عن الخطة الاقتصادية في لبنان

عن الخطة الاقتصادية في لبنان

عن الخطة الاقتصادية في لبنان

 لبنان اليوم -

عن الخطة الاقتصادية في لبنان

عبير بشير
بقلم : عبير بشير

لا يعني خروج الخطة الاقتصادية أخيرا إلى العلن في مجلس الوزراء اللبناني، ووصف الرئيس ميشيل عون لها بالإنجاز التاريخي، بأن حكومة حسان دياب نجحت بالسير بلبنان إلى الإصلاح والإنقاذ، وخصوصا أن الخطة تستند إلى الاستدانة من صندوق النقد الدولي، الذي يربط المساعدات بالإصلاح والأهم بالسياسة.فيما حكومة دياب تضع نفسها في مواجهة قوى سياسية رئيسية، فإنها بممارساتها تنفذ مشروع نقل لبنان إلى ضفة أخرى بالقطع مع المرحلة الماضية وإعطاء جرعة دفع لتشكل النظام الرئاسي بالأمر الواقع.

ومع حلول ساعة الحقيقة في الملف المالي، استعادت السياسة حضورها في الواقع اللبناني من بابٍ اشتباكي، وفتح الدفاتر القديمة مع عون، فوصفت كتلة المستقبل الخطة بأنها شيك من غير رصيد، خصوصا مع تأكيد خبراء اقتصاديين، إنها خطة صوتية غير قابلة للصرف والتنفيذ، ولاسيما أنها تحتاج إلى الثالوث: الدولة والبنك المركزي والمصارف.ولم يكن المستوى الاقتصادي في لبنان بعيداً عن المسرح السياسي، فسارعت جمعية المصارف إلى الهجوم على الخطة، لأنها تقوم على تصفية المصارف وإعادة رسملتها وتحميلها جزءا من خسائر الثقب الأسود أو الفجوة المالية بين الودائع وموجودات البنك المركزي المفقودة، وسط خشية من أن تصيب شظايا إعادة هيكلة الدين العام، والبنك المركزي، والمصارف التجارية، مدخرات المواطنين، والودائع العائدة للمؤسسات التعليمية الخاصة. فضلا عما ينطوي عليه ذلك من مخالفات دستورية فاضحة، لأن الدستور اللبناني يضمن الملكية الفردية.

وتتسم الخطة بمنحى النظم الاقتصادية الموجهة للدول وهو ما يتناقض كليا مع النظام الاقتصادي الحر الذي يعتمده لبنان، ولاسيما فيما يتعلق بتوجه الدولة لاستعادة الفوائد المصرفية عن السنوات الماضية. وهناك مسائل وأمور تتعلق بالسرية المصرفية.فيما الشارع اللبناني الذي يغلي على وقع الوضع المعيشي المنهار والغلاء الفاحش، مفتوح على كل الاحتمالات.وفي حين بدا الاجتماع الموسّع الذي دعا إليه عون غدا في قصر بعبدا ويضم رؤساء الكتل النيابية كلها لتدارس الخطة الاقتصادية، كخطوة لتكريس المرجعية الرئاسية ونظامها، على طريق استعادة الصلاحيات الرئاسية ما قبل إتفاق الطائف. وهي تأتي لقطع الطريق على أي خطوة أو مبادرة يمكن أن يطلقها رئيس مجلس النواب في ساحة النجمة لمناقشة الخطة.

في وقت يستعجل فيه عون تحقيق إنجازات، يرتبط ذلك بالوقت وبما تبقى من الولاية الرئاسية لحسم اسم جبران باسيل، وهو سيصعد في المرحلة المقبلة للإمساك بكل الملفات بتسهيل من “حزب الله” الذي يغطي التوجه الحكومي بعد حسمه ملفي الأمن والسياسة الخارجية.ولكن الرئيس عون، غير قادر على إقناع اللبنانيين بمصداقيته حول فتح ملفات فساد حقيقية تطال كل المتورطين بنهب البلد، إذ لا يمكن السير بهذا الملف باستنسابية، وانتقائية، وظرفية، وبتركيب ملفات، فيما يدرك الشعب اللبناني، أن كل الطبقة السياسية في لبنان متورطة في الفساد، وخصوصا أن عون شارك في السلطة ابتداء من العام 2005 وعمل على عقد تسويات عدة مع الأطراف التي يحملها مسؤولية ما حل بالبلد جراء السياسات الاقتصادية السابقة، لكنه في المقابل لا يخفي أنه يريد تغييراً على مستوى الحكم والصلاحيات، بما يؤدي إلى الهيمنة الكاملة استكمالاً للانقلاب على الطائف، وعلى ما تمثله الحريرية السياسية.

وثمة من بات يطرح سؤالاً ملحاً: «من هو الطرف الذي يستخدم الآخر ويستنزفه، هل هو العهد الرئاسي الذي يستخدم رئيس الحكومة حسان دياب لتوجيه اللكمات للخصوم، أم أن دياب الذي لا يملك ما يخسره شعبيا وسياسيا، يستفيد من جموح عون وفريقه لإظهار نفسه بطلاً في خوض المعارك في كل الميادين، دون أي تقديرات سياسية؟ مع ظهور مؤشرات، عن جولة كباش جديدة، بعد المعركة مع حاكم مصرف لبنان، وعن تحضير ملفات قضائية – سياسية تطال وزراء سابقين، أعلنوا المواجهة مع العهد، لتحميلهم مسؤولية الفساد، مثل نهاد المشنوق، وأكرم شهيب.

