شيء من تاريخ الجوع والمجاعات
ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم مسلح بشمال غرب باكستان إلى 17 قتيلاً على الأقل و32 مصاباً تحطم طائرة من طراز “دا 42″ تابعة للقوات الجوية المغربية بمدينة بنسليمان استشهاد عدد من الفلسطينيين وإصابة أخرون في قصف للاحتلال الإسرائيلي على منطقة المواصي جنوب قطاع غزة غرفة عمليات حزب الله تُصدر بياناً بشأن تفاصيل اشتباك لها مع قوة إسرائيلية في بلدة طيرحرفا جنوبي لبنان وزارة الصحة اللبنانية تُعلن استشهاد 3583 شخصًا منذ بدء الحرب الإسرائيلية على البلاد وقوع زلزال شدته 5.1 درجة على مقياس ريختر قبالة ساحل محافظة أومورى شمال اليابان حزب الله يُعلن تنفيذ هجومًا جويّا بسربٍ من المُسيّرات الانقضاضيّة على قاعدة شراغا شمال مدينة عكا المُحتلّة استشهاد 40 شخصاً جراء مجزرة اتكبتها ميليشيات الدعم السريع بقرية بوسط السودان المرصد السوري لحقوق الإنسان يُعلن استشهاد 4 من فصائل موالية لإيران في غارة إسرائيلية على مدينة تدمر وزارة الصحة في غزة تعلن ارتفاعاً جديداً لحصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي على القطاع منذ السابع من أكتوبر 2023
أخر الأخبار

