بقلم - عبير بشير
يعيش العالم كله في حالة حظر تجول، وحجر صحي، وحده «كورونا « هو الذي يتجول بحرية، وينتقل من مكان لآخر، ويدور حول أقطار العالم في لمحة بصر.
وعلينا أن نشهد «بعدالة» كورونا، فهو يتعامل مع الناس سواسية، فلا يفرق بين الرئيس والرعية، ولا بين الأغنياء والفقراء، ولا بين الأمم المتقدمة التي تغزو الفضاء، والأمم المتخلفة.
لقد اعتاد العالم على ظهور الفيروسات فيما سبق، وكان قادرا على احتوائها ومكافحتها نظراً لتشابه خلاياها الوراثية مع خلايا الأجيال السابقة، ولكن كورونا ووفقا للعلماء أحدث طفرة وراثية غير متوقعة، حيث يحمل زوجاً من الخلايا الوراثية مختلفة التركيب بعكس كل الفيروسات التي تحمل خلايا وراثية من نوع واحد.- وهذا ربما بسبب العبث بالمناخ، والإسراف باستخدام المبيدات الحشرية، والمضادات الحيوية- وهو ما يفسر خطورة الفيروس وما يجعل من مقاومته أمراً صعباً.
وتعد التوعية والتثقيف الصحي مهمة جداً، في الحد من انتشار الوباء، والوقاية منه، وفي تسكين حالات الهلع التي تصيب الناس، جراء المعلومات المغلوطة، والمضخمة بشأن فيروس كورونا، وأسباب انتشاره.
وعلينا أن نعرف بأن فيروس كورونا من الأمراض غير القاتلة بنسبة كبيرة، ولكن نظراً لخاصية الانتشار السريع بمعدل 1.5 إلى 3.5، أي أن كل شخص مصاب ينقل العدوى إلى شخصين أو أكثر، ما يجعل عدد المصابين أعلى وبالتالي ارتفاع عدد الضحايا، وتصل نسبة الحالات المميتة من نصف بالمائة إلى 3.4، حسب الدراسات الطبية التي صدرت مؤخراً.
ويشترك فيروس كورونا في العديد من الخصائص مع نزلات البرد، ما يجعل من الصعب معرفة ما إذا كنت مصابا بالمرض الفتاك أم بالأنفلونزا. ولكن القاعدة الأهم، هي وجود الأعراض مع معلومات أو شكوك حول اختلاط مع أشخاص يعانون من المرض، أو قادمين من دول تعتبر أنها تعاني من تفشي المرض، ويكون الحسم، للفحوصات المخبرية.
ويعتقد العلماء، أن فيروس كورونا، ينتقل عبر الرذاذ والقطيرات الناتجة عن السعال أو العطاس، وكذلك عن طريق المصافحة، وملامسة الأسطح الملوثة بإفرازات جهاز التنفس واللعاب، بالإضافة إلى مؤشرات للانتقال بإفرازات الجهاز الهضمي.
وحذر رئيس الأطباء في إنجلترا، البروفيسور كريس وايتي، من أن القطيرات يمكن أن تعيش في الحافلة أو على «درابزين» وسائل المواصلات لمدة تصل إلى 3 أيام.
وأثارت دراسة، أجراها علماء من مركز مكافحة الأمراض في جامعتي كاليفورنيا وبرينستو أن فيروس كورونا يتمتع بقابلية للبقاء والانتقال في الهواء، الذعر لدى قطاعات واسعة من الناس. واستخدم الباحثون البخاخات لنشر الفيروس في الهواء، واكتشفوا من خلال هذه التقنية أن آثاراً للفيروس على شكل هباء، أي جزيئات معلقة في الهواء، بقيت في الأجواء لمدة ثلاث ساعات. الدراسة، الممولة من الحكومة الأميركية واجهت بعض الانتقادات، إذ يرى الخبراء أن استخدام البخاخات لا يُحاكي سعال المريض بشكل فعال.
وحسم المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية لشرق المتوسط، الجدل بشأن انتقال الفيروس عبر الهواء، بالقول إنه لا يوجد دليل يثبت أن فيروس كورونا #COVID19 ينتقل بالهواء، بل ينتشر عن طريق القطيرات والمخالطة ويمكن منعه بنظافة اليد والجهاز التنفسي والمباعدة الاجتماعية.
ولفهم مدى خطورة وباء كورونا، فقد أظهرت دراسة في مستشفى جامعة ووهان في الصين، على 44 ألف مريض، أن المرضى ينقسمون إلى ثلاثة أقسام: القسم الأول، وهو يشكل 81 % من نسبة العدد تحت الدراسة، وهم يعانون من أعراض خفيفة تشبه أعراض الزكام العادي، ويتعافون منها بانقضاء الأسبوع الأول..والقسم الثاني، وهو يشكل 14 %، وهم يعانون، من حالات شديدة، ولكن ليست حرجة.
والقسم الثالث، وهو يمثل 5% ويعانون من حالات حرجة، وهم أغلبهم من كبار السن، وأصحاب الأمراض المزمنة، ومن المدخنين الشرهين، حيث يصلون إلى الالتهاب الرئوي الحاد- وهم يحتاجون إلى عناية طبية فائقة، وأجهزة التنفس الصناعي، وبلغت نسبة موت المرضى في هذه الحالة 52% بغض النظر عن وجود أفضل الخدمات الطبية، وهذا لا يعتمد على عمر المريض.
ووجدت أبحاث جديدة أن السعال الجاف وضيق التنفس الحاد، وارتفاع حرارة الجسد، وآلام العضلات، ليست الأعراض الوحيدة التي تثير الاشتباه بأن شخصاً أصيب بفيروس كورونا، وأنه ربما ينبغي الالتفات إلى أمور أخرى، فمشاكل في الجهاز الهضمي مثل الإسهال، التقيؤ وفقدان الشهية قد تكون مؤشراً لمرض كوفيد – 19.
كما يحذر اختصاصيون حالياً من عرَض آخر متصل بكوفيد-19 يكمن في فقدان حاسة الشم والتذوق. وأفاد نائب وزير الصحة الفرنسي جيروم سالومون لدى عرضه التقرير اليومي بشأن الفيروس في فرنسا، أن هناك الكثير من الحالات التي تتمثل في «فقدان مفاجئ» للشم من دون انسداد في الأنف، وتترافق أحيانا مع فقدان حاسة التذوق، وذلك بصورة معزولة مع أعراض أخرى متصلة بالفيروس.
ومع بدء تفشي فيروس كورونا في العالم، كان المرض مصدر قلق بشكل رئيسي لأولئك الذين تزيد أعمارهم على 70 عاماً، أو الأشخاص الذين يعانون من أمراض مزمنة، لذلك كانت هذه هي المجموعات التي تم حثها في البداية على «التباعد الاجتماعي».
غير أن أستاذ علم الفيروسات الجزيئية بجامعة نوتنغهام، جوناثان بول. يؤكد أن فكرة أن «فيروس كورونا الجديد يهدد فقط كبار السن وذوي الأمراض المزمنة هي تبسيط مفرط». فقد أشارت الدراسات الطبية إلى أن الشباب والأطفال يصابون بالفيروس ولكن بشكل أقل بكثير من الآخرين، أو قد يصابون بالفيروس، ولكن لا تظهر عليهم الأعراض، بالحدة التي تظهر على المسنين، ويتم الخلط بينها وبين نزلات البرد المعتادة من الإنفلونزا. وبذلك يمكن اعتبار الشباب والأطفال «الناقل غير المرئي» لفيروس كورونا، وقد يكونون مفتاحاً أساسياً و»وصلات مهمة» في سلاسل انتشاره في المجتمع وهنا مكمن الخطورة.
وقد حذرت منظمة الصحية العالمية «نظرتنا لتطوير لقاح لفيروس كورونا سيستغرق سنة الأقل».
وأضاف كبير خبراء الطوارئ في المنظمة مايك رايان «إن ما نحتاج إليه بحق هو العثور على المرضى ومن يحملون الفيروس وعزلهم والعثور على من خالطوهم وعزلهم أيضا».
غير أن الأهم هو تطبيق العزل الاجتماعي الوقائي على أنفسنا وأسرنا، وفرض الحكومات للعزل الإلزامي، ومنع التجمعات العامة والخاصة، وهذا ما بادرت له السلطة الفلسطينية مشكورة.
درهم وقاية خير من قنطار علاج - خليك بالبيت.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
المراجع الطبية: د. فرج أبو راضي - أخصائي في مستشفى رفيق الحريري الجامعي.