لكن ما يفعله العهد من فتح المعارك، معركة بعد معركة، قد ينعكس خسارات متتالية على عون. وهناك شخصيات مارونية، وجهت نصائح لعون، بعدم حرق المراكب مع سعد الحريري واستفزاز الطائفة السنية، وضرورة تخفيف التوتر في الجبل، ووقف محاولات تطويق وليد جنبلاط، وخاطبته انطلاقاً من مبادئه، بوصفه أول من طرح فكرة احترام الأقوياء في طوائفهم. فالحريري وجنبلاط هما الرقم واحد في طائفتيهما، ولا يمكن الاستمرار بسياسة الكسر معهما، لأن الارتداد العكسي لذلك سيكون كارثياً وسيشمل كل لبنان.

وها هي شظايا انفجار علاقة عون وفريقه مع الرئيس سعد الحريري الذي قرر أن تقاطع كتلته الاجتماع في بعبدا.وجاء بيان مقاطعة «المستقبل» ليثبت عناوين الاشتباك مع عون في المرحلة المقبلة، إذ أكدت الكتلة: «أن المكان الطبيعي لإطلاع الكتل النيابية على البرنامج هو مجلس النواب، وأن هناك من يسعى لتكريس مفهوم النظام الرئاسي على حساب النظام الديموقراطي البرلماني.محاولة «المستقبل» هي للفت نظر «العهد» مجدداً إلى قوة نفوذه على مستوى التحالفات السياسية وغير السياسية كجمعية المصارف والمجموعات الاقتصادية التي ستقود معركة المعارضة الشرسة للخطة الاقتصادية في الأيام المقبلة حتى النهاية، وربما تجر الشارع لها بشكل جارف.

كما لا ينبغي التقليل من البعد الخارجي، في الأزمة المالية اللبنانية، لأنه كيف سيكون متاحا للبنان التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، بمعزل عن التعاطي الدولي مع حزب الله، والذي تجسد في حظر ألمانيا الحزب على أراضيها، وعدم التمييز بين شقيه العسكري والسياسي، وذلك بتحريض من واشنطن.ووسط اشتراطات أميركية عبر عنها مساعد وزير الخارجية ديفيد شنكر، بأنه لا يمكن للبنان طلب مساعدات دولية، قبل الشروع بإصلاحات واسعة، والإصلاحات، بالمنظور الأميركي، هي ضبط الجمارك والحدود، التي تعتبرها واشنطن مفاتيح لتقويض نفوذ حزب الله، عبر ضرب اقتصاده الموازي.

قـــد يهمــــــــك أيضــــــاُ : 

عن الخوف الوجودي

عن تغيير النظام الاقتصادي اللبناني

 

lebanontoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن الخطة الاقتصادية في لبنان عن الخطة الاقتصادية في لبنان



GMT 00:53 2021 الأربعاء ,13 كانون الثاني / يناير

فخامة الرئيس يكذّب فخامة الرئيس

GMT 21:01 2020 الأربعاء ,23 كانون الأول / ديسمبر

بايدن والسياسة الخارجية

GMT 17:00 2020 الخميس ,17 كانون الأول / ديسمبر

أخبار عن الكويت ولبنان وسورية وفلسطين

GMT 22:48 2020 الثلاثاء ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

عن أي استقلال وجّه رئيس الجمهورية رسالته؟!!

GMT 18:47 2020 الأربعاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب عدو نفسه

إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة - لبنان اليوم

GMT 17:54 2024 السبت ,23 تشرين الثاني / نوفمبر

نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته
 لبنان اليوم - نائبة الرئيس الفلبيني تتفق مع قاتل مأجور لاغتياله وزوجته

GMT 12:03 2021 الخميس ,21 كانون الثاني / يناير

تعرف على تقنية "BMW" الجديدة لمالكي هواتف "آيفون"

GMT 19:06 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

اليونان تمزج بين الحضارة العريقة والجمال الطبيعي الآسر

GMT 07:21 2021 الثلاثاء ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

موديلات ساعات متنوعة لإطلالة راقية

GMT 09:17 2022 الإثنين ,11 تموز / يوليو

6 نصائح ذهبية لتكوني صديقة زوجك المُقربة

GMT 12:59 2021 الثلاثاء ,02 شباط / فبراير

مصر تعلن إنتاج أول أتوبيس محلي من نوعه في البلاد

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

استغلال وتزيين مساحة الشرفة المنزلية الصغيرة لجعلها مميزة

GMT 21:49 2022 الأربعاء ,11 أيار / مايو

عراقيات يكافحن العنف الأسري لمساعدة أخريات

GMT 12:22 2022 الأربعاء ,06 تموز / يوليو

أفضل العطور النسائية لصيف 2022

GMT 21:09 2023 الأربعاء ,03 أيار / مايو

القماش الجينز يهيمن على الموضة لصيف 2023

GMT 17:08 2022 الأحد ,06 آذار/ مارس

اتيكيت سهرات رأس السنة والأعياد

GMT 21:25 2021 الأحد ,10 كانون الثاني / يناير

لا تتردّد في التعبير عن رأيك الصريح مهما يكن الثمن

GMT 06:17 2014 الثلاثاء ,21 تشرين الأول / أكتوبر

السيسي يجدد دماء المبادرة العربية

GMT 09:55 2024 الأربعاء ,23 تشرين الأول / أكتوبر

المغربي سعد لمجرد يُروج لأغنيته الجديدة "صفقة"

GMT 08:41 2023 الأربعاء ,22 آذار/ مارس

مكياج مناسب ليوم عيد الأم
 
lebanontoday
<

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

lebanontoday lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday lebanontoday lebanontoday
lebanontoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
lebanon, lebanon, lebanon