شيء من تاريخ الجوع والمجاعات

شيء من تاريخ الجوع والمجاعات

 لبنان اليوم -

شيء من تاريخ الجوع والمجاعات

عبد الغني سلامة
بقلم - عبد الغني سلامة

في تاريخه الطويل، عرف الإنسانُ الجوعَ بأقسى معانيه، الجوع الذي يتحول إلى آلام مبرحة وعذاب مهين، الجوع الذي ينتهي بالموت، حيث يقضي الإنسان وأمامه زوجته وأولاده، يتضورون جوعا، فيهزلون، حتى تبرز عظامهم، وتذوي أجسادهم، فيتقدمونه في الموت، أو يلحقون به، في ميتات فظيعة.. الجوع الذي جعل الناس يفعلون ما لم يخطر ببالهم قط..
سنستعرض جانبا من أفظع المجاعات التي عرفتها البشرية.
في عهد عمر بن الخطاب، سنة 17 هجرية، أصابت الناس في المدينة وعموم الحجاز مجاعة مهلكة، دامت عاما كاملا، سمي عام الرمادة، حيث جفت العيون، ونضب الزرع، وكانت الرياح الصفراء تسف الوجوه، وتتركها كالحة كالرماد، فجاع الناس، ولم يبق عند أحدهم زاد، فأكلوا الحشائش وأوراق الشجر، والجرابيع والجرذان، وحتى الجيف.. ثم شاعت السرقات؛ حتى أن الفاروق امتنع عن إقامة حد السرقة ذلك العام، لكثرة السراق.
وصف «ابن كثير» في «البداية والنهاية»، أهوال المجاعة التي ضربت العراق وبلاد فارس سنة 449 هجرية، فكتب: «داهم بغداد وباء الطاعون، فمات أغلب الناس، حتى خلت الدور من ساكنيها، فسُدت الأبواب على أهلها الموتى، ولم يعد أحد يدفن ميتا، لكثرة الموتى، وخلت الأسواق، ومُنِعت السماء من قطرها، والأرض من نباتها، حتى ماتت الدواب، فتضور الناس جوعا، فأكلوا الجيف والنتن، حتى أنهم وجدوا مع امرأة فخذ كلب وقد اخضرّ، وشاهدوا رجلا يأكل طفلا ميتا، ومرة سقط طائر ميت من سقف حجرة فتلقفه خمسة رجال وأكلوه بريشه.. وبعد بغداد، انتقل الجوع والوباء إلى بخارى، فمات في يوم واحد 18 ألف إنسان، ثم امتد الأمر إلى البصرة والأهواز، فصارت الأسواق والطرقات خالية، والأبواب مقفلة، فمات في تلك المحنة ألف ألف وخمسمائة ألف إنسان (بغض النظر عن دقة الرقم، إلا أنه يشير إلى حجم الكارثة)، ثم امتد الجوع إلى أذربيجان، ثم الأحواز وصار الناس يأكلون القطط والكلاب حتى انقضت كلها، واشترك في ذلك الأغنياء والفقراء، ثم صاروا ينبشون القبور ويخرجون الموتى ليأكلوهم، حتى صار الناس يخافون دفن موتاهم في النهار»..
ووصف «ابن الأثير»، في «الكامل في التاريخ» أسوأ مجاعة عرفتها مصر في تاريخها، عُرفت بالشدة المستنصرية (461 هجري)، حدثت في العهد الفاطمي حين انخفض مستوى النيل، وتدهورت الزراعة، فقام التجار بخزن الحبوب، وعمَّ الغلاء، وصارت البيضة بسعر فدان، وبعد أن جاع الناس أكلوا الحمير والدواب، ثم القطط والكلاب حتى انقرضت، ثم صاروا يأكلون الجيف، ثم صار الناس يعلقون الخطاطيف من أسطح منازلهم، فإذا مر أحدهم، علق بها، فيسحبونه لذبحه وشوائه، ثم صار أهل البيت يأكلون من مات منهم، وذات مرة سرق ثلاثة جياع بغلة الوزير، وأكلوها، فقبض عليهم، وأعدمهم، وعلق جثثهم في الشارع لإخافة الناس، فما كان منهم إلا أن أكلوا جثثهم المعلقة.. استمرت المجاعة سبع سنوات عجاف شداد.. تناقص عدد السكان إلى الثلث، ومن نجا، كان جلده يلامس عظمه من شدة الجوع، وشاع في الناس السلب والنهب والقتل.. إلى أن فاض النيل من جديد، وبدأت مصر تستعيد عافيتها ببطء. بيد أن المقريزي يقول إن سبب الغلاء الشديد، والمجاعة العظيمة، التي جعلت الناس يأكلون بعضهم بعضا، كان انحسار النيل أول سنتين، ثم صار بسبب خوف الزراع والتجار من النهاب وقطاع الطرق.
في المغرب ضربت البلاد عدة مجاعات قاسية جداً، أودت بحياة مئات الألوف من السكان، الأولى حدثت سنة 1721 ودامت سنتين، والثانية حدثت سنة 1737، ودامت أيضا سنتين، بسبب الصراعات السياسية وفساد السلطة، ترافقت مع سنوات جفاف، تركزت في «فاس»، التي لم يبق فيها سوى من مات جوعا، واللصوص الذين بالكاد يجدون ما يسرقونه لسد جوعهم.. والثالثة حدثت سنة 1742، وكان سببها الطاعون، ثم المجاعة الكبرى سنة 1774، ثم سنوات الجوع (1779 - 1782)، وتلتها ست مجاعات أخرى سميت مجاعات الكوارث، وسببها الكوليرا، والجراد، آخرها سنة 1944، عرفت بمجاعة البون.
في الحرب العالمية الأولى، حدثت مجاعة فظيعة في عموم بلاد الشام، وخاصة جبل لبنان، حيث صادر «جمال باشا» محاصيل المزارعين لتخصيصها للجيش التركي، كما قطع الأشجار للحصول على الحطب، ترافق ذلك مع غزو الجراد، نتج عن ذلك انتشار الكوليرا والتيفوس والموت جوعا، ما دفع الأهالي لبيع أراضيهم ثم ممتلكاتهم، حتى باعوا أثاث منازلهم، وفراشهم، ولما لم يجدوا ما يأكلونه، أكلوا النفايات، والقوارض، وصاروا يتبعون خيول الجيش التركي لينبشوا فضلاتها لعلهم يعثرون على بقايا شعير.. وصاروا هياكل عظمية فيها أثر حياة ضئيل، فهلكت قرى كثيرة، وهجرت أخرى، وماتت أعداد يصعب حصرها.
في القرن الخامس قبل الميلاد ضربت الهند مجاعات متتالية، وبعد أن كان عدد سكانها خمسين مليوناً، أصبحوا بعد قرن واحد ربع هذا العدد فقط. وفي الهند أيضاً في القرن الثامن عشر مات في المجاعات نحو 10 ملايين إنسان.
في المجاعات التي اجتاحت الصين خلال القرن التاسع عشر مات نحو مائة مليون شخص، وفي المجاعتين الأخيرتين (1958 و1968) كان الأهالي يخصصون النزر القليل من الطعام الشحيح للذكر الأكبر، فيما يموت إخوته وشقيقاته أمام العائلة، وهم يئنون جوعا، ولا يجد أحدهم كسرة خبز، أو حبة أرز يأكلها.. حتى مات عشرات الملايين.
في روسيا حدثت مجاعة «الفولجا» الكبرى سنة 1921، والتي أودت بحياة خمسة ملايين إنسان، وقد امتنعت حينها عصبة الأمم عن تقديم الإغاثة رداً على قيام الحكم الشيوعي، وتكررت المجاعة مرة ثانية في أوكرانيا في الثلاثينيات وتسببت بموت الملايين.. وقد اضطر بعض الأهالي لأكل أطفالهم، أو بيع جثثهم لجياع آخرين.
وفي إيرلندا حدثت مجاعة «البطاطا» الفظيعة، والتي أودت بحياة مليون شخص في الأعوام 1845 - 1852، وأجبرت مليونين آخرين على الفرار إلى العالم الجديد..
وفي البرازيل حدثت مجاعة بسبب الجفاف والوباء سنة 1877، قتلت نصف السكان..
وفي أثيوبيا والسودان والصومال والساحل الإفريقي حدثت مجاعات عديدة، أودت بحياة ما لا يمكن إحصاؤه من البشر..
وبالتأكيد، حدثت مجاعات أخرى، في مناطق عديدة في العالم، بعضها موثق، وبعضها طواها النسيان.. وإذا كنتم تظنون أن المجاعات مجرد إرث إنساني ثقيل، يجدر أن نعرف أن الجوع، وسوء التغذية ما زالا يقتلان 25 ألف إنسان يوميا فيما يسمى دول الجنوب.
 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

شيء من تاريخ الجوع والمجاعات شيء من تاريخ الجوع والمجاعات



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 14:02 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 لبنان اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 14:42 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 لبنان اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 17:47 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة
 لبنان اليوم - حزب الله يعلن قصف قاعدة عسكرية في جنوب إسرائيل لأول مرة

GMT 16:32 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 لبنان اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:41 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 لبنان اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 17:53 2020 الثلاثاء ,27 تشرين الأول / أكتوبر

حظك اليوم برج العذراء الإثنين 26 تشرين الثاني / أكتوبر 2020

GMT 15:29 2020 الجمعة ,10 إبريل / نيسان

تستعيد حماستك وتتمتع بسرعة بديهة

GMT 22:24 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

تتمتع بالنشاط والثقة الكافيين لإكمال مهامك بامتياز

GMT 09:49 2020 الأربعاء ,01 كانون الثاني / يناير

يحاول أحد الزملاء أن يوقعك في مؤامرة خطيرة

GMT 22:04 2021 الأربعاء ,06 كانون الثاني / يناير

أمامك فرص مهنية جديدة غير معلنة

GMT 23:27 2021 الثلاثاء ,16 شباط / فبراير

تجاربك السابقة في مجال العمل لم تكن جيّدة

GMT 05:15 2021 الثلاثاء ,05 كانون الثاني / يناير

لجنة الانضباط تفرض عقوبات على الأندية العمانية

GMT 13:13 2020 الجمعة ,01 أيار / مايو

أبرز الأحداث اليوميّة

GMT 06:04 2021 الثلاثاء ,19 كانون الثاني / يناير

للمحجبات طرق تنسيق الجيليه المفتوحة لضمان اطلالة أنحف

GMT 07:45 2023 الثلاثاء ,28 تشرين الثاني / نوفمبر

فوائد زيت الزيتون

GMT 13:40 2021 الإثنين ,13 أيلول / سبتمبر

حضري بشرتك لاستقبال فصل الخريف

GMT 16:21 2021 الأحد ,04 إبريل / نيسان

هيفاء وهبي مثيرة في إطلالة كاجوال شتوية

GMT 13:43 2020 الأربعاء ,02 كانون الأول / ديسمبر

قد تتراجع المعنويات وتشعر بالتشاؤم

GMT 21:45 2020 الثلاثاء ,29 كانون الأول / ديسمبر

عائلة ليونيل ميسي تتحكم في مستقبل البرغوث مع برشلونة
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon