بقلم - زياد خدّاش
قبل سنوات وصلتني رسالة على الهاتف الخلوي من رقم مجهول: حبيبتك ستتناول هذه الظهيرة طعام الغداء مع ابن رجل أمن كبير، في مطعم (دارنا).
كنت عاشقاً بائساً وشرساً ولا أتحمل مجرد تخيلها تجلس مع أحد غيري، وكان خيالي المريض يجعلني أراها مع أشخاص أعرفهم لكنها لا تعرفهم ولا هم يعرفونها، فأتقاتل معها على مجرد أفكار خيالية تجري في رأسي، اقتحمت (فورداً) في المخيم كان يقف بانتظار الركاب دافعاً للسائق أجرةَ السبعة ركاب، وقلت له وسخونة حارقة تأكل جسمي كله، (بسرعة على مطعم دارنا).
وقفت نازفاً آخر أنفاسي أمام المطعم تحت شجرة، رأيتها تضحك مع ابن رجل الأمن الكبير، وسمعت صوت معالق الغَداء الفاخر، كان جسمي يغلي حرارةً وعرقاً، دخلتُ المطعم من بوابته الجانبية مسرعاً، رأيت عطا صديق الطفولة وجاري وابن صفي وكان كبير النادلين.
- اوعَ تسألني ليش، من هلأ أنا نادل هنا جديد لمدة نصف ساعة.
كنت متأكداً أنه لن يرفض، فهو عاشق سري لأختي التي كشفت لي عن رسائله لها ورغبته في الزواج منها، ألبسَني عطا لباس النادلين وزوَّدني بطاقية صوفية ونظارة طبية واتجهت إلى حيث يجلس المجرمان، وكانت مفاجأة: حبيتي تجلس مع عز، صديقي معتوه المخيم الذي يلاحق الفتيات ويتنكر بأسماء عديدة، مرة ابن صاحب مول تجاري كبير ومرة ابن وزير ومرات عديدة رجل أمن ومرة شقيق سفير، أو ابن صاحب عقارات ومرة صاحب إذاعة شهيرة. في كل حالات تنكُّره كان عز ينكشف ويدخل السجن معاقَباً على أفعاله، وكانت خفةُ دمه وكونُه ابنَ شهيد كبير يشفعان له أحياناً عند بعض المسؤولين فيخرج متعهداً عدم تكرار الانتحال ولكن دون جدوى.
ما الذي يمكن أن يفعله كاتب أمام بطل من أبطال رواية يكتبها يخرج من ذهنه خلسة في قيلولة مخيم، مستغلاً معرفته الكاملة بأخباره وأسرار حياته ليحاول سرقة حبيبته؟، خلعتُ الطاقية ونزعتُ النظارة.
- يلا معي يا عز.
صُعق عز من وجودي، وسقطت الملعقة من يد الحبيبة.
نهض عز وهو يعتذر: كان تدريباً، والله كان تدريباً على فعل الانتحال الكبير الذي تجهزه لي.
على باب مطعم دارنا كان عطا يلحق بي مضطرباً ويهمس في أذني، أستاذ في إمكانية أزورك أنا وأبوي الليلة؟