينة مراكش المغربية

GMT 08:19 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

علاج حب الشباب للبشرة الدهنية

GMT 06:26 2024 الإثنين ,28 تشرين الأول / أكتوبر

أفكار ونصائح لتزيين المنزل مع اقتراب موسم الهالوين

GMT 15:21 2022 الأربعاء ,01 حزيران / يونيو

"FILA" تُطلق أولى متاجرها في المملكة العربية السعودية

GMT 19:48 2022 الإثنين ,18 تموز / يوليو

نصائح للتخلّص من رائحة الدهان في المنزل

GMT 05:12 2022 الإثنين ,13 حزيران / يونيو

أفضل العطور الجذابة المناسبة للبحر

GMT 19:56 2021 الإثنين ,25 كانون الثاني / يناير

الأحزمة الرفيعة إكسسوار بسيط بمفعول كبير لأطلالة مميزة